كتبت: شيماء محمد استيقظ العالم منذ عدة أيام على خبر اقتصادي مهم، وهو أن شركة "شل" أكبر شركات النفط في العالم قد استأنفت شراء النفط الخام الإيراني لتصبح ثاني شركة نفط كبرى بعد توتال تستعيد العلاقات التجارية مع طهران إثر رفع الحظر. وبالرجوع إلى تاريخ النفط في إيران، نجد أنه في القرن الماضي كانت إيران واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، وذلك لما تمتلكه من إمكانيات كبرى من النفط والغاز، وقليلة هي الدول التي تملك الاثنين معًا، وأيضًا هنالك الكثير من الغموض الذي يحيط بالكمية الفعلية التي تملكها إيران من النفط . وأثناء الحربين العالميتين، كانت أوروبا تستخدم النفط الإيراني في تلك الحروب، لكن أثار ذلك استياء الشعب الإيراني آنذاك - فقرر رئيس الوزراء الإيراني عام 1951 طرد الشركات الأوروبية التي تعمل في مجال استخراج النفط من إيران - لتصبح بذلك أول مرة لخروج الشركات الأوروبية من سوق إيران النفطي، لكن عادت تلك الشركات مرة أخرى بعد الثورة الإسلامية، وسرعان ما انتهى عملها في إيران والسبب كانت العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة على طهران. بدأت الولاياتالمتحدة في فرض الحصار الاقتصادي على إيران ومقاطعة النفط الإيراني منذ عام 1979على إثر احتلال بعض الطلبة الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران ثم عادت الولاياتالمتحدة لتشدد تلك العقوبات في عام 1992K فقررت معاقبة كل من يساعد إيران من أشخاص أو شركات - وفي عام 1995 منع الرئيس الأمريكي "بيل كيلنتون" التجارة والاستثمار في طهران منعًا باتًا - وفي عام 2002 عندما أعلنت إيران عن برنامجها النووي وعقب محادثات الوكالة الدولية الذرية وعدم التوصل لحل، أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات جديدة على إيران وحظرًا على صادرات النفط الإيرانية، لذلك شهد سوق النفط الإيراني بعد كل تلك العقوبات هبوط حاد وصل في عام 2014 إنتاج 2.8 مليون برميل يوميًا بدلًا من 3.6 مليون برميل يوميًا في 2010 كل تلك العقوبات أثرت على اقتصاد إيران وإنتاجها النفطي وعلى تطوير حقولها النفطية ولم يتبقى لطهران إلا الهند والصين لتوريد النفط لها، فالصين كانت أكبر مستورد للنفط الإيرانى خلال العقوبات. لكن بعد جهود الرئيس روحاني والاتفاق النووي الجديد - تبدلت الأحوال ووصل البترول الإيراني إلى أوروبا بعد سنوات من العقوبات، لكن ذلك الأمر خلق تخوف لدى دول الخليج المنتجة للنفط، فصرح وزير الطاقة الإماراتي "سهيل بن محمد المزروعي" في لقاء صحفي، أن ضخ كميات إضافية من النفط سوف يضر السوق (إشارة منه إلى إيران). وتابع قوله: إن "إيران عضو في منظمة الأوبك ولها الحق في ضخ ما تشاء من كميات من البترول، لكن لدينا بالفعل تخمة في المعروض وذلك سيزيد الحال سوءًا". ويقول الخبراء في مجال النفط: إن "عزم إيران ضح كميات كبيرة من النفط سيؤثر بشكل مباشر على صادرات الخليج خاصة السعودية(، وذلك سيضاعف الكارثة الاقتصادية لدى دول الخليج التي تعاني من آثار سلبية في الميزانيات العامة بسبب هبوط النفط. فيما يبدو أن إيران لا تبالي بكل ذلك، وتريدها حربًا نفطية مع دول الخليج - فبعد شهر واحد من رفع العقوبات جزئيًا عن إيران، أعلن وزير النفط الإيراني "بيجن زنغته" أن بلده ستغزو العالم بنفطها. بينما نوه مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية "محسن قمصرى" إلى أن طهران أبرمت عقودًا لتصدير النفط لمعظم بلاد أوروبا، وأن الصفقات المبرمة تبلغ نحو 600 ألف إلى 700 ألف برميل يوميًا، موضحًا أن 80% منها دخلت حيز التنفيذ بالفعل. ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل أعلن مساعد وزير النفط أن إيران تسعى إلى رفع حجم تكريرها من النفط الخام، إضافة إلى تطوير حقول ومصافي البترول. وأشار إلى أن مصفى "نجم الخليج الفارسي" سيدخل الخدمة في مارس 2017. لكن من جانب أخر يجد خبراء النفط، أنه من الصعب أن تحقق إيران كل تلك الأرقام المعلنة، وأن العودة لمرحلة تصدير ما قبل العقوبات صعب الوصول لها قبل 2017 ويرجع السبب في ذلك لعدة أسباب أهمها -: -أن البنية التحتية لشركات النفط الإيرانية تضررت بشكل كبير بسبب العقوبات التي فرضت على طهران، فقد أدت تلك العقوبات إلى حظر إيران من استيراد التقنية الخاصة من قطع غيار وصيانة للمنشآت النفطية ومواصلة الإنتاج بشكل متطور، وتلك الأمور تحتاج لأموال استثمارية كبيرة. ويرى الخبراء أيضًا أنه على طهران تقديم عقود تجذب الشركات الأوروبية لتحفيز تلك الشركات على الاستثمار في مجال النفط الإيراني، ويبدو أن إيران مدركة لذلك فتعمل وزراة النفط الإيرانية على إبرام عقود بشروط ضريبية جذابة