اقتضت ضرورات الواقع السياسى من الفريق أول عبد الفتاح السيسى التعبير بصراحة عن موقف أكثر قوة وصراحة تجاه الأحداث الجارية بعد أن بدأت تلوح فى الأفق نذر توشك مضاعفاتها أن تؤدى إلى صراع داخلى قد تتطور والعياذ بالله إلى حرب أهلية، تأتى على الأخضر واليابس، وتبدد كل قوى المجتمع والدولة، ومنها القوات المسلحة التى استطاعت أن تخرج دائما من أزماتها وأزمات الوطن وتحولاته سليمة متعافية لذلك لم يكن السيسى مبالغا حينما قال «الجيش المصرى هو كتلة واحدة صلبة ومتماسكة، وعلى قلب رجل واحد يثق فى قيادته وقدرتها» وكان واعيا وصادقا عندما أوضح فى عبارة بليغة «إرادة الشعب المصرى هى التى تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدى على إرادة الشعب». ولقد أثبتت حكمة التاريخ أن الجيوش التى تعتمد على الأنظمة تزول وتذهب أدراج الرياح، بينما تبقى وتتعزز وتقوى الجيوش التى تستمد شرعية وجودها من الشعب. كان الرجل ثاقب النظر واضح الرؤية لما يتهدد القوات المسلحة المصرية المؤسسة الوطنية التى يستمسك بها الآن الشعب المصرى بكل قوة، لأنها استطاعت أن تحافظ على سلامتها وقوة بنيانها المادى والمعنوى رغم الضريبة الفادحة التى دفعتها بعد أن أوكل الرئيس السابق حسنى مبارك إدارة البلاد فى فترة انتقالية شديدة التعقيد، إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى لم يكن من ضمن مقتضيات واجباته العمل السياسى، وبالأخص فى مرحلة انتقالية مرتبكة وملتبسة أنتجت أخطاء سياسية. وهكذا أثبتت القوات المسلحة بعد أن عادت إلى ثكناتها واستعادت عافيتها بالفعل لا بالقول وبالأداء لا بالشعارات أنها نتاج الشعب المصرى الذى لم ينحن عبر التاريخ للمحن أو محاولات النيل من مكانته، لكن ما يحدث الآن للأسف من بعض قوى الإسلام السياسى التى تحاول بكل الخسة والوقاحة أن تنال من الشعب بتسفيه القوات المسلحة وأن تقلل من قدرها رغم الإنجاز العظيم الذى حققته فى استعادة عافيتها انطلاقا من روح المسؤولية نحو الوطن وتجاه الشعب الذى جدد الاحترام والمحبة والاعتزاز بجيشه المجيد بعد سحابة صيف عابرة امتطاها المغرضون الذين يحاولون بأى وسيلة رخيصة وصغيرة التطاول على القوات المسلحة وتسفيه قيمتها كعامل أمان موثوق فيه لدى أبناء هذا الوطن، وهذا ما صاغه السيسى بكلمات متينة وراسخة تحمل روح الحكمة وبعد النظر لدى المصريين حينما قال «الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هى إساءة للوطنية المصرية والشعب المصرى بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه، ولن تقف القوات المسلحة صامتة بعد الآن على أى إساءة قادمة تُوجه للجيش، وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومى المصرى». هنا يبرز فى مجال الحديث سؤال هام: لماذا دأبت تيارات الإسلام السياسى، وعلى رأسها الإخوان المسلمون على تكرار محاولاتها الفاشلة للنيل من القوات المسلحة والإجابة هى: لدى الإخوان المسلمين أيديولوجية خرقاء تجرى وراء وهم استعادة دولة الخلافة الإسلامية التى تتحول الجيوش فيها إلى أدوات فى أيدى الخليفة ولا انتماء أو علاقة لها بالشعوب. لذلك يصبح من الضرورى إفراغ الجيش المصرى من عقيدته التى غرست فيه من أيام الفراعنة باعتباره مؤسسة وطنية. يسعى الإخوان المسلمون من خلال توجيه الإهانات المستمرة للقوات المسلحة إلى الحط من شأنها على المدى الطويل فى محاولة لعزلها عن الشعب وإفقادها ثقتها بنفسها. إذا نجح هذا المخطط تبدأ عملية أخونة الجيش. وإذا نجحت أخونة الجيش يتم تهميشه بعد الانقضاض عليه وتفتيت قواه. الخطوة الأخيرة تتمثل فى إنشاء حرس وطنى يقتصر تشكيله على عناصر الإخوان المسلمين فقط ذات الولاء الكامل للخليفة أو المرشد فقط. هنا يظهر السبب فى عداء تيارات الإسلام السياسى، وعلى رأسها الإخوان المسلمون للقوات المسلح المصرية رغم أنها تقف على الحياد تماما منذ انتخاب الرئيس مرسى وإعلان قادتها مرارا وتكرارا أنها تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية.