«الحرب من أجل العالم العربي».. كان هذا عنوان مقال مارك لينش بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، قال فيه إن ضغائن المسلمين السنة والشيعة هي أقل مشكلات الشرق الأوسط إلحاحا، لكن الصراع داخل العالم السني هو الذي سيحدد المنطقة السنوات المقبلة. لينش تابع أن الكوابيس التي تحدث في سوريا أثارت مخاوف من انتشار الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة عبر الشرق الأوسط، وأججها عدد القتلى المتزايد في العراق، المواجهة الكئيبة في البحرين، والتوترات التي على ما يبدو لا يمكن احتوائها في لبنان. مضيفا أن كثيرين يرون أن هذه الطائفية هي الرواية الرئيسية الجديدة التي تعيد صياغة سياسة المنطقة. لينش طلب من القارئ التفكير في التعاطف العربي العميق حيال القضية الفلسطينية الذي لم يسفر عنه في الواقع إجراء عربي رسمي فعال أو موحد. متسائلا: «هل تضامن السنة سيكون فعالا بعد الآن؟». ومضى قائلا إن الرواية الطائفية تضفي غموضا على الخطوط العريضة الأكثر أهمية للصراع في الشرق الأوسط، بدلا من أن تكشفها. متابعا أنه سيتم تحديد الفترة المقبلة من خلال التنافس بين المتنافسين المحليين (معظمهم من السنة) على السلطة في الدول التي تمر بمراحل انتقالية غير مؤكدة بشكل جذري، والذين يتظاهرونبالقيادةالعربيةالإقليمية (معظمهم أيضا من السنة). لينش لفت إلى أنه من المحتمل أن تزيد المنافسة بين الأنظمة والحركات السياسية «السنية» وقد تصبح أكثر شدة مع تعمق قصة الطائفية. موضحا أن الهوية السنية بالكاد توحد مصر أوليبيا أو تونس، حيث قال: «فقط ألق نظرة على الجدل السياسي الصاخب في كل دولة من هذه الدول». صعود الحركة الإسلامية منذ ثورات الربيع العربي، وخصوصا الظهور العام للاتجاهات السلفية المتحيزة ضد الشيعة بصورة كبيرة، قدم بالطبع حافة جديدة للطائفية في المنطقة، بحسب الكاتب. أضاف لينش أن الإخوان المسلمين والسلفيين على خلاف غاضب في مصر، بينما يفرض حزب النهضة التونسي إجراءات صارمة على منافسيه من السلفيين. لافتا أن الأنظمة الإسلامية في مصر وتونس قسمت السنة العرب بشدة أكثر من توحيدهم، معادية السعوديين والإماراتيين بدلا من توحيدهم حول الهوية السنية. وتابع أن الساحات السياسية الجديدة، مثل الحرب السورية، وفرت فرصا جديدة لتنافس زعماء المنطقة مع كلاهما الآخر. وتابع أن المنافسة التقليدية بين قطر والسعودية في سوريا؛ التنافس بين شبكات الجماعات الثورية التابعة لهم، كانت أحد العوامل الأساسية لإعاقة المعارضة السورية. بحسب لينش، وجد المستبدون العرب وخصوصا في دول الخليج التي تضم عددا من الشيعة، التوترات الطائفية بين الشيعة والسنة طريقة مفيدة لإلغاء شرعية المطالب السياسية للمواطنين الشيعة. أخيرا قال لينش إن الأنظمة العربية تستغل «بسعادة» أهوال حرب سوريا لتبرير رفضها للإصلاح، حيث يقولون «أنظروا كيف قد تسوء الأمور». مضيفا أن التحول إلى نظرة طائفية عالمية بين الشعوب العربية، لا يتضح في حمامات الدماء السورية بل في اللافتات المتعصبة في مصر وإحراق بيوت الشيعة في جنوب الأردن.