تصطدم أعمال الفنانين المصريين والعرب الجريئة والمنفتحة بالعديد من المعوقات والاتهامات المعدة لهم سلفًا، حيث إنه في المجتمعات العربية هناك العديد من الحسابات الأخرى التي تقيم بها الأمور بعيدًا عن حرية التعبير وحرية التناول الفني. وتتجلى هذه المعوقات في كم الاتهامات التي يتعرض لها أي فنان يجسد شخصية دينية أو ملتزمة، أو حتى عندما يستعين بمظهر رجال الدين في بعض المشاهد، فلهذا الأمر مقاييس أخرى عند المشاهدين ورجال الدين تختلف كليًّا عن الحسابات الفنية. وواجه العديد من الفنانين المصريين تهم ازدراء الأديان وبخاصة "الإسلام" لأسباب مختلفة ومتعددة، أحدها قد يكون بسبب مشهد عابر أو خطأ فني غير مقصود، أو تجسيد فنان ما لشخصية دينية ذات قيمة، ولعل أشهرهم الزعيم عادل إمام الذي كان معرضًا للسجن بسبب أعماله التي ناقشت الدين، والفنان الراحل يوسف وهبي الذي كان يستعد لتجسيد النبي محمد، وغيرهم من الفنانين. ونستعرض خلال التقرير التالي أبرز الفنانين المصريين والعرب، الذين تعرضوا لتهم ازدراء الأديان لأسباب مختلفة. عادل إمام واجه الزعيم عادل إمام اتهامًا بازدراء الدين الإسلامي وإهانته للزي الشرعي والجلباب، وذلك بأثر رجعى عن مجمل أعماله الفنية التي قدمها، بالإضافة إلى اتهامه بالسخرية من الشرع وتعاليم الإسلام. وتقدم المحامي عسران منصور برفع دعوى قضائية ضد عادل إمام برقم 24215 لسنة 2011، وصدر حكم غيابيّ على الزعيم بالحبس 3 أشهر. وأعلن القضاء بعد ذلك براءة الممثل عادل إمام من القضية ورفض الدعوى المدنية، وحددت كفالة مالية قدرها 100 جنيه لوقف تنفيذ الحكم لحين البت في الاستئناف. وقال الزعيم بعدها في تصريحات صحفية له: "أنا مش خايف على حرية الفن أو الفنانين، ومش قلقان من التيارات الإسلامية"، وعن إمكانية رحيله من مصر قال "إمام": "أمشي إزاي، مصر مش هتسيبني لا أنا ولا أي فنان تاني نمشي". يوسف وهبي يعد الفنان الراحل يوسف وهبى من الرواد في هذه النوعية من القضايا، حيث اتهم في عام 1926 بازدراء الإسلام والإساءة إليه، بعدما حاول تجسيد شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام فى السينما بالتعاون مع المخرج وداد عرفى. وواجه حينها انتقادات شديدة من علماء الأزهر وسارع بعض رجال الدين لمحاكمته واللجوء إلى القضاء واتهامه بالإساءة إلى الرسل والأنبياء والإسلام٬ لولا أنه سارع من جانبه ليقدم اعتذارًا علنيا عن فكرته، خاصة بعد تهديد الملك فؤاد بحرمانه من الجنسية المصرية. يوسف شاهين الأمر بالنسبة ل"شاهين" لم يكن مجرد اتهام، بل كان حربًا شرسة، خاصة أنه من نوعية الفنانين الذين لا يتراجعون عن وجهاتهم الفنية، فأثناء تصويره فيلم "المهاجر" الذى قيل حينها إنه استوحى القصة من حياة سيدنا يوسف عليه السلام٬ رفضه الأزهر باسم سيدنا يوسف، ثم عاد وغيّر فى شخصياته وقدمه للأزهر والرقابة ووافقت عليه. وثار بعض الإسلاميين المتشددين على الفيلم ورفعت عدة قضايا ضده واتهم بالإساءة إلى صورة الأنبياء٬ إلا أن المخرج العالمي حصل على حكم بعرض الفيلم مرة أخرى. مصطفى العقاد تعرض العقاد للاتهامات ذاتها عند إخراجه لفيلم "الرسالة، إلا أن الاختلاف الوحيد هنا يكمن في أن الفيلم بالفعل منع عرضه لمدة سنوات في مصر والدول العربية، ولكن في وقت لاحق تمت إعادة النظر في الفيلم مرة أخرى وتم عرضه في بعض القنوات الخاصة المصرية. ولم يسلم أيضًا المطربون من هذه التهم التي أصبحت آفة تصيب الجميع، فبعيدًا عن السينما والتليفزيون، واجهت العديد من الأغنيات التهم ذاتها وللأسباب ذاتها أيضًا. وجدي ماسكوت تم اتهام المطرب التونسى وجدى ماسكوت بإهانة الدين الإسلامي فى أغنية "انتخبوني"، حيث صور الإسلام كشخصية رجل دينى يرتدى جلبابًا ولحية ويتقدم للانتخابات ضد مرشح يساري. ودافع "ماسكون" عن أغنيته، وأوضح أنه كان يريد فقط نبذ التطرف الديني بشتى أشكاله، من خلال تجسيد كاريكاتير لشخصيتين سياسيتين٬ إحداهما لإسلامي متطرف٬ والثانية ليساري متشدد٬ يطلبان من التونسيين انتخابهما متفاخرين بأجندتهما الانتخابية. نجوى كرم شهدت أزمة الفنانة اللبنانية مرحلة جديدة من الاتهامات بعد اتهامها بالإساءة إلى الإسلام فى أغنية "لشحد حبك" التي غنتها للذات الإلهية، واتهمت أيضًا بالشرك. ودافعت "نجوى"، عن نفسها وأشارت إلى أنها لم تقصد الأمر٬ ولكن الأغنية تم منعها من العرض على القنوات العربية. محمد رمضان أثارت أغنية "الحسن والحسين" من فيلم "عبده موتة" للفنان محمد رمضان لغطًا كبيرًا، بعدما تعرضت الأغنية إلى آل البيت، وبخاصة رقص "رمضان ودينا" على الأغنية وعلى كلمات "يا طاهرة يا أم الحسن والحسين". وواجه رمضان العديد من الاتهامات بازدراء الأديان والإسلاءة لآل البيت، حتى اعتذر عن هذا الخطأ، وقام السبكي منتج الفيلم بحذف هذا الجزء من العرض. مروى واجهت الفنانة اللبنانية مروى أيضًا التهمة نفسها بسبب كلمات أغنية "متجوزاه"، التي تقول فيها "ومقام سيدنا الحسين لمتجوزاه ..وهاعيش حياتي معاه". وتعرضت وقتها لحملة هجوم عنيفة من رجال الدين الذين وصفوا الأغنية بالمهينة، إلا أن مروى لم تعلق على هذا الهجوم والتزمت الصمت. شعبان عبد الرحيم انتشر منذ فترة طويلة مقطع فيديو للفنان شعبان عبد الرحيم وهو يتلو القرآن وتحديدًا صورة الفاتحة ولكن بأسلوب غنائي، حيث قام بقراءة القرآن بألحان مختلفة، مما عرضه لهجوم كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستخفافه بالقرآن. الأمر لم يتوقف عند مواقع التواصل، حيث تقدم أكثر من محام ببلاغ ضده يتهمه بإهانة الدين الإسلامي، إلا أن شعبان دافع عن نفسه قائلًا: "أنا راجل عارف ديني كويس ودافعت عن الإسلام في أكثر من أغنية قدمتها في حياتي، وماينفعش حد يتهمني بكده". أحمد سعد واجه سعد الانتقادات التي طالت الفنان الشعبي شعبان عبد الرحيم، بعد تلاوته للقرآن وكأنه موال شعبي، خلال لقائه ببرنامج "آن الآوان"، مع الإعلامية هالة سرحان على فضائية "المحور". واستنكر المشاهدون أسلوب تلاوة "سعد" للقرآن واتهموه بالإساءة والاستخفاف به، بعدما قام بغنائه بألحان مختلفة وكأنه أغنية شعبية. حكيم آخر ضحايا الازدراء حتى الآن الفنان الشعبي حكيم، الذي عرض له مؤخرًا آخر كليباته الغنائية "عم سلامة"، لم يكن يعرف أن لقطة عابرة وخطأ فنيا غير مقصود قد يعرضه لتهمة ازدراء الدين. ظهر حكيم في بداية الكليب وهو متكئ على جدار بالشارع ويضع قدمه عليه، إلا أنه بشكل غير متعمد كان يضع قدمه على جملة: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، مما عرضه لموجة كبيرة من الهجوم.