تقدُّم اليمين أدى إلى خيبة أمل المواطنين الذى أطاحوا به سابقًا لانتشار فساد حكومته فشلت الانتخابات يوم الأحد الماضى فى حل الأزمة السياسية المريرة فى بلغاريا، والأسوأ من ذلك هو الشعور الواضح بخيبة الأمل لدى معارضة حكومة يمين الوسط «جيرب» الذى يتزعمه رئيس الوزراء السابق بويكو بوريسوف. فى هذا السياق، قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إن استطلاعات رأى الناخبين أشارت إلى تقدم حزب يمين الوسط الذى استقال فى فبراير الماضى تحت وطأة احتجاجات حاشدة على تدنى مستوى المعيشة وانتشار الفساد، وحزبه غارق فى مزاعم فساد، فضلا عن تأكيد الحزب البلغارى الاشتراكى أنه سيسعى لعدم عودة بوريسوف للسلطة. لفتت الصحيفة إلى أنه بعد انتهاء التصويت تجمعت حشود خارج مركز الاقتراع فى قصر الثقافة بالعاصمة صوفيا لرفض أى محاولة جديدة لتشكيل حكومة جديدة بقيادة «جيرب»، بخاصة بعد سقوط الحكومة اعتراضا على الارتفاع الهائل فى فواتير التدفئة والطاقة، وهو ما خلق أزمة كهرباء واسعة النطاق، إضافة إلى الفساد المستشرى وتراجع مستويات معيشة المواطنين. تضيف الصحيفة البريطانية أن «من أبرز الخاسرين فى هذه المعركة الانتخابية رئيس الوزراء البلغارى إيفان كوستوف، وميجلينا كونيفا المفوضة السابقة بالاتحاد الأوروبى لحماية المستهلك، اللذين قدَّما استقالتيهما فى أعقاب الهزيمة الانتخابية، وناشدهما أنصارهما بالعدول عن الاستقالة والعمل من جديد». زعمت الصحيفة أن الانتخابات من المرجح أن تسفر عن برلمان معلق واستمرار حكومة التكنوقراط، بعدما حصل «مواطنون من أجل التنمية الأوروبية لبلغاريا» (جيرب)، الذى يمثل اليمين بنسبة 31.4 % من الأصوات، فى مقابل 27.3 % للاشتراكيين، و9,2 % لحزب حركة الحقوق والحريات الذى يمثل الأقلية التركية، و7,6 % لحزب «أتاكا» الذى يُعتبر خصم حزب اليمين اللدود. وأردفت «سيتحتم على الحزب اليمينى إجراء محادثات صعبة مع حزب الأقلية التركية وحزب (أتاكا) لتشكيل حكومة ائتلافية، لكن قياديين فى الحزبين الأخيرين استبعدوا التوصل إلى اتفاق مع الحزب الحاكم، الذى رفضه الحزب الاشتراكى أيضا، مما سيترك البلد الأفقر فى الاتحاد الأوروبى فى مواجهة أزمة برلمانية». ما سر العداء الشديد لحزب جيرب؟ شددت الصحيفة على أنه بدلا من مواجهة الفساد وعدم الكفاءة وتعزيز الإصلاحات والممارسات التجارية على نحو أفضل، استمر تسلط «جيرب» وخلق منافسات وعداوات، فضلا عن التقشف المالى الذى تعانيه البلاد والذى أثار أزمة اقتصادية عالمية، الأمر الذى أسفر عن اتساع نطاق السخط على النخبة السياسية. ذهب البعض إلى أن الأحزاب الرئيسية الأربعة هى فى الواقع مخالب الحزب الشيوعى البلغارى القديم، جنبا إلى جنب مع طبيعة السياسة البلغارية غير المستقرة بسبب وجود نقص وخلل بين المصالح السياسية والتمثيل السياسى، حيث يمثل الاشتراكيون الليبراليون الجدد، ولا يخجل الوسط من التسلط والجشع، واستعداد القوميون لبيع أنفسهم لمن يدفع أكثر واليمين التقليدى الذى يُعتبر كارثة بكل المقاييس وعدم قدرته على الاستمرار، الأمر الذى أسفر عن خيبة أمل الناخبين فى نهاية المطاف بسبب فوز من لا يرغبون فيه.. القلة، ومسؤولى الحومة الفاسدين وسماسرة السلطة.