في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار وتتآكل المرتبات بانحفاض قيمة الجنيه المصري ويزداد التضخم ومعه تزداد معاناة الاقتصاد المصري صعوبة وتعاني الدولة من عجز في الموازنة العامة وتزداد الضرائب فتثقل كاهل المصريين، وتمتنع الدولة عن تحصيل حقوقها من ضرائب على شركة مناجم السكري للذهب أو تتهرّب الشركة من دفع ما عليها.. سؤال مطروح للإجابة عنه. مخالفات شركة السكرى كثيرة، وتدار بطريقة عائلية، وكأنها مستعمرة داخل دولة محتلة، القانون ينص على أن يكون مقر الشركة في القاهرة, وما زال مقرها منذ نشأتها من عشرين عامًا في الإسكندرية بجوار سكن العائلة المالكة للشركة. المشكلة الأساسية هو عدم وجود شفافية في إدارة هذه الشركة. أنتجت الشركة نحو 56 طن ذهب مقابل مبيعات بمبلغ مليارَين و142 مليون دولار في 30 يونيو 2015.. والشريك المصري وهو هيئة الثروة المعدنية المصرية وهي جهة حكومية ما زالت مديونة! البداية حصلنا على أوراق من الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الثروة المعدنية تثبت مخالفات إدارية ومالية لشركة "السكري لمناجم الذهب"، وتتهم صراحة الشريك الأجنبي المهيمن على الإدارة (الشركة الفرعونية للراجحي) بمخالفتها شروط الاتفاقية، وفي الوقت نفسه ينكر الشريك الأجنبي (الأستاذ سامي الراجحي) هذه الاتهامات، ويصرّح من خلال لقاءات تليفزيونية موثقة بأن حجم المصروفات على المنجم والمصنع بلغ 450 مليون دولار، مقابل مبيعات تقدر بمبلغ 528 مليون دولار في المؤتمر الصحفي بغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، بحضور غرفة الصناعات البترولية في نهاية عام 2012، وأضاف في نفس المؤتمر أن هيئة الثروة المعدنية ستحصل على 300 مليون دولار سنويًّا من نصيبها من أرباح منجم الذهب، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى تاريخه. دارت مناقشات على صفحتى ب"الفيسبوك" حول منجم السكري وأرسل إليّ البعض روابط لصحف بها تصريحات للسيد رئيس هيية الثروة المعدنية في صحيفة "البورصة" بتاريخ 4 مايو 2014، يصرّح فيها بحجم المصروفات الذي بلغ مليارًا و500 مليون دولار، مقابل مبيعات بلغت مليارًا و400 مليون دولار حتى 30 يونيو 2013 (أى أن حجم المصروفات أكثر من حجم المبيعات ب100 مليون دولار حتى 30-6-2013)، وإجمالي ما حصلت عليه الدولة منذ تشغيله يبلغ 61 مليونًا و100 ألف دولار، منها 42 مليون و200 ألف دولار من الإتاوة على الإنتاج (الإتاوة تعني حق ملكية الدولة لأرض المنجم، ولا علاقة لها بالأرباح وتخصم من إجمالي المبيعات)، و18 مليونًا و900 ألف دولار تحت حساب الأرباح حتى 30 يونيو 2013. ونفس الصحيفة نشرت حوارًا لنفس رئيس هيئة الثروة المعدنية بتاريخ 14 سبتمبر 2015، صرّح فيه بأن قيمة المبيعات من إنتاج الذهب بلغت مليارَين و 142 مليون دولار حتى 30 يونيو 2015 مقابل مصروفات تبلغ مليارَين و136 مليون دولار حتى نهاية 2014، وإجمالي الإتاوة التي سددتها الشركة منذ بداية الإنتاج حتى نهاية يونيو 2015 هي 64 مليونًا و270 ألف دولار، و28 مليونًا و750 ألف دولار تحت حساب الأرباح، وأن عمليات تدقيق ومراجعة المستندات الخاصة ستنتهي قبل ديسمبر 2015 (المفروض هذه الأيام)، لتبدأ عمليات اقتسام الإنتاج بين الشركة والهيئة (في كل سنة تذكر هذه العبارة ولم تتحقق ونتمنى تحقيقها هذا العام). وبمقارنة حجم المصروفات التي بدأت منذ توقيع الاتفاقية بين الجانبَين المصرى والأسترالي (الشركة الفرعونية) في منتصف التسعينيات وطبقًا للتصريحات الثلاثة (واحد للشريك الأجنبى واثنان للشريك المصرى)، يتضح أن: أولاً- تصريحات الشريك الأجنبي في 2012: إجمالي المصروفات من البداية على البنية الأساسية للإنتاج والتشغيل وشراء المصنع وإنتاج 10 أطنان ذهب حتى نهاية 2012 (لمدة 16 سنة) هي 450 مليون دولار، مقابل مبيعات 528 مليون دولار, حقّق هامش ربح قدره 78 مليون دولار هو الفرق بين المصروفات لمدة 16 سنة والمبيعات. ثانيًا- تصريحات الشريك المصري في 2014: حتى 30 يونيو 2013 بلغت المصروفات مليارًا و 500 مليون دولار مقابل مبيعات 1 مليار و400 مليون دولار، أي تحقق خسارة قدرها 100 مليون دولار. ثالثًا- تصريحات الشريك المصري في 2015: حتى نهاية 2014 بلغت المصروفات مليارَين و142 مليون دولار، مقابل مليارَين و136 مليون دولار مبيعات، أي تحقق هامش ربح قدره 6 ملايين دولار فقط، وبغض النظر عن الإتاوة التي حصلت عليها الدولة التي تمثّل حقها منفردة من إجمالي الإنتاج. ومما سبق نخلص إلى النتائج التالية.. 1- ما حصلت عليه الدولة تحت حساب الأرباح هو مبلغ 28 مليونًا و650 ألف دولار، حسب تصريحات الشريك المصري، وبما أنه لم تتم محاسبة الشركة من سنة 1995 حتى 2015 (نحو 20 سنة تقريبًا) دون تدقيق ومعرفة الحسابات. 2- حصيلة ناتج الأعمال وبيع 56 طن دهب هو مبلغ 6 ملايين دولار أرباح، تقسّم على الشريكين بالتساوي, ليكون نصيب مصر 3 ملايين دولار, وبما أن مصر حصلت على 28 مليونًا و750 ألف دولار تحت حساب الأرباح، واستحقاقها من الأرباح 3 ملايين دولار, وبطرح مستحقاتها من الأرباح مما حصلت عليه من بند تحت الحساب، تصبح الحكومة المصرية ممثلة في هيئة الثروة المعدنية مدينة بمبلغ قدره 25 مليونًا و750 ألف دولار للشريك الأجنبي.
3- وبخصم الإتاوة (64 مليونًا و270 ألف دولار) والتي تمثّل 3% من إجمالي المبيعات (2 مليار و142 مليون دولار)، وهى مناصفة تصبح هيئة الثروة المعدنية (الحكومة) مدينة بمبلغ 57 مليونًا و 885 ألف دولار. شركة السكري لم تفحص ضريبيًّا حتى الآن، وهناك ضرائب لم يتم خصمها من المنبع من مقدّمي خدمات أجنبية، ويوجد بند واضح في الاتفاقية ينص على أن أي مخالفة أو تهرب ضريبي من قبل شركة العمليات (السكري) يعرض الاتفاقية للإلغاء. هل نستثمر لكي نكسب مالاً أم لنخسر أم لنزيد الديون على البلد أم يكفينا تعيين بعض العاملين وفتح بيوتهم على حد تعبير الشريك الأجنبي؟! وهل فرض الضرائب على المصريين بينما نترك الاستثمارات الأجنبية. ما زالت لدينا أوراق رسمية كثيرة تثبت مخالفات إدارة الشركة, لا نريد مما نكتب إلغاء التعاقد بين الشركة والحكومة المصرية، ولكن نريد احترامها الاتفاقية التي وقعتها.. فهل احترام القانون للمستثمرين اختياري وعلى المصريين إجباري؟!