المناظرة الثالثة لمرشحي الحزب الجمهوري المتنافسين على بطاقة الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، والتي كان الاقتصاد موضوعها الأساسي، كانت بمثابة امتحان حاسم بالنسبة إلى الكثير من المرشحين. وقد نجح عدد قليل من المرشحين في لفت الأنظار خلال المناظرة التي استضافتها ولاية كولورادو، واستغرقت ساعتين، وهو ما من شأنه أن يعزز وضعياتهم مع تبقي أقل من 100 يوم على بداية التصويت الفعلي في الانتخابات التمهيدية. كان السيناتور عن فلوريدا، ماركو روبيو، وحاكم نيوجيرسي كريس كريستي، والسيناتور عن تكساس، تيد كروز، والملياردير دونالد ترامب هم أبرز المرشحين الذين يمكن القول إنهم خرجوا منتصرين، بإجماع عدد كبير من وسائل الإعلام الأمريكية، بينما كان الخاسر الواضح هو جيب بوش، حاكم فلوريدا السابق. ورغم أن أداء بوش كان جيدًا في بداية المناظرة إلا أنه خسر كثير عندما هاجم سجل روبيو الضعيف في مجلس الشيوخ، وكان الرد قاسيًا من سيناتور فلوريدا الذي قال ل بوش: "أقنعك شخص ما بأن مهاجمتي ستساعدك.. هذا ليس صحيحًا"، وبعدها استغل روبيو المناظرة لتقديم نفسه على أنه المرشح الذي يدرك مخاوف الطبقة المتوسطة. وبالنسبة إلى كروز، الشخصية المحافظة، فقد قدَّم أفضل أداء له خلال المناظرة، من خلال ردوده المنظمة والدقيقة، وكذلك هجومه على مديري المناظرة من شبكة "سي إن بي سي"، وسخر كروز من الأسئلة الموجهة للمرشحين وعدم صلتها بموضوع المناظرة، قائلًا: إنها "توضح لماذا لا يثق الأمريكيون بوسائل الإعلام؟"، وسط صيحات تأييد من الحضور. وحقق كروز نجاحًا مزدوجًا، فقد هاجم عدوًا مشتركًا لليمين، ممثلًا في التيار الرئيسي لوسائل الإعلام، كما أكد شخصيته كمرشح يتجنب مهاجمة منافسيه، بل بدا أنه يدافع عنهم. أما الملياردير ترامب، فتمثل نجاحه في تقديمه لزاوية مختلفة من شخصيته خلال المناظرة، فابتعد إلى حد بعيد عن الأداء الاستعراضي والمسرحي، وبدا ترامب أكثر هدوءًا وتحفظًا، بل قدَّم الجانب الرئاسي من شخصيته، بحسب ما تقول شبكة (سي إن إن)، كذلك امتنع ترامب عن الانتقادات الشخصية للمرشحين الآخرين مثلما اعتاد في المناظرات السابقة. كانت النتيجة انتصارًا لترامب الذي قد يكون أجاب على مخاوف بعض الناخبين المتشككين في مدى تحكمه في انفعالاته ليكون بما يجعل منه رئيسًا. أما كريستي، حاكم نيوجيرسي، فكان يختار اللحظات المناسبة لتدخله خلال المناظرة، وكان يتوجه إلى الكاميرا مباشرة وهو يتحدث، كما لو كان يود نقل رسالته مباشرة إلى الناخب الأمريكي. ويمكن القول: إن شبكة "سي إن بي سي" التي أدارت المناظرة كانت من أبرز الخاسرين كذلك، حيث تعرض مديرو المناظرة إلى انتقادات قوية من عدد كبير من المرشحين بسبب الأسئلة التي اعتبروها "غير عادلة".