فرار الرئيس الباكستانى من المحكمة قبل اعتقاله اعتادت ذاكرتنا السينمائية على مشهد هروب المعتقلين أو السجناء من أماكن احتجازهم أو قاعات المحاكم، لكن الواقع أغرب أحيانا من الخيال، ومن لا يصدق هذا، عليه أن ينظر لما فعله الرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف الذى فر من قاعة المحكمة بعد إصدارها حكما ضده، وانطلق مسرعا فى سيارته برفقة فريقه الأمنى ليتحصن في مزرعته بأحد ضواحى إسلام آباد. المشهد غريب ومثير للسخرية، خصوصا حينما يصدر من رئيس دولة، من المفترض أن يكون مطيعا للقوانين ومنفذا لها بحكم مهنته، لكن ليس خافيا على أحد أن مشرف كان دائما رجلا ضد القانون وضد منظومة القضاء، ففى نوفمبر 2007 أعلن مشرف حالة الطوارئ وتعليق العمل بالدستور وإقالة رئيس المحكمة العليا وعدد كبير من القضاء، بسبب إفراجهم عن معارضين سياسيين كان قد تم اعتقالهم بسبب احتجاجهم على سياسات مشرف. لهذا لم يكن غريبا أن لا يمتثل الرئيس الأسبق للقوانين، التى يرى نفسه فوقها، ووفقا للقانون الباكستانى حينما يصدر القضاة مذكرة اعتقال فى المحكمة، فإنه من المعتاد تقييد يدى المتهم داخل القاعة، وهو ما استبقه مشرف باتخاذ خيار الهرب فى ظل خسارته المعارك القانونية التى يواجهها ورغبته فى تفادى الاعتقال منذ وصوله إلى البلاد. وكانت محكمة فى باكستان قد أصدرت مذكرة اعتقال للرئيس الباكستانى السابق، بسبب أوامر الإقامة الجبرية التى أصدرها ضد قضاة فى مارس 2003، وكان مشرف موجودا فى المحكمة العليا فى إسلام آباد حينما أصدر القضاة قرارهم، حيث كان يطالب بالإفراج عنه بكفالة فى هذه القضية، وعاد مشرف لإسلام آباد الشهر الماضى بعد 4 سنوات فى المنفى الاختيارى للمشاركة فى الانتخابات العامة الشهر القادم. المثير للسخرية أكثر أن مشرف الذى فر هاربا من قاعة المحكمة كعتاة المجرمين واللصوص، كان يأمل فى الترشح للانتخابات، المقررة فى مايو المقبل، لكن أوراق ترشحه رفضت، ومنع مسؤولو الانتخابات مشرف هذا الأسبوع من خوض انتخابات الجمعية الوطنية، مما أحبط محاولاته لاستعادة مكان فى الحياة السياسية، ويتوقع مراقبون أن يتصدر رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذى أطاح به مشرف فى انقلاب عام 1999 قائمة المرشحين لرئاسة الوزراء. ويواجه مشرف أيضا اتهامات بعدم توفير الأمن الكافى لرئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو قبل اغتيالها أواخر عام 2007، كما يواجه اتهامات فى ما يتصل بموت زعيم انفصالى فى إقليم بلوخستان بجنوب غرب البلاد. وينفى مشرف ارتكاب أى مخالفات.