عندما تنظر إلى السماء لا تدرك مباشرة أنها غلاف من الهواء حول الأرض، التى يصعب علينا أن نتخيل أنها كروية الشكل. الخدعة هنا أنها كرة كبيرة جدًّا بمقياس إدراكنا، وبالتالى يبدو جزء صغير منها بالنسبة لنا كأرض منبسطة، ولذلك ظن الأقدمون أن الأرض مسطحة، وظن من كانوا على مقربة من البحار أنها قرص يطفو على مُحيط من المياه. الغلاف الجوى يتكون من الهواء، ولذلك لا يرى فى العادة. لكنك يمكن أن ترى ما يحمله الهواء من غبار وقطرات ماء دقيقة وسحب. والهواء لا يُشم، لكنه حامل للروائح، وهو لا يُسمع، لكن تسمع حركة الريح الذى ينتقل به الهواء من مكان إلى مكان آخر. الهواء مادة فى حالة غازية يتكون من خليط من الجزيئات تتميز بأنها متباعدة، على عكس السوائل والمواد الصلبة التى تتقارب بها الجزيئات. ولتباعد الجزيئات فى الحالة الغازية يصعب رؤية لون الغاز. ويمكن لذلك أيضا ضغط الغاز مما يؤدى إلى انكماش حجمه وزيادة كثافته وحرارته. والهواء كمجموعة من الغازات التى تحيط بالأرض هو أحد أهم متطلبات الحياة من خلال التنفس والتمثيل الغذائى للنباتات. وتقوم جاذبية الأرض بالاحتفاظ بالهواء. وتبدو السماء زرقاء اللون، لأن الضوء الأزرق ينتشر ويتناثر بصورة أقوى من الموجات الضوئية للغازات المكونة للغلاف الجوى. يتأثر الغلاف الجوى بالجاذبية الأرضية والحرارة التى تنفذ إلى الأرض من أشعة الشمس. وبالقرب من الأرض توجد طبقة تسمى التروبوسفير، وهى تتراوح فى السمك من 9 إلى 17 كم عند خط الاستواء بمتوسط 12 كم، وتقل درجة الحرارة فى التروبوسفير كلما ابتعدنا عن سطح الأرض، ولذلك تكون درجة الحرارة أعلى ما تكون عند سطح الأرض. والتروبوسفير يحتوى على 80% من كتلة الغلاف الجوى، وهو مضغوط من طبقات الهواء التى تعلوه، التى يتراوح سمكها من 140 إلى 800 كم، وتشمل الستراتوسفير. والميزوسفير طبقة سمكها نحو 12 كم، وتزداد فيها الحرارة من نحو 60 درجة تحت الصفر إلى نحو الصفر عند سطحها الأعلى التى يصل فيها الضغط إلى 1000/1 الضغط عند سطح الأرض، وهى طبقة تحتوى على الأوزون. ويتميز الاستراتوسفير بالاستقرار بالمقارنة بالتروبوسفير الذى يتعرض إلى اضطرابات جوية تؤدى إلى عدم ثبات الطقس، وتتبدى فى اختلاف فى درجات الحرارة والمطر والرطوبة من مكان إلى مكان ومن وقت إلى آخر. ومن هذه المعطيات يمكن أن نفسر الحر القائظ الذى تتعرض له المنطقة، والذى تصاحبه رطوبة عالية. لأن السبب فى ذلك هو وجود منطقة ضغط فى أعلى الغلاف الجوى، تؤدى بدورها إلى حركة الهواء تحتها إلى أسفل. كما يؤدى الضغط إلى «كبس» الهواء نتيجة للكتلة الضاغطة فوقها. ويؤدى ذلك إلى ارتفاع درجة الحرارة. وتسمى هذه الظاهرة بالقبة الحرارية «heat dome». وهذه القبة تتكون من كتلة ثقيلة يصعب تحريكها، وبالتالى تستقر لمدة طويلة، وتستمر بذلك الحرارة إلى فترة ممتدة. ويسهم فى ارتفاع درجة الحرارة غياب السحب وحدة زاوية أشعة الشمس (كلما ازداد ميل أشعة الشمس ازدادت المسافة من الشمس، وبالتالى قلت درجة الحرارة). كما تؤدى الكتلة الثقيلة من الهواء إلى طرد الهواء الجاف البارد ليحل محله هواء حار ذو رطوبة عالية. والمدهش أننا كائنات تتمتع بقدرة عالية على تحمل الحر، مما سمح للبشر أن يتحملوا حرارة المناطق الاستوائية، التى عاش فيها الإنسان القديم فى إفريقيا. وترجع القدرة على تحمل الحر وجود غدد لإفراز العرق بصورة تسمح بتبريد الجسم. لكن ذلك يعنى الحاجة إلى الحياة بالقرب من مصادر المياه كالأنهار والبحيرات والينابيع لتوفير ماء الشرب. ويتفاعل الجسم مع الحرارة بعدة طرق وأهمها العرق. وتبدأ الغدد فى إفراز العرق عندما تصل درجة حرارة الجلد إلى 35 درجة مئوية. وعندما يتبخر العرق تقل درجة حرارة الجسم، لكن ارتفاع الرطوبة يؤدى إلى انخفاض درجة التبريد، وبالتالى يزداد الإحساس بالحرارة كلما زادت الرطوبة. ولذلك فإذا كانت درجة الحرارة 32 درجة مئوية والرطوبة عالية يكون الإحساس بالحرارة أو مقياس الحرارة النسبى 41 درجة مئوية. وفى إيران كانت درجة الحرارة فى مدينة باندار ماهشاهر 46 درجة مئوية، لكن مع الرطوبة كان مقياس الحر النسبى يعادل 74 درجة مئوية! وعند درجات الحرارة العالية يتوقف إفراز العرق، وتزداد حرارة الجسم، مما يؤثر على المخ، إضافة إلى ذلك هناك تأثير للحرارة على ضغط الدم، مما قد يؤدى إلى الوفاة، ويعانى من ارتفاع درجة الحرارة خصوصًا المتقدمين فى العمر والأطفال والفقراء. وفى الواقع يتوفى الآلاف من تأثير الحرارة الشديدة، ويتعدى تأثير الحرارة ذلك إلى التأثير على المحاصيل واستهلاك الكهرباء والمياه. مما يؤدى إلى أزمات اقتصادية ويسهم الإنسان الآن فى زيادة درجات الحرارة نتيجة لما ينبعث من غازات، وتؤدى إلى الاحتباس الحرارى، ونتيجة ذلك تختل موازين التيارات المسؤولة عن المناخ، وتسهم فى حدوث اضطرابات جوية عنيفة، كما أن تصميم بعض المدن بالعمارات الشاهقة والواجهات الزجاجية وغياب الأشجار والحدائق يؤدى إلى زيادة درجة الحرارة.