مجلة «الإيكونوميست» البريطانية قالت، فى تقرير لها بعنوان «التحرير الضائع»، إن الرئيس محمد مرسى أمضى الأشهر القليلة الماضية فى السعى لترسيخ سلطة جماعته، بدلا من بناء توافق الآراء، وهو ما قد يتصدى للمشكلات الأصعب فى مصر، ونتيجة لذلك، اقتصاد البلاد أصبح فى مكان ما بين الشلل والانهيار. المجلة أشارت إلى أن مرسى أصر على أن يكون مجلس الشورى الذى انتخبه فقط نسبة لا تتعدى العشر من الناخبين، وينظر إليه البعض على أنه منبر للكلام، هو الهيئة التشريعية الوحيدة المشروعة، حتى فى الوقت الذى يصدر فيه قواعد تمكن الإسلاميين الذين تبث وسائل إعلامهم الكراهية الطائفية، مدعين أن كل من ينتقدهم عميل للقوى الأجنبية. كما ذكرت أن الإجراءات التى أدت إلى أحكام الإعدام الأخيرة فى قضية أحداث برورسعيد العام الماضى كانت سرية، وفى الوقت نفسه، لم يتم سجن رجل شرطة واحد لقتل أكثر من 800 شخص فى الاحتجاجات ضد الديكتاتور مبارك. «إيكونوميست» ترى أنه مع لجوء مرسى إلى نفس الأساليب التى تذكرنا بالنظام القديم، يمكن أن تتمزق البلاد أكثر من ذلك. والخطر هو أن هذا التصاعد فى العنف قد يؤدى إلى جولة جديدة من الثورة، أو أن الجيش، مع أو دون تواطؤ مرسى، قد يعيد فرض ديكتاتورية. ومع ذلك، المجلة اعتبرت أنه من السابق لأوانه اليأس من مستقبل مصر. الجيش الذى احتفظ بعديد من امتيازاته وسلطاته بموجب الدستور الجديد، لا يوجد لديه رغبة فى حكم البلاد مرة أخرى. وتقول المجلة إنه بدلا من التسرع فى إحكام قبضتهم على السلطة وتشويه صورة خصومهم، ينبغى على الإخوان إدراك أن الشرعية فى السياسة الديمقراطية تأتى من الحكم التعددى والتسامح وكذلك من خلال صناديق الاقتراع. وتابعت القول «يجب أن يقدم مرسى نفسه رئيسا لجميع المصريين، مهما كان الدور الذى يعتقدون أن يكون للإسلام فى الحياة العامة. كما ينبغى أن يقدم على تعديل الأجزاء الأكثر خلافية فى الدستور ومناقشة تغيير القواعد التى تحكم الانتخابات المقبلة. ينبغى أن يبدأ فى إصلاح الشرطة والمحاكم وتعيين نائب عام مستقل بدلا من الدمية فى يد الإخوان». قبل كل شىء، -حسب المجلة- يجب على مرسى التوصل إلى الاتفاق الذى طال انتظاره مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض 4.8 مليار دولار، فى مقابل إجراء إصلاحات صعبة ولكنها حاسمة، بما فى ذلك إلغاء دعم الوقود. الإصلاح الاقتصادى، بدوره، يجب أن يدفع موجة من الاستثمارات الأجنبية. واعتبرت أن أفضل أمل لمرسى لاستعادة شعبية الإسلاميين هو إحياء الاقتصاد المصرى المصاب بالفشل الذريع. المجلة ترى أنه يمكن للعالم الخارجى أن يدفع فى الاتجاه الصحيح، موضحة أنه على الرغم من أن المساعدات العسكرية الأمريكية هى من المفترض أنها للفقراء فإن الهدف الرئيسى هو ربط مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل والتهديد من قبل الأوروبيين وغيرهم لحجب المعونة الإنمائية، وتكون وسيلة للضغط مفيدة، لكن فى النهاية يقتصر نفوذ الأجانب. اختتمت المجلة التقرير بالقول إن الدرس المستفاد من العقد الماضى أن الديمقراطية لا يمكن أن تجبر الحناجر غير الراضية: فقط للمصريين لديهم القدرة على تقرير ما إذا كان بلدهم فى النهاية يحقق آمال ما قبل سنتين أو العودة إلى الظلام والعنف. مرسى لديه مسؤولية كبيرة. وفى تقرير آخر للمجلة بعنوان «مصر تعود للمتاريس مرة أخرى»، قالت المجلة إن مع تحدى مدن القناة لحظر التجول الشامل الذى فرضه الرئيس، جنبا إلى جنب، مع استمرار الاحتجاجات فى الأماكن أخرى، أدى ذلك إلى تراجع هيبة مرسى. وأشارت إلى أن مرسى يحاول الآن إقناع جبهة الإنقاذ الوطنى «بحواره الباطل» حتى الآن. كما أنه تحدث بجدية عن مراجعة الدستور. فى الوقت الذى يعمل فيه على تأمين دعم صندوق النقد الدولى بالإصلاح الاقتصادى، اعتبرت المجلة أنه دون تأييد واسع، التحرك نحو هذا الإصلاح يكون من المستحيل، مشيرة إلى أنه حتى الآن كان قد رفض مطالب لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهى فكرة أيدها السلفيون، فضلا عن جبهة الإنقاذ الوطنى. المجلة قالت إنه إذا تمكن من التوصل إلى حل وسطى للمصالحة قد تتمكن بلاده من المضى قدما إلى الأمام. إذا لم يفعل ذلك، ستصبح مصر أكثر انقساما. فقد يسعى الإسلاميون المتطرفون إلى تصفية الحسابات مع من يعتبرونهم يتحدون «ثورتهم». وإذا عاد معارضوهم للصراع مجددا والرغبة فى مساعدة العالم تلاشت. للأسف، قد يقرر الشعب أن الأمور كانت أفضل فى الأيام القديمة.