حين دعيت إلى مهرجان مرتيل السينمائى الثانى عشر فى شهر مايو الماضى لتقديم سيمينار (ندوة) عن مشوارى السينمائى، بحثت عبر الإنترنت عن أى معلومات تخص مرتيل، فاكتشفت أنها مدينة ساحلية شمال المغرب تطل على البحر الأبيض المتوسط وقريبة من الحدود مع إسبانيا، تعتبر المصيف الشعبى المفضل لدى المغاربة إلى جانب جذب بعض من جيرانها الإسبان. لذلك لم يكن غريبا أن أكتشف فى ما بعد أن اللغة الإسبانية والعربية يختلطان بسلاسة على ألسن سكانها، وأن اسم «مرتيل» مشتق من الإسبانى «ريو مارتن»، منذ أيام الحماية الإسبانية للمغرب. ما يميز هذا المهرجان عن مهرجان تطوان الذى يقام كل عامين منذ 1985 (تبعد تطوان عن مرتيل بعشرين كيلومترا فقط)، هو تخصصها بالأفلام الوثائقية والقصيرة فقط، مشترطا أن تكون المتسابقة منها منتمية إلى المغرب أو إسبانيا أو أمريكا اللاتينية، عكس مهرجان تطوان الذى يحتضن الفيلم الروائى منذ بداياته فى الثمانينيات. وجدير بالذكر أن مهرجان مرتيل لم يفقد عذريته مثلما حدث مع مهرجان تطوان فى السنوات الأخيرة، عندما تطورت علاقته بوزارة الثقافة التى لم تكتف بمجرد دعمها كراع للمهرجان منذ بداياته إلى تدخل إدارى فى النهاية. على الرغم من ذلك من الممكن اعتبار المهرجانَين يكمل بعضهما بعضا ثقافيا فى المنطقة، إلا أن مهرجان مرتيل يظل معتزا باستقلاليته التى يعتنقها ويديرها خمسة أشخاص فقط، على رأسهم مدير المهرجان أيوب البغدادى، وهم فى نفس الوقت من مؤسسى نادى السينما المحلى وبجهودهم الشخصية ودعم من المجلس المحلى تمكنوا من شراء دار العرض الوحيدة بالمدينة، لتصبح مقرا للنادى السينمائى وبالتالى مقرا للمهرجان ذاته. وقد شاهدت وعايشت بنفسى فى أثناء زيارتى مدى طموحات النشاط الثقافى الذى ينشره المهرجان فى المدينة، من إقامة حفلات صباحية للأطفال وتلاميذ المدارس الابتدائية إلى جانب ندوات ثقافية بالمدارس الثانوية والجامعة، التى اشتركت فيها أيضا. ويهتم المهرجان دائما فى كل دورة بإشراك مصر بطريقة ما، إما عبر تكريمات لفنانينا ومبدعينا، وإما دعوة بعضنا لعضوية لجان التحكيم. وكانت هذه الدورة من نصيب الفنانة جيهان فاضل كعضوة فى لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، وكذلك الصحفى أشرف بيومى كعضو فى لجنة تحكيم الفيلم الوثائقى، التى رأسها صديقى المخرج الفلسطينى ميشيل خليفى. وحتى لا يفتقد المهرجان ارتباطه العربى حرص فى هذه الدورة على تكريم خاص للسينما اللبنانية. اكتشفت أيضا أن ما يربط مرتيلبتطوان ليس فقط موقعهما الجغرافى على خريطة المغرب، بل فريق كرة قدم أيضا فاز لأول مرة ببطولة المغرب، واحتفى سكان المدينتين بالفريق المنتصر وهو يمر فى حافلة بشوارعهما.