بعد 70 عاما قضتها أكبر الإمبراطوريات التي شهدها التاريخ، انهار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وتم إعلان رابطة الدول المستقلة وزوال الحزب الشيوعي السوفيتي. نشأة الاتحاد السوفيتي ولد الاتحاد السوفيتي من رحم الإمبراطورية الروسيةالتي أصابها الضعف والوهن مما حل بها من أحداث سياسية مثل الثورة الروسيةالتي قامت عام 1917 وتحولت فيما بعد إلى الحرب الأهلية الروسيةالتي دامت أربعة أعوام كاملة فيما بين 1918 وحتى 1921. تكون الاتحاد السوفيتي من أربع جمهوريات سوفيتية اشتراكية، حيث لم يكن له حدود دولية ثابتة، إذ تغيرت حدوده بتغير الزمن وتعاقب الأحداث التاريخية حتى قاربت في أعقاب الحرب العالمية الثانيةحدود الإمبراطورية الروسيةالسابقة خاصة بعد ضم مساحات شاسعة من الأراضي المجاورة لأراضيه والتي تمثلت في دول البلطيقوشرق بولنداومنطقة بيس أرابيا في شرق أوروباوبذلك كان الاتحاد السوفيتي قد استعاد كامل حدود الإمبراطورية الروسيةماعدا باقي الأراضي البولنديةوالفنلندية. وبحلول عام 1956 كان الاتحاد السوفيتي أصبح كيانا ممثلا لخمس عشرة دولة اتحادية وهم:جمهورية أرمينيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية أذربيجان السوفيتية الاشتراكية وجمهورية إستونيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية أوزبكستان السوفيتية الاشتراكية، وجمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية تركمانستان السوفيتية الاشتراكية وجمهورية جورجيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية روسيا السوفيتية الاتحادية الاشتراكية وجمهورية طاجيكستان السوفيتية الاشتراكية وجمهورية كازاخستان السوفيتية الاشتراكية وجمهورية قرغيزستان السوفيتية الاشتراكية و جمهورية لاتفيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية ليتوانيا السوفيتية الاشتراكية وجمهورية مولدوفا السوفيتية الاشتراكية. وبلغت المساحة الإجمالية للاتحاد السوفيتي 22,276,060 كيلومتر مربع وبالتالي كان هذا الاتحاد أكبر دولة في العالم وكذلك روسيا التي تعد الوريث الأساسي لهذا الامتداد الجغرافي وتغطي هذه المساحة نحو 1\6 المساحة الإجمالية للكرة الأرضية وكان هذا الحجم مماثلا لحجم القارة الأمريكية الشمالية كاملة. منذ بداية نشأته في السنوات الأولى، تبنى الاتحاد السوفيتي نظام الحزب الواحدفي الحكم وهو الحزب الشيوعيأو حزب البلاشفة الذي دافع عنه القادة السوفيت وبرروا وجوده كحزب أوحد في البلاد بأنها الطريقة المثلى لتأكيد القضاء على النفوذ الرأسمالي في البلاد وضمان عدم عودته مرة أخرى للاتحاد السوفيتي كذلك تطبيقا وإرسائا لقواعد المركزية الديموقراطيةالتي تمثل إرادة الشعب الحر. تخطيط ممركز كان اقتصاد الاتحاد السوفيتي يعتمد أسلوب التخطيط الممركز حيث وجدت خطط خماسية لكل فترة بها الأولويات الاقتصادية للدولة وشملت هذه الأولويات كل القطاعات خصوصا في فترة الحكم الستالينية حيث شهد الاقتصاد السوفيتي تطورا ملحوظا من دولة زراعية إلى دولة صناعية خصوصا مع عمليات التنقيب عن النفط في سيبيريا واكتشاف ثروات معدنية هائلة في تلك المنطقة مما سهل عملية تعافي الاقتصاد السوفيتي. التعاون مع الغرب شهدت السنوات الأولى من العقد الثالث للقرن الماضي تعاونا وتقاربا بين الاتحاد السوفيتي والعالم الغربي كما شارك الاتحاد السوفيتي في المؤتمر العالمي لنزع السلاح في الفترة ما بين 1932 وحتى 1934، وفي 1933 أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي وبعدها بعام في سبتمبر 1934 انضم الاتحاد السوفيتي لعصبة الأمم. ومع تفجر الحرب الأهلية الإسبانية قام الاتحاد السوفيتي بدعم الجمهوريين في مواجهة القوميين بقيادة فرانسيسكو فرانكو المدعوم من قبل إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية. وفي عام 1941 اجتاح الاتحاد السوفيتي المانيا، ما سبب اندلاع ما يسمى في الاتحاد السوفيتي آنذاك "الحرب الوطنية العظمى" ولكن الجيش الأحمر تمكن من إيقاف الهجوم الألمانيوعلاوة على ذلك وجهت معركة ستالينغرادالتي استمرت من أواخر سنة 1942 إلى بداية سنة 1943 ضربة قاسية للقوات النازية مما حول مسار الحرب بشكل كلي لفائدة الجيش الأحمرو بعد هذه المعركة اجتاح الجيش السوفيتي أراضي أوروبا الشرقيةوصولا إلى برلين وتكبد الجيش الألماني 80 بالمئة من خسائره على الجبهة الشرقيةوفي نفس السنة (1945) اتفق الاتحاد السوفيتي من الحلفاءفي مؤتمر "يالطا"على إلغاء الحياد السوفيتي مع اليابان وقامت القوات السوفيتية باجتياح الأراضي اليابانية المسيطر عليها من قبل مانشوكو في 9 1945 ما ساهم في استسلام اليابان. ورغم الانتصار على القوات الألمانية وسقوط برلين، إلا أن الاتحاد السوفيتيعانى بشدة من جراء الحرب العالمية الثانية،حيث قتل حوالي 27 مليون نسمة ورغم هذه الخسائر أصبح قوة عظمى في الفترة التي سبقت الحرب وأصبحت له علاقات تقريبا مع كل دولة في العالم في أواخر الأربعينات، كما أصبح من الأعضاء المؤسسين لمنظمة الأممالمتحدةوأحد الأعضاء الدائمي العضوية والذين يملكون حق النقض . حافظ الاتحاد السوفيتي على مكانته كأحد القوتين العظمتين في ذلك الوقت من خلال هيمنته على شرق أوروبا والقوة العسكرية والاقتصادية والتقدم العلمي والتكنولوجي. الحرب الباردة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لم تعد الدول الأوربية خصوصا بريطانيا وفرنسا أقوى دول العالم فقد ظهرت قوتان عالميتان جديدتان هما الولاياتالمتحدةالامريكية والاتحاد السوفيتي ومع هذا الانقسام اتضح أن التحالف الكبير الذي قام بين الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا من جهة والاتحاد السوفيتي من جهة ثانية خلال الحرب العالمية الثانية كان تحالفا مصلحيا ومؤقتا ضد العدو المشترك المانيا لذلك انهار هذا التحالف بعد سقوط المانيا ليحل محله صراع على النفوذ بين القوتين العظميين عرف بالحرب الباردة. بدأت الحرب الباردة يوم 7 سبتمبر 1941 حين قصفت الطائرات اليابانية ميناء بيرل هاربر الأمريكي وبذلك دخلت الولاياتالمتحدة الحرب العالمية الثانية كما يمكن القول بأن الحرب الباردة قد بدأت من قاعة الحفلات في قصر ليفاديا المقر الصيفي السابق لقيصر روسيا في مدينة يالطا بمنطقة القرم فقد اجتمع كل من رئيس الوزراء السوفيتي ستالين ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل والرئيس الامريكي روزفلت هناك خلال الفترة من 4 إلى 11 فبراير 1945، للبحث في طبيعة السلام الذي يجب أن يسود في أعقاب الحرب العالمية الثانية ولكن السلام لم ينشأ في مؤتمر بل بدأت الحرب، واستمرت حتى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991. انهيار الاتحاد السوفيتي كان قدوم الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف وخططه الواعدة بإعادة البناء وخفض التوتر السوفييتي-الأمريكي قد مد الطريق إلى الانهيار السلميّ نوعاً ما، والذي أحاط به ضباب من الانقسام الداخلي في الجيش الأحمر السوفييتي. قبل انهيار الاتحاد السوفييتي بقليل قام عدد من كبار المسؤولين بالانقلاب على سلطة غورباتشوف بهدف إعادة الاتحاد السوفييتي نحو النظام الشمولي المركزي والتخلص من البريسترويكا التي أقامها غورباتشوف، والتي تبتعد عن روح النظام الشيوعي, وتم إخضاع ميخائيل غورباتشوف للإقامة الجبرية وتشكيل لجنة حكم تقوم بأعماله رغم ثقل الشخصيات المشاركة في الانقلاب العسكري فقد فشل بسبب الجماهير التي كانت قد فقدت الإيمان بالاتحاد السوفييتي بسبب الانهيار الاقتصادي الشامل. لم تقم الوحدات العسكرية المشاركة بضرب الجماهير المناهضة للانقلاب العسكري في الاتحاد السوفييتي, ولم تكن قيادة الانقلابيين قوية كفاية لاتخاذ القرارات الحاسمة الجريئة في تلك اللحظات وتمّت نهاية الانقلاب العسكري ببزوغ نجم بوريس يلتسين وتوقيع رؤساء الجمهوريات السوفييتية ال15 على وثيقة سقوط الاتحاد السوفييتي. وتفكك الاتحاد السوفييتي رسميا في 25 ديسمبر 1991 باستلام بوريس يلتسين مقاليد الحكم، وأسدل الستار على أول تجربة لنظام اشتراكي يقوم على أفكار كارل ماركس وفريدريك أنجلز وفلاديمير لينين.