ها هى ريمة تواصل عادتها الذميمة. فقد اتهم تقرير مجلس الشيوخ الأمريكى، الصادر فى وقت سابق من الشهر الجارى، وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سى آى إيه بالتعامل بطريقة وحشية فى استجوابها لعدد من المشتبه بهم فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001. وذكر التقرير 20 وسيلة تعذيب استخدمتها سى آى إيه فى استجواب المعتقلين، وأبرزها الإيهام بالغرق، والصفع، والتهديد بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال، و البامبرز والإرواء الشرجى، وهو ما يعتبر وصمة عار على وجه الولاياتالمتحدة، ويعرى سجلها المخزى فى الدفاع عن حقوق الإنسان فى العالم. حسب التقرير، فإن وكالة الاستخبارات المركزية استخدمت أسلوب الإيهام بالغرق، الذى كان ضارًّا من الناحية الجسدية، وتسبب فى تشنجات وقىء لعدد من المعتقلين. وضرب التقرير مثالًا بأبو زبيدة (وهو مواطن سعودى محتجز فى معتقل جوانتانامو الأمريكى، ويُعتقد أنه عضو فى تنظيم القاعدة)، والذى أصبح لا يستجيب تمامًا (للمحققين)، مع خروج فقاعات من فمه . تمثلت الطريقة الثانية فى الحرمان من النوم، وقال التقرير إن الوكالة استخدمت، أيضًا، أسلوب الحرمان من النوم، وإبقاء المعتقلين مستيقظين لمدة تصل إلى 180 ساعة، عادة ما يكونون واقفين فى أوضاع مجهدة، وفى بعض الأحيان تكون أيديهم مقيدة فوق رؤوسهم. ونحو 5 معتقلين تعرضوا لهلاوس بسبب حرمانهم من النوم لفترات طويلة، ومع ذلك استمرت سى آى إيه فى حرمان اثنين على الأقل، من النوم، وفق ما رصده التقرير. كما استخدم المحققون طريقة التهديدات بالاعتداءات الجنسية، وقام مسؤولون من سى آى إيه بتهديد 3 معتقلين على الأقل، بالتعرض لذويهم بالضرر، بما فى ذلك تهديدات بإيذاء أطفال أحد المعتقلين، وتهديد بالاعتداء جنسيًّا على والدة معتقل، وتهديد بحز نحر أم المعتقل الثالث- حسبما قال التقرير. من الأساليب التى تم استخدامها الإهمال فى الرعاية الصحية، ومن بينها ترك الجروح تتدهور وتتلوث، فضلًا عن استخدام الحقن دون ضرورة طبية. يقول التقرير إن ظروف احتجاز الاستخبارات الأمريكية للمعتقلين كانت أشد قسوة مما أعلنته لواضعى السياسات وغيرهم، حيث كانت ظروف مواقع الاحتجاز سيئة، وكئيبة، لا سيما فى المراحل الأولى من برنامج الاستجواب ، وأوضح أنه، خلال مراحل البرنامج، ظهرت على عديد من محتجزى سى آى إيه الذين تعرضوا لتقنيات الاستجواب المتقدمة والعزلة، حالات نفسية وسلوكية، تشمل الهلوسة، ومحاولات إيذاء النفس وتشويه الذات. نفس الأسلوب القبيح الذى يُراكم الجرائم والممارسات الوحشية ضد معتقلين. لقد تواكبت الانتهاكات الواسعة مع الحروب الأمريكية فى النصف الثانى من القرن العشرين، وزادت مع تورط الإدارات الأمريكية فى انتهاكات الحرب على الإرهاب فى أعقاب 11 سبتمبر 2001، وجرائم التعذيب والإخفاء القسرى والاعتقال فى أفغانستان وباكستان والعراق، ومعتقل جوانتانامو وجرائم أجهزة الاستخبارات الأمريكية ومعاونيها من أجهزة استخبارات بلدان غربية وعربية وشرق أوسطية فى ساحات كثيرة أخرى. وفى 21 فبراير 2006، قالت منظمة هيومان رايتس فيرست فى برنامج بثه تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية، إن نحو 100 سجين توفوا فى المعتقلات الأمريكية فى العراقوأفغانستان منذ أغسطس 2002 وصولًا إلى عام 2006. أوضحت هذه المجموعة -التى تضم محامين- أن 98 معتقلًا توفوا، بينهم 34 على الأقل فى أعمال يُعتقد أنها قتل متعمد أو غير متعمد. وكشف الملف أيضا عن وفاة 11 معتقلًا لأسباب مشبوهة، وأن ما بين 8 و12 سجينًا ماتوا تحت التعذيب. وتحدثت المنظمة أيضا عن سجين ألقى به من جسر فوق نهر الفرات فى العراق، وآخر توفى مختنقًا فى كيس للنوم. ويتعين القول إن الوثائق تستند إلى تقارير عن تحقيقات أجراها الجيش الأمريكى وحصلت عليها المنظمة المذكورة من الإدارة الأمريكية أو بفضل القانون حول حرية الاستعلام فى الولاياتالمتحدة. جاء هذا التقرير بعد أسبوع على بث صور جديدة لتجاوزات وانتهاكات بحق معتقلين فى معتقل أبو غريب فى العراق تحت إدارة القوات الأمريكية. من سجون أفغانستان، حيث أولى جبهات الحرب الأمريكية على ما يوصف بالإرهاب.. إلى العراق، حيث نشر الحرية والديمقراطية وحيث معتقل أبو غريب، ثمة قتل وقع حسب تقارير أمريكية ودولية.. وفى جوانتانامو، حيث الاعتقال بعيدًا عن فضائل القانون الأمريكى، ثمة تعذيب تعرض له معتقلون. ترى.. كم قلبًا وعقلًا خسرت أو ربحت أمريكا فى معركة استمالة الأفئدة وكسب الوجدان؟