المشكلة الحقيقية أنى أنا وأنتم جميعاً لم نكن موجودين لحظة البداية، عندما جلس مجموعة من البنى آدمين الأوائل يصيغوا الطريقة التى سوف نتعامل بها مع بعضنا البعض بعد ذلك على سطح ذلك الكوكب التعس الذى يمثل ملاذنا الوحيد فى هذا الفضاء الكونى. من المؤكد أن من جلسوا للإتفاق على ذلك العقد الإجتماعى لم يكونوا ليتصوروا أن من سوف يجيئون بعدهم سوف يتعاملون مع تلك القواعد المنظمة للحياة كحقيقة أزلية وكقواعد ثابتة لا تقبل التغيير. وعند تلك النقطة تطل لنا برأسها تلك الكلمة السرمدية، حرية.. القيمة الأعمق والأهم والتى دفعت القطيع البشرى الذى قام بتعطيل عقله إستناداً إلى أن التصرف زى باقى الناس ما بيتصرفوا أسهل بمراحل من التفرد ومحاولة إبداع طرق جديدة خاصة للحياه إلى نبذها والتعامل معها كالعدو رقم واحد الذى يهدد أمن وسلام ذلك العقد الإجتماعى المزعوم الذى صاغه فى مطلع الحياه مجموعة من البشر لا نعرفهم ولا يعرفوننا. أخبر أى تقليدى قادم لنا من عصور الكهف عن رؤية جديدة للحياه ثم دعه بعدها لغضبه وتوتره وخوفه ورهبته وانزعاجه من أى تغيير قد يحدث فى المنظومة العامة للحياه التى قد سستم نفسه عليها وقام بتعطيل خلايا مخه المسئولة عن التفكير و الإبداع واتخاذ القرارات إتكاءً على أنه "هو كده و خلاص"، ومن منطلق أنه "إحنا يعنى مش حنعيد إختراع العجلة". وهي الجملة التي لو فكر قائلها قليلاً لإكتشف أن إختراع السياره فى الأساس ما هو إلا إعادة إختراع للعجلة، أى نعم هو يعد تطويراً للإختراع أكثر منه إختراع متفرد، ولكن تصوروا معى لو لم يجىء شخص فى وقت سابق ليفكر فى الإستفادة من تلك العجلة ذات الشكل الدائرى وإعطائها قدر أكبر من السرعة عن طريق تزويدها بموتور، ثم التفكير فى تصميم شكل السيارة القابعة فوق أربع عجلات يتم تحريكهم بشكل آخر غير ذلك الشكل المتعارف عليه فى البداية عن طريق ربط العجلات بالخيول ليشدونها خلفهم أو عن طريق التبديل بالأرجل كما هو الحال فى العجلة العادية، لو لم يفكر شخص فى وقت من الأوقات خارج الصندوق و لو لم يقرر شخص إعادة إختراع العجلة لما كانت هناك سيارات ولا قطارات. إذن مافيش حاجة اسمها إحنا مش حنعيد اختراع العجلة، لأ، حنعيده، لأن غيرنا فى أزمنة سابقة عادوه بالفعل. ولأن اختراع السيارة أم موتور ما هو إلا إعادة اختراع للعجلة، وإختراع الموبايل ما هو إلا إعادة إختراع للتليفون، وإختراع كاميرا السينما التى تحتفظ داخلها بالصورة المتحركة ما هو إلا إعادة إختراع لكاميرا الفوتوغرافيا التى تحتفظ داخلها بالصورة الثابتة، واختراع السينما ثلاثية الأبعاد ما هو إلا إعادة اختراع للسينما العادية. إن مجرد اختراع الطاسة التيفال اللى الأكل ما بيلزقش فيها ما هو إلا إعادة اختراع للطاسة العادية، واختراع المدفع ما هو إلا إعادة اختراع للمنجنيق، واختراع المسدس ما هو إلا إعادة اختراع للمدفع بس على صغير، كل الأشياء فى ذلك العالم ما هى إلا إعادة اختراع لأشياء أخرى.. ولو كان العالم قد توقف أمام تلك الجملة المحبطة بتاعة "احنا مش حنعيد اختراع العجلة" لما كان هناك تطوراً طرأ على حياتنا، وما يسرى على العجلة هو نفسه ما يسرى على ذلك العقد الإجتماعى المزعوم الذى اتفق عليه فى مطلع التاريخ شوية بنى آدمين ما نعرفهمش ولا نعرف همه مين ولا نعرف مين اللى كلفهم بكده، ثم كبرنا ونحن نتناقل تلك البنود التى اتفق عليها ناس غيرنا مع ناس قبلنا والاتنين ما نعرفهمش، نتناقلها و خلاص، على الرغم من أن أحداً لم يسألنا عن رأينا فيها. وبناءً عليه.. تعالوا نعيد اختراع العجلة ونتعامل مع الحياه بشكل مختلف. شكل يعتمد على ما نريده نحن لحياتنا، لا على ما يريده لنا الآخرون. يقول جبران خليل جبران.. "تتنفس الأرض فنولد ثم تسترجع أنفاسها فنموت". لهذا ما بين تنفس الأرض واسترجاعها لأنفاسها كونوا فقط أنفسكم.. لا أكثر ولا أقل.