منحنى الله الجار قبل الدار، فلدى جيران طيبون يحلم أى إنسان بمجاورتهم، فى صدقهم وتقديرهم واحترامهم، فالرجل لواء فى قواتنا المسلحة لم يبدِ أى ضيق بينما كل صباح تصرخ ابنتى ذات الخمس سنوات أمام بابه «يسقط.. يسقط حكم العسكر»، لكنى صحوت ذات يوم، وما إن فتحت بابى حتى وجدت أحمد شفيق فى مواجهتى.. تراجعت إلى الوراء قليلا.. ثم تقدمت مرة أخرى لأجد شفيق عن يمينى وعن شمالى، وفى مواجهتى مباشرة..! يا أهلا بالمعارك.. فلا يوجد عمار بينى وبين أحمد شفيق. حالة نفسية من أيام «بنبونى» موقعة الجمل تنتابنى كلما شاهدته عبر الفضائيات، وها هو يطل علىّ كل صباح ببوستراته، ولأنى غير ديمقراطى بالمرة فقد جئت بقلم وكتبت على صورة شفيق: «لن أختار قاتل الشهداء، كما لن أختار محمد مرسى الذى تخلى عنهم». بعد أيام تلقيت رسالة على هاتفى من رقم هاتف لا أعرفه، تطالبنى باختيار شفيق لأنه الأمل الوحيد لمصر، الذى سوف يعيد لها استقرارها، وأنه سيعود لنا بعمر سليمان، ويجب إرسال هذه الرسالة لعشرة أشخاص، حتى لا تُختطف مصر. اعتقدت أن الرسالة من حملة شفيق، فما كان منى إلا الرد فورا برسالة لهذا الفل أتهمه بالخيانة لمصر هو وشفيق، ثم ندمت ندما لا حدود له. فقد كانت الرسالة من جارى اللواء أحمد، الذى كان يمزح معى، ولأنى صعيدى لم أستوعب النكتة، رحت أعتذر له، وجدت الاعتذار لا يكفى، أرسلت له باقة ورد، ولا أعتقد أنها تكفى. كما لم يعد هناك شىء كافٍ لإقناع الناس بأن شفيق هو أكبر مقلب سوف يشربه الشعب المصرى، الرجل الذى توعد بسحق الثوار، ثم عاد ليتحدث عن الثورة العظيمة وحرية الرأى والتعبير، مع أن الأمر لا يخرج عن كون أن المجلس العسكرى يريده كما كان يؤيد مبارك طوال ثلاثين عاما، وكما لم يستطع الحفاظ على الأمانة التى منحها له الثوار فى عام ونصف العام، فقتل من قتل، وترك من ترك دون حساب، وعطّل تطبيق قانون العزل ضد شفيق، ولم يحاسبه على 30 قضية فساد قدم فيها بلاغات ضده. لكن ما جعلنى أبحث عن طلب هجرة أننى فوجئت بحماتى الناصرية القومية التى تسكنها العروبة من الوريد إلى الوريد، إذ قلت لها: ها هو ابن جمال عبد الناصر وابنته يؤيدان أحمد شفيق.. عبد الحكيم عامر صديقى الذى ذهب إلى ميدان التحرير أكثر من مرة فى أثناء الثورة يؤيد شفيق، ليس إلا لموقف طبقى من وجهة نظرى. اعتقدت أنها سوف تغضب، ولم أعتقد أبدا قولها: وأنا أيضا سأصوّت لشفيق. مؤامرة.. صرختُ، فحماتى أيّدت حمدين صباحى الذى كان وزوجته يحملان لها الطعام والسكر والشاى حين كان زوجها معتقلا، وهى التى تركت وطنها وحصلت على الجنسية المصرية لتكون بالقرب من جمال عبد الناصر، ولما سألتها عن سر تحولها تجاه الشفيق، كان ردها أكثر من مفاجئ، فهى تتابع قناة «الجزيرة» ولا تتابع أى قناة سواها فقد قالت لى: لأن شفيق سيقف بجوار الفلاح المصرى. قلت لها: وكيف عرفتِ ذلك؟ قالت: من توفيق عكاشة فى قناة «الفراعين»..! لقد نجح قاتل الشهداء فى ميدان التحرير والركن الركين لمبارك فى عمل غسيل مخ لحماتى، التى لو اجتمعت السماء والأرض على غسل دماغها الناصرية فلن تستطيع، واستطاع شفيق وتوفيق عكاشة خداعها ببرنامج. اللهم لا تشمت حماتى وجيرانى فىَّ وطبِّق قانون العزل على شفيق. اللهم انصرنى فى وحدتى وحصارى وأنقذنى من بوسترات شفيق بعزله وحيدا منبوذا يا رب العالمين. ليس لأجلى فقط. ولكن لأجل مصر أيضا.. لأجلها أنقذنا من الإخوان ومن شفيق ومن توفيق عكاشة وأعد لحماتى صوابها يا رب العالمين.