استمعت على مدار 6 ساعات كاملة لشهادة أبو شعيب المصرى، الذى عينه البغدادى قاضيا فى القطاع الغربى من حلب، ثم قاضيا شرعيا فى حمص، التى صار نائبا فيها لواليها، قبل أن يترك «داعش» لأسباب شرحها فى شهادته، وهى الفساد والاستبداد، والفظائع الإجرامية وغير الأخلاقية التى يرتكبها قادة التنظيم. القاضى الشرعى أبو شعيب المصرى يفضح الوجه القبيح لأمراء الحرب ب«داعش» أبو شعيب، هو إحسان. أ، وهو شاب مصرى، غير معروف اسمه بالكامل إلى الآن، دفعه حلم الخلافة والجهاد المسلح للهجرة إلى سوريا، حتى وصل إلى أن يكون قاضيا شرعيا ل«داعش»، (كما اعترف)، مؤكدا أنه حكم بنفسه على مواطنين سوريين وعراقيين بإقامة الحد أو الردة. تحدث أبو شعيب، قائلا: إن المشكلة هى فى ثلةٍ من أمراء «الدولة» وكبار قادتها، الذين يشبهون «عصابة» المافيا، ومنهم أبو الأثير الحلبى، والقاضى الشرعى السعودى أبو بكر القحطانى، والقاضى الشرعى العام أبو على الأنبارى، والرجل الثانى القوى فى التنظيم، الذى ناظرهم المصرى، حول وجوب تطبيق الحدود فى الأماكن المحررة، وفق قوله، لأنهم كانوا يطبقون الحدود فى أوقات، ولا يطبقونها فى أخرى، كما يقيمونها على مجموعة، ويتركون أخرى لأسباب شخصية. أبو شعيب هرب من سجن «داعش» بحلب ثم بايع «النصرة» كاشفا لهم أسرار التنظيم وفى المناظرة الشرعية التى تولاها القحطانى وأبو مسلم المصرى، وهو شخصية مصرية أخرى تتولى القضاء أيضا، لوح له أبو الأثير بالطرد، لأن المصرى اتهمه أنه يتغاضى عن تهريب المواد إلى قوات ال«pkk» الكردية المحاصرة، وأن أبا الأثير منح كتاب أمانٍ لأصحاب معامل فى ريف حلب، ممن يعرفون بتمويل الشبيحة، للقدوم إلى الأراضى التى تسيطر عليها «الدولة»، والتفاوض على مبالغ مالية للحفاظ على معاملهم، وأن الأنبارى يكذب ويخفى ذراعه الأمنية القذرة عن متوسطى الشرعيين والقواعد. أكد المصرى أبو شعيب إحسان، أنهم جميعا فى أثناء المناقشة، حاولوا أن يثنوه عن اتهامهم، وأغروه بتعيينه واليا، إلا أنه، والكلام له، رفض، فانتقل الخلاف إلى مستوى آخر، وهو استصدار أمر من بكر حجى، القائد العسكرى العام ل«داعش»، (قتل على يد جبهة النصرة) بالإقامة الجبرية، والعزل المؤقت، إلى ملاحقته. توارى أبو شعيب، حتى تم القبض عليه، بحجة أنه يثير الفتنة فى قلوب القواعد الجدد، وسجنوه فى أقبية «الدولة» فى الرقة وحلب، وهناك فى سجن حلب اكتشف ما لم يكن يخطر له على بال، حيث رأى أن هناك دولة أخرى تحت الأرض يديرها رجال أمن «داعش»، بقيادة أميرهم أبى عبيدة المغربى، المطواع للقادة، لا سيما للأنبارى، والمنقاد لأوامرهم بطاعةٍ عمياء، (للعلم تم القبض عليه منذ أسابيع قليلة، فى أثناء هروبه ب200 ألف دولار، وتم قتله بأوامر البغدادى). الصعق الكهربائى والتعذيب المبرح فى سجون «داعش» يتم فى الليل والنهار يقول أبو شعيب: التعذيب المبرح فى سجون أبو الأثير الحلبى، وأبو عبيدة المغربى، لا يكف ليل نهار، فقد كانوا يستخدمون نفس الأجهزة التى تستخدم فى الصعق الكهربائى، ويستهينون بحياة المعتقلين لأدنى شبهة، واحتجزونا فى ظروف غير إنسانيةٍ، فالمكان مظلم ليل نهار، والطعام ونقص المياه علامة مميزة لسجن حلب، وكانوا يرفضون إعطاء المسجونين المصاحف بحجة أنهم مرتدون، ولا يسمحون لهم بالوضوء، وكنت أتعجب من ذلك، وأناقشهم فى ما يفعلون، فأنا شخصيا كانوا يعاملوننى جيدا، لأننى كنت قاضيا شرعيا لديهم، أما الآخرون فكانوا يتعرضون للتنكيل بشكل دائم. لقد كان السجن معتما لا يدخله أى ضوء حتى فى النهار، وكان شديد الرطوبة والبرودة، وكانت هناك 3 مراحيض بلا أبواب يمكن لمن يقف خارجها أن يرى من يستخدمها، وكان يسمح لنا بالخروج لمرة واحدة يوميا. وقال، كانوا يجربون مواد كيميائية على بعض المساجين ممن يقولون إنهم محكوم عليهم بالإعدام، وقد كان مفعول هاتين المادتين قويا على بعضهم، فقد أغمى على أحدهم مباشرة بعد شمه هذه المواد، ويرشون علينا الغاز الخانق لإسكاتنا، ولكل سجان أسلوبه فى التعذيب، ومنها محاولات الخنق بكيس بلاستيكى يحكمون إغلاقه، أو الصعق بالكهرباء، أو استخدام قماشة تحوى مادة ما على فم وأنف السجين فيقع أرضا. المصرى: المشكلة تكمن فى ثلةٍ من أمراء «الدولة».. وكبار قادتها يشبهون «عصابة» المافيا ويضيف «كل من يكون تحت التعذيب وينطق اسم الجلالة كأن يقول: يا الله، أو يقول: اللهُ أكبر، فإنهم يزيدونه من أصناف العذاب، ويمنعون الناس من أخذ المصاحف فى السجون الانفرادية، وكانوا يمنعوننا فى أول الأمر من الدعوة، وتعليم الناس فى السجون من وراء الباب، لكن حينما تحدثت مع من كان يحقق معى أذن لى بالحديث مع المساجين من باب الدعوة فقط أى التجنيد ل(داعش)». واعترف المصرى أن فظائع غير أخلاقية حدثت فى الزنازين، فقال بالنص: كانت هناك شابتان سوريتان مسجونتان بجوارنا، لأنهما زوجتا مسلحين من الجيش السورى الحر، وفى منتصف إحدى الليالى، سمعت صراخ إحداهما، واكتشفنا أن أحد جنود أبو الأثير، حاول اغتصابها، وفى الصباح أبلغنا بما جرى، فلم يفعلوا شيئا غير نقله من السجن إلى مكان آخر، ووصلت الحقارة ببعضهم إلى تشبيح امرأة حامل بمحكمة الدانا نفسها، لإجبارها على الاعتراف بالزنى، وقد سقط حملها بسبب ذلك. وأضاف: كانت هناك سيدتان وضعتا فى زنزانة انفرادية، واحدة اسمها أم مصطفى من حلب، ولديها 3 أولاد اتهمت بأنها من الشبيحة، والثانية تدعى أم خالد من حمص اتهمت بوضع متفجرات فى سيارة، نُفِّذ الإعدام بالسيدتين، ليلا حيث ربطت يديهما خلف ظهرهما، وتم اصطحاب بعض السجناء الآخرين ليشهدوا تنفيذ الإعدام لترهيبهم. أبو شعيب المصرى هرب من السجن، عن طريق أحد الحراس، وذهب ليبايع جبهة النصرة، كاشفا لهم هذه الأسرار التى تم وضعها على الإنترنت فى ما بعد، بعد الخلاف بين التنظيمين، وفى سؤال لأحد الحضور من جبهة النصرة له، عن البغدادى، وهل يعلم ما يحدث: قال أعتقد أن «داعش» يسيرها أبو على الأنبارى، وأبو الأثير الحلبى، وهذا التنظيم ليس نسيجا متجانسا، فهم ينقسمون إلى قسمين، الأول هو الشرعى، ويضم القضاة والمجاهدين، والثانى هو القسم الأمنى، وهو نسخة من مخابرات النظام، ومعظمهم سوريون كانوا معتقلين سابقين لدى النظام، ويستخدمون أساليبه فى التعذيب. خلال فيديو أبو شعيب المصرى، سنكتشف أنه لا أبو شعيب يفهم فى الشريعة شيئا، ولا أمراء «داعش» يطبقونها على طول الخط، أو يلتزمون بها، بل يطبقون منها ما يشاؤون وفق أهوائهم، وأنهم مجموعة من الجهال، وأن دولتهم دولة فساد واستبداد.. وللحديث بقية.