يصعب توصيف ما آلت إليه الأمور في ليبيا منذ إسقاط القذافي، قبل سنوات ثلاث، لكن من الواضح أنها تنزلق بفعل عجز حكومي وسياسات عشوائية خاطئة، إلى مزيدٍ من الفوضى التي أفضت إلى انقسام سياسي، ونشوب بؤرتي صراع عسكري رئيسيتين ترزح تحت وطأتهما البلاد. وفي إطار الاشتباكات المستمرة، قصف طائرات مروحية تابعة الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر مخازن للذخيرة تابعة للمسلحين إسلاميين في بنغازي شرقي ليبيا. وقال قائد عسكري وشهود عيان، إن القوات الحكومية وطائرات هليكوبتر بقيادة حفتر قصفت مخازن للذخيرة تابعة لمقاتلين، يشتبه بأنهم إسلاميون، في مدينة بنغازي بشرق ليبيا. وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الجيش الليبي الرائد محمد حجازي، إن الجيش يعد لعمل عسكري وصفه بأنه "حاسم"، لاستعادة السيطرة على العاصمة طرابلس من أيدي الميليشيات، مضيفًا أن «الجيش ينظم صفوفه حاليًا للقيام بعمل عسكري حاسم، ونحن بانتظار الأوامر من القيادة العليا للتحرك في أي لحظة». ورفض حجازي الإفصاح عن أي تفاصيل بخصوص العملية المرتقبة، مكتفياً بالقول إن «الجيش أعد الخطط لذلك، ولن يكون تحركه عشوائياً ولا اعتباطياً حفاظاً على حياة المدنيين». وأشار «حجازي» إلى أن الجيش الليبي يحقق تقدمًا على الأرض على أكثر من محور، مدعومًا بضربات من طائرات سلاح الجو، لا سيما باتجاه مدينه بنغازي، وعلى تخوم العاصمة طرابلس. وفي المقابل، ذكرت مصادرأن ميليشيات "فجر ليبيا" تُعد العدة لمعركة طويلة ضد أي تدخل دولي محتمل وتحسبا لتشكيل تحالف وطني يجمع قوات اللواء حفتر ومجلس القبائل لمقاومة سيطرتها على العاصمة طرابلس. وفي مشهد أوسع للفوضى التي تعم البلاد، قالت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا إن القتال في مدينتي طرابلس وبنغازي أدى إلى نزوح 100 ألف شخص، فيما فر نحو 150 ألف شخص، بينهم عمال أجانب، من البلد المنتج للنفط الذي تجتاحه الفوضى الأمنية. وحذر تقرير جديد للبعثة الأممية من وقوع «انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان والقانون الانساني في مدينتي طرابلس وبنغازي الليبيتين مع تداعيات وخيمة على المدنيين والبنية الاساسية المدنية». وذكر التقرير أن «المقاتلين لا يعبأون فيما يبدو بالآثار المحتملة لأعمالهم ضد المدنيين، وهم غير مدربين ومنضبطين بشكل كاف، بالإضافة لذلك فان إستخدام أسلحة وذخيرة افتقرت للصيانة وبها عيوب يزيد من عدم دقتها». وفي سياق آخر، أفادت مصادر من داخل "المؤتمر الوطني العام" في طرابلس بأن رئيس المؤتمر نوري أبوسهمين لم يعتمد حتى الخميس مسودة قرار بسحب سفيري ليبيا من مصر والإمارات. وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها، أن لجنة الخارجية في المجلس رفعت، اليوم، مسودة قرار إلى أبوسهمين لاعتماده بشأن سحب سفيري ليبيا في بالقاهرة فايز جبريل وفي أبوظبي عارف النايض. ويتساءل مراقبون محليون هل إن وجود برلمانين وحكومتين وجيشين سيعجل بالانقسام في ليبيا أم إن الوضع سوف يحسم لأحد الطرفين مع مساعدة دول الجوار والمجتمع الدولي، مع العلم بأن هناك جناحًا عسكريًا للطرفين.