يسمعها الطفل الصغير ليغني معها دون أن يدرى إلا بمقطع كوبليه واحد من الأغنية "سوسة كف عروسة، سوسة واللي يصقف يستاهل مني بوسة" تغنيها له أمه، ليطبع قبلة رقيقة على خدها، وهو يصفق للحن الأغنية المبهج، الذي تتمايل فيه "عفاف راضي" مع العروسة على شاشة التلفاز. ولدت عفاف راضي في مثل هذا اليوم، من عام 1952 بالمحلة الكبرى، لتنتقل إلى القاهرة، وتلتحق بمعهد الكونسيرفتوار وهي في العاشرة من عمرها، تبدو الطفلة الصغيرة نهمة لتعلم أي شئ يتعلق بالموسيقى، لتحصل على البكاليريوس بتقدير إمتياز. فتصبح الطفلة الصغيرة شابة يافعة يمكن لها أن تستخدم البيانو كما يستخدمه المحترفون، تتخصص فيه، وتقرر أن تكمل لتحصل على الماجيستير والدكتوراة وهي في سن الثامنة عشر كما ذكر الموقع الرسمي للفنانة ذاتها. في نهاية الستينات، أدركت الفتاة الشابة تعلقها بالأطفال، لتشارك في تقديم برامج الأطفال. لتغني بعد ذلك لنفس الفئة التي أحبتها، فتبدع عفاف وتدخل قلوب الأطفال، بوجهها الطفولي، وصوتها الوديع. في لقاء تليفزيوني، سألت المذيعة بليغ حمدي، كيف اكتشفتوا موهبة عفاف، وهي ذات الوجه الهادئ الذي لا يبدو عليه التمكن من الصعود أمام الجمهور بل والتمثيل والوقوف خلف الكاميرات بثبات، ليجيب بليغ، لقد أدركت المستقبل الذي ينتظرها من أول دقيقة رأيتها فيها، بل وأخبرت حسين كمال أنني واثق أنها ستعطيك ما تريده، طالما أنت ستجتهد معها. وأظن أن كلامي كان صائب بالفعل. لم يكن بليغ هو الملحن الوحيد الذي لحن لعفاف راضي، بل شارك عفاف في مشوارها الفني عديد من الملحنين البارزين مثل محمد الموجى، وعمار الشريعى، و كمال الطويل و منير مراد. كما كتب لها كبار الشعراء الغنائيين كعبد الرحيم منصور، ومحمد حمزة، وسيد مرسى وسيد حجاب، وعبد الوهاب محمد، و مجدى نجيب. يتحدث بليغ عن صوت عفاف ويقول، أن صوت عفاف كان متفردًا، تستطيع أن تميزه لأنه لم يكن يشبه صوتًا آخر. هناك رنة جديدة في صوتها، لذا حاولنا انتقاء الكلمات لها بشكل واع، كذلك اللحن، ليستقبله الجمهور، ويودعوه، بشكل عظيم. حققت عفاف، رغبة بليغ، بأن قدمت الأغاني الاستعراضية، فشاركت في العديد من المسرحيات الغنائية، كالأرملة الطروب، يس والدى، أة يا غجر، دنيا البيانولا، على فين يادوسه، ولكنها لم تقدم إلا فيلم واحد في السينما وهو "مولد يا دنيا" مع محمود ياسين ومحيي إسماعيل الذي حقق نجاحًا باهرًا في السينما آنذاك واستمر عرضه ل30 إسبوعًا، و للتليفزيون قدمت مسلسل "زمن الحلم الضائع" إخراج وفيق وجدي، وللإذاعة قدمت مسلسلا فقط وهو "حبي أنا" الذي شاركها بطولته الملحن بليغ حمدي، والذي يحتفظ موقعها الرسمي بحلقاته حتى الآن. بالطبع لم تتخل عن أغاني الأطفال التي كتب معظمها الشاعر الكبير سيد حجاب، ولحنها العظيم عمار الشريعي. تزوجت عفاف راضي من خارج الوسط الفني، حيث تزوجت بكمال خلوصي. ثم يصبح لها تراثًا غنائًا كبيرًا، ممتزجًا بين الأغاني الدينية، والعاطفية، وأغاني الأطفال. وأغاني المسلسلات، وحتى الموشحات، التي غنتها لبليغ حمدي عندما طلب أن يراها، ليعترف بإبداعها وتمكنها منها. عفاف الآن، تقوم بالتدريس في أكاديمية الفنون. لتكمل مسيرة العطاء التي أخلصت لها بحق، وبرغم ابتعادها عن الغناء، إلا أن أغانيها التي دخلت قلوب الأطفال قبل الكبار، لن تمحي صورة عفاف من قلوب محببيها.