ربما يتمتع نظام الدفع علي العجلات الأمامية بشعبية كبيرة بين شركات صناعة السيارات في عالمنا اليوم ولكن الأمر لم يكن كذلك لسنوات طويلة خلال القرن الماضي. بل في واقع الأمر كان الكثير من الناس يعتبرون هذا النظام إبتكارا خاصة في أمريكا الشمالية. حاول الأمريكي والتر كريستي إستخدام هذا النظام أوائل القرن الماضي ولكن فشلت جهوده وظل نظام الدفع الأمامي حكرا علي الأوروبيين حتي بدأ الإهتمام الأمريكي به في أواخر العشرينيات بعد النجاح الذي حققته سيارات هاري ميلر للسباقات علي حلبة إنديانابوليس الشهيرة. علي الفور ، فكر لوبان كورد صاحب شركة كورد لصناعة السيارات في إنتاج سيارة ركوب تعمل بنظام الدفع الأمامي. وعندما وصل كورد الشاب إلي شركة أوبرن عام 1924 كان الإنتاج اليومي لا يتعد 6 سيارات وكان هذا الرقم الهزيل يفوق الطلب علي السيارة حتي ان المخزون منها وصل إلي بضعة مئات. لم يجد كورد من حل سوي إعادة طلاء تلك السيارات بألوان جذابة وتجهيزها ببعض حليات النيكل و بيعها بأسعار مغرية و أمكن له بذلك تحقيق ربح معقول. وبحلول عام 1926 كان كورد قد سيطر علي شركة أوبرن. بعدها إنتابت كورد حمي الشراء وكان أبرز الشركات التي إمتلكها هي دوسنبرج وشركة ليكومينج التي تتولي أعمال التوريدات الهندسية لأوبرن. بحلول عام 1929 جمع كورد تلك الشركات تحت مؤسسة تحمل إسمه. طلب كورد من فريد دوسينبرج تصميم سيارة خارقة صارت فيما بعد موديل دوسينبرج "J" الشهير الذي ظهر أواخر عام 1928. كان لدي كورد ماركتين في السوق الأمريكي ولكن كان الفرق في السعر بينهما كبيرا أراد كورد أن يضيق بتصنيع سيارة فاخرة. كانت النتيجة سيارة تحمل إسم كورد L-29 . كان مشروع تلك السيارة جريئا ليس لسبب سوي تجهيزها بنظام للدفع الأمامي. ويقال أن كورد كان يفضل هذا النظام ليس بسبب مزاياه الهندسية بل لأنه يجعل السيارة تبدو منخفضة الإرتفاع. ومن أجل تلك السيارة إستعان كورد بكورنيليس فان رانست وهو أحد متخصصي نظام الدفع الأمامي في تلك الفترة ليكون كبير المهندسين المسئولين عن مشروع الموديل. إختار فان رانست محرك V8 سعة 4,9 لتر المستخدم في سيارات أوبرن ولكن غير موضعه بحيث يتم تثبيت نظام نقل السرعات في المقدمة. ومع نلك الوضعية لنظام النقل أمام المحرك كان ذراع نقل السرعات يمر أعلي المحرك مخترقة لوحة أدوات القيادة بشكل أفقي. وكان تغيير السرعات يتم بتدوير مقبض ذراع نقل السرعات ودفعه أو سحبه علي عكس الحركة التقليدية لنظم النقل. و تسببت تلك الوضعيي أيضا في تصميم مقدمة طويلة جدا للسيارة شكلت نحو نصف الطول الإجمالي لها والإستعانة بقاعدة عجلات وصل طولها إلي 3,49 متر. ولضمان الصلابة جهزت السيارة بإطار علي شكل X يقال أنه الأول من نوعه الذي يستخدم في سيارة ركوب. حدث ذلك بعد أن قام كورد بتجربة نموذج أولي للسيارة علي أرض غير مستوية وعندئذ إنفتحت كل الأبواب. أمكن لمهنسي الشركة خفض إرتفاع السيارة وأضافت المقدمة الطويلة والزجاج الأمامي المنخفض و النوافذ الضية إلي جمال السيارة. وكانت أبرز الملامح غير العادية بالمدويل هي دمج المرايا بلوحة أدوات القيادة. حصل التصميم المبهر للسيارة علي العديد من الجوائز العالمية وتولت العديد من شركات صناعة الهياكل الأوروبية والأمريكية تصنيع أشكال مختلفة لهيكلها كما زاد الإقبال من نجوم السينما و الموسيقي في الولاياتالمتحدة ومنهم الممثلة الشهيرة ماري بيكفورد و فريق الأخوة ماكس. رغم الشكل المبهر كان أداء السيارة متوسطا إذا ما قورن بأداء سيارات تلك الفئة. فقوة السيارة لم تتعد 125 حصانا رغم وزنها الذي بلغ 2268 كجم. وتقول مجلة أوتوكار البريطانية أن السرعة القصوي للموديل لم تتعد 124 كم / ساعة. عانت السيارة من سوء الحظ ، فبعد شهرين من طرحها في الولاياتالمتحدة إنهارت الأسواق المالية الأمريكية وأثر ذلك بالسلب علي مبيعات الموديل. حاولت الشركة تنشيط مبيعاتها فخفضت سعر الموديل عام 1930 وزادت من سعة المحرك عام 1931 إلي 5,9 لتر وزادت بالتالي قوته إلي 132 حصانا. ولكن لم تفلح تلك المحاولات و توقف إنتاج السيارة في ديسمبر 1931 وبيعت السيارات الباقية لدي الشركة كموديل عام 1932. رغم العيوب كانت كورد L-29 سيارة جميلة و مثيرة من الناحية الفنية كان الممكن أن تستمر لأعوام طويلة لولا سوء الحظ الي لم يقتصر علي تلك الشركة بل أطاح بعشرات الشركات الأخري خلال فترة الأزمة اللإقتصادية الأمريكية.