لم يكن لجنرال موتورز خلال تلك الفتر مصنعا في مصر ولكنها إستعاضت عن ذلك بإسناد مهمة تصنيع الهياكل لأطراف أخري منه إخوان مقار وكانت شركتهم أكبر من يتولي تصنيع هياكل حافلات وعربات النقل من إنتاج شيفروليه. أنشئ المصنع في عام 1953 بالدقي وتحديدا في أخر شارع الخديوي إسماعيل (التحرير حاليا) وكان ضخما بكافة المقاييس وأشرف السيد ألفريد مقار علي إنشاء هذا المصنع وكان أيضا المدير العام له. وكان ألفريد مقار من المتحمسين لصناعة هياكل السيارات في مصر وكان له ولعائلته خبرة طويلة في هذا المجال حيث تولي تصنيع هياكل أتوبيسات النقل العام لسنين. أتاحت قدرات المصنع إمكانية تصنيع الهياكل بشكل متطور. وساعد نشاط العائلة علي تعزيز تواجد شيفروليه في مصر خلال تلك الفترة خاصة وأن عائلة مقار كانت في تلك الفترة من كبار موزعي جنرال موتورز فضلا عن تولي المصنع الجديد مهمة توفير خدمات الصيانة لسيارات جنرال موتورز بما في ذلك شيفروليه. وكانت أعمال الإصلاح تتم بأرقي الأساليب وبأحدث الآلات الفنية حيث تقوم شركة إخوان مقار بإستيراد محركات وشاسيهات السيارات الخاصة والأوتوبيس والنقل ويقوم المصنع ببناء هياكلها بأيادي مصرية وتحت إشراف خبراء ومهندسين متخصصين في تصميم هياكل السيارات، بل وكان هؤلاء الخبراء يقومون أيضا بإبتكار تصميمات جديدة للهياكل المختلفة. وبإختصار شديد كان المصنع يقوم بعملية تجميع السيارة من الألف إلي الياء وبمكونات مصرية بإستثناء الشاسيه والمحرك وبعض المكونات القليلة الأخري. لم يكن إنتاج المصانع مقتصرا علي الجانب المدني حيث إهتمت الشركة بالجانب العسكري وعرضت تصميمات لنماذج مختلفة تصلح للتطبيقات العسكرية ومنها سيارات للإسعاف وغرف جراحة متنقلة وسيارات ميدانية لإجتماعات قادة الجيش وأخري يمكن إستخدامها ككانتينات ومطابخ. ضم المصنع أيضا مدرسة للقيادة وكانت مهمة تلك المدرسة هي تدريب السائقين علي مهارات القيادة وكيفية تجنب الحوادث علي يد خبراء من مؤسسة جنرال موتورز. وشملت التدريبات أيضا علي دروس لتعليم ميكانيكا وكهرباء السيارات وشرح لأهم المستجدات التقنية في عالم السيارات. والواقع أن دور تلك المدرسة لم يكن مقصورا علي سائقي شركة إخوان مقار بل كانت أبواب تلك المدرسة مفتوحة أيضا للسائقين العاديين ولجنود الجيش. إهتم هذا المصنع الذي كان إفتتاحه حدثا هاما بالعمال فأنشئت لهم عيادة طبية ومطعما فاخرا. وكان الدليل علي أهمية هذا الحدث هو قيام البكباشي محمد أنور السادات مندوبا عن الرئيس الراحل محمد نجيب بإفتتاح المصنع والقيام بجولة داخله أشاد خلالها بجهود إخوان مقار للرقي بالصناعة المصرية وإلتقي خلالها أيضا بالعمال وألقي فيهم خطبة يحثهم فيها علي أدا واجبهم علي أكمل وجه. في أواخر الخمسينيات بجأت مبيعات جنرال موتورز في التراجع ولهذا قررت الشركة إغلاق فرعها بالشرق الأدني ومقره الإسكندرية وأكتفت بموزعي الشركة في مدن مصر. وبالطبع كانت للحالة السياسية خلال تلك الفترة دورا هاما في حدوث ذلك مع توتر العلاقات بين مصر والولايات المتحدة. لم تتحسن الأحوال سوي بعد حرب أكتوبر وسياسة الإنفتاح الإقتصادي التي إتبعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات وفي عام 1975، بدأت شيفروليه صفحة جديدة حافلة بالإنجازات التي تتواصل حتي اليوم. ففي عام 1975، تأسست شركة المنصور بالإسكندرية وكان مقر الشركة في شارع الدكتور إبراهيم عبد السيد بالقرب من إستاد الإسكندرية. وكان الإسم الرسمي للشركة هو "شركة لطفي منصور للتجارة. ولطفي منصور هو مؤسس الشركة وعميد العائلة التي صارت اليوم من أشهر الأسماء في سوق السيارات المصري. تأسست "لطفي منصور للتجارة" كإحدي شركات الإنفتاح الإقتصادي في عهد السادات وكانت الوكيل الوحيد لشركة شيفروليه وغيرها من موديلات جنرال موتورز الأمريكية في مصر. ومنذ العام الأول للشركة، تم تحقيق إنتشار واسع علي مستوي مصر ويرجع الفضل في ذلك إلي النظرة الثاقبة للطفي منصور الذي كان رجلا يتمتع بمثابرة غير عادية وإصرار كبير علي التميز حتي صارت شركته أحدي أكبر مؤسسات القطاع الخاص اليوم. فالرجل لم يستسلم للإحباط بعد أن تم تأميم شركات الأأقطان التي كان يمتلكها خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ولم يفقد لطفي منصور الأمل وخطط للمستقبل بشكل رائع مستغلا خبراته الواسعة في عالم المال والأعمال ليحول أحلامه إلي حقيقة. سنحت الفرصة للطفي منصور عندما خطت مصر أولي خطواتها في مجال تحرير الإقتصاد خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات حيث دخل الرجل في مفاوضات مع مؤسسة جنرال موتورز الأمريكية ليكون وكيلها الوحيد في مصر ونجح في تلك المفاوضات. وخلال فترة وجيزة، أعاد لطفي منصور لجنرال موتورز بريقها الذي فقدته خلال سنوات الحرب وبالطبع لم يكن هذا النجاح وليد صدفة، بل ثمرة لمجهود مضني بذله مؤسسها الذي إستعان بمتخصصين لتقديم أفضل الخدمات لعملاء الشركة. قدمت شركة المنصور خلال السنوات الأولي لها مجموعة كبيرة من موديلات شيفروليه التي بدا تركيز الشركة عليها واضحا مقارنة بماركات جنرال موتورز الأخري. ولم يكن ذلك غريبا في بلد خارج لتوه من فترة حروب، فموديلات شيفروليه هي الأقل سعرا بين ماركات جنرال موتورز ولها كان لها نصيب الأسد من مبيعات الشركة خلال عقد السبعينيات. يعزي النجاح الكبير لشيفروليه خلال تلك الفترة أيضا إلي تعدد الموديلات المطروحة في السوق، حيث قدمت شركة لطفي منصور خلال تلك الفترة أيضا مجموعة كبيرة من الموديلات التي لم تقتصر علي عربات الركوب بمختلف أشكالها وأحجامها، بل شملت أيضا مجموعة من موديلات البيك أب والحافلات فضلا عن عربات النقل الكبيرة ما بين 1-40 طن. وللمرة الأولي منذ سنوات طويلة تعود شيفروليه للصدارة مرة أخري لتصبح العلامة الأكثر مبيعا في مصر بعد قترة سكون إستمرة لأكثر من 10 سنوات. أما الموديلات التي أعتمدت عليه شيفروليه لتحقيق ذلك فتلك قصة أخري. شريف علي