· ما شأن إيناس الدغيدي بالأميرة ديانا ولماذا تتعقبها لتصبح إحدي بطلات أفلامها؟! كانت امرأة أشبه بالأسطورة، ولكن في فيلم إيناس الدغيدي «مجنون أميرة» فقدت كل سحرها، وأصبحت مجرد امرأة يطاردها مهووس! «الليدي ديانا» فتاة من النبلاء، أصبحت بعد زواجها من الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا صاحبة السمو الملكي، وكان يوم زفافها ليس له مثيل، وتم في أكبر وأفخم كاتدرائيات انجلترا، وقد انجبت ولدين «وليام» و«هاري» وهما المرشحين الثاني والثالث للعرش الملكي.. ومرت السنون، وبعد 15 سنة انفصلت عن الأمير بسبب خيانته لها، وفقدت اللقب الملكي لتصبح «أميرة ويلز»!.. ولأنها امرأة أحبها العالم، وكانت تقوم بالكثير من أعمال الخير فقد وصفت بأنها «أميرة القلوب».. وفي حادث مروع ماتت عام 1997، ووصف الحادث بأنه مؤامرة اغتيال، وكان معها في السيارة رجل الاعمال المصري دودي الفايد الذي كانت ترشحه الشائعات للزواج منها. حياة الأميرة ديانا كانت شديدة الثراء، ويمكن تقديمها في أفلام عديدة بمعالجات متنوعة، وقد صنعت السينما الأوروبية والامريكية ذلك كثيرا مع الشخصيات العالمية الشهيرة، ولكن الجديد هنا أن تكون الأميرة ديانا هي بطلة ومحور الفيلم المصري «مجنون أميرة» للمخرجة إيناس الدغيدي التي اعتادت أن تسند بطولة أفلامها للمرأة المصرية والعربية «قدمت 16فيلما في 25 سنة»، وهي مخرجة مثيرة للجدل، اشتهرت بتقديم القضايا التي تتجاهلها السينما، والتي تخص المرأة بالتحديد، مما جعلها تبدو مستفزة في مجتمعنا العربي «المحافظ» خاصة تجاه قضايا مثل حرية المرأة أو حقها في اختيار الزوج، أو تجارب المراهقات، أو نظرة المجتمع للمرأة المطلقة وغير ذلك.. وهي قضايا مهمة بالفعل ولكنها لا تقدمها بالعمق والوعي الكافي. ولكن ما شأن إيناس الدغيدي بالأميرة ديانا، ولماذا تتعقبها لتصبح إحدي بطلات أفلامها؟!.. ربما لأنها وجدت أن هذه مسألة مثيرة لها علي المستوي المهني، أو لأن الأميرة قامت بزيارة مصر، وارتبطت عاطفيا في نهاية حياتها بطبيب باكستاني مسلم شهير، ثم برجل أعمال مصري، وبالتالي فإن هذا يمنحها حق الاقتراب والتصوير «!!».. واختارت المخرجة أن يدور فيلمها في اطار من الفانتازيا، لتفتح لنفسها مساحة من الخيال في التعامل مع هذه الشخصية، كما اختارت الكوميديا لمعالجة فيلمها، وهو ما لم يحدث في كل أفلامها السابقة. جاءت قصة أشرف شتيوي التي كتب لها السيناريو والحوار مصطفي محرم مقسمة إلي جزءين، الأول عندما تأتي الأميرة إلي مصر متنكرة في شخصية صحفية دنماركية، وتلتقي بالشاب إبراهيم «مصطفي هريدي» الذي يعمل في بازار، وهو مهووس بالأميرة وصورها تزين حجرته وتطارد أحلامه، فيتقرب اليها لأنها شديدة الشبه بالأميرة، ويصحبها في زيارة احياء ومطاعم مصر الفقيرة، وتنمو بينهما قصة حب!.. أما الجزء الآخر فهو زيارة رسمية للأميرة في القاهرة، تحاول خلالها التعرف علي الدين الإسلامي، وكيف يتعامل مع الأديان الأخري، وفي سبيل ذلك تلتقي بأشهر مشايخ مصر «مدبولي العشراوي» في اشارة إلي الشيخ متولي الشعراوي ثم شيخ الأزهر.. ويوحي الفيلم إلي انها جاءت لمصر لتشهر اسلامها، مما جعلها هدفا للقتل من المخابرات البريطانية، ويتحول الفيلم في النصف ساعة الأخيرة إلي الشكل البوليسي، وتنجو الأميرة من الموت بفضل إبراهيم الذي يموت برصاصات المخابرات البريطانية، ويختتم الفيلم بمشهد أرشيفي لجنازة الأميرة، ليوحي بأنها قد قتلت ولكن هذه المرة في مؤامرة نفذت في باريس.. وقد لعبت دور الأميرة «نورا رحال» بأداء هادئ وجميل ومريح. أخفق «مجنون أميرة» في تقديم معالجة سينمائية جيدة مرتين، مرة عندما تعامل بخفة مع علاقات الأميرة العاطفية والجنسية، فكانت علاقتها مع الشاب المصري ملفقة وغير مقنعة، ولعب الشخصية الممثل الشاب مصطفي هريدي الذي لم يكن موفقا فهو ثقيل الظل والحضور، والشخصية نفسها بلا ملامح أو روح، وبالتالي كان من المستحيل أن تجتذب الأميرة هذه الشخصية أو هذا الممثل، ثم هناك اضافة العلاقة الجنسية بين الأميرة وحارسها بلا مبرر.. أما الاخفاق الثاني فكان مع رغبة الأميرة في التعرف علي الدين الإسلامي وسماحته حيث ظهر في كلمات وخطب مباشرة بين الشيخين اللذين التقت بهما، دون تقديم أي اجتهاد درامي لتحقيق هذا المعني في أحداث الفيلم.. ولكن مع النهاية ومن خلال محاولة قتل الأميرة تؤكد الدغيدي أن الإرهاب والتطرف صناعة غربية وليس له علاقة بالإسلام. أرادت إيناس الدغيدي في «مجنون أميرة» الرد علي ادعاءات الغرب بأن التطرف يرتبط بالشرق والإسلام، ولكنها قدمت ذلك من خلال دراما فقيرة وضعيفة، وفي اطار من التبسيط المخل، ولم تستفد من عالم الفانتازيا الرحب في تحقيق فكرتها في أحداث، ومن خلال كاميرا لها رأي ورؤية، فجاء الفيلم مملا وتائها، وأهدر فكرة جيدة في معالجة عقيمة تفتقر للوعي الفني والفكري لقضية أعمق بكثير من هذه الاحداث التي تم رصها علي الشاشة.