حينما تولي محمد علي حكم مصر وبالرغم من أن هذا الحاكم لم ينل أي قسط من التعليم إلا أنه أدرك بذكائه الفطري أن الاهتمام بالتعليم وإرسال البعثات إلي الخارج هو بداية النهوض وسيفيد مصر كثيراً وبالفعل ازدهرت مصر وتقدمت وكانت فترة حكم محمد علي من أزهي الفترات في تاريخ مصر المديد الممتد لآلاف السنين إن لم يكن أفضلها علي الاطلاق وقد كثرت في الآونة الأخيرة أحاديث وتصريحات أقطاب وجهابذة ورموز الحزب الوطني الحاكم يتحدثون عن جودة التعليم والاهتمام بالبحث العلمي وهو كلام هلامي وبالمثل العامي «فض مجالس» لأن واقع الحال عكس ما يقولون تماما والقاصي والداني يعلم تماما أن التعليم في مصر قد انهار وتدهورت أحواله وسأذكر مثالا واحداً يبين لنا التدهور الذي وصل إليه حال التعليم، في عام 2006 كان عدد البعثات الخارجية حوالي 800 وكان عدد سكان مصر حوالي سبعين مليون نسمة وفي عام 2008 وبدلا من أن يزيد هذا العدد علي الأقل عشرة أضعاف نجده وبكل أسي يهبط ليصبح 99 في حين أن عدد السكان أصبح خمسة وسبعين مليون نسمة والشيء الذي يبعث علي الضحك والأسي في آن واحد أن مصر شاركت العام الماضي في دورة الألعاب الأوليمبية ببكين وقد شاركت مصر بحوالي 88 لاعبا يمثلونها في هذا المحفل الدولي الكبير، انظروا وتأملوا إلي عدد الإداريين المرافقين للبعثة 77 إدارياً رافقوا البعثة المكونة من 88 لاعبا وتم انفاق حوالي مائة مليون جنيه وكالعادة لم تحصل مصر علي أي ميدالية ولقد وضح تماما أن حكومات الحزب الوطني الجاثمة علي صدورنا منذ أكثر من ربع قرن كان كل اهتمامها منصبا علي الرياضة ودوراتها والفن ومهرجاناته وأنفقت عليهما المليارات وياريت فلحنا فيهما وفي المقابل أهملت حكومات الحزب الوطني المتعاقبة التعليم والبحث العلمي اللذين هما أساس نهضة وتقدم الشعوب وأقول للمسئولين في مصر ألم تسمعوا تصريحات علمائنا الأفذاذ أحمد زويل وفاروق الباز ومحمد غنيم ومصطفي السيد ورأفت منيب بأن التعليم في مصر يعاني تدهوراً حاداً وأنه لامستقبل لمصر بدون تعليم جيد وبحث علمي متطور ولكن وكما هو واضح أننا ننفخ في قربة مقطوعة وعمار يا مصر.