· ماقاله الطالب «عبدالله» أصدق رد علي استطلاع جمال مبارك · لماذا صفق الطلاب لمدة 5 دقائق لزميلهم الذي واجه نظيف بالحقائق؟! عندما وقف الطالب عبدالله أحمد الثلاثاء الماضي في معسكر إعداد القادة ببورسعيد، وقال في وجه الدكتور أحمد نظيف: إنه يشعر بالفساد في كل مكان.. وأنه حاسس أن البلد دي مش بلده».. لفت انتباهي رد فعل جموع الحاضرين.. فقد دوت قاعة المسرح المكتظة بطلاب الجامعات بالتصفيق لمدة تزيد علي 5 دقائق.. وهو شرف لم ينله الدكتور نظيف نفسه عند دخول القاعة ولقاء الطلاب!! هذه الرسالة- دوي التصفيق- لم يفهمها الدكتور أحمد نظيف.. ولم ولن يفهمها نظام مبارك.. لأن الذين يتولون أمر سفينة الوطن، لايشعرون بالخطر الذي يداهمنا، ولايرون الثقوب التي تتكاثر في قاع السفينة، ولايدركون خطورة تدفق المياه إلي جوفها، بل لايسمعون نداءاتنا وصرخاتنا.. ويحسبون أن منصة الحكم والتحكم، سوف تنقذهم- هم وحدهم- وتنجيهم من الهلاك.. ولايدركون أن السفينة إذا غرقت فلانجاة لأحد مهما كان موقعه.. لكن أهل الحكم لايدركون ولايعقلون ولاحتي يفهمون. هذا هو الواقع المرير الذي تعيشه مصر الآن يادكتور نظيف.. وما قاله الطالب «عبدالله» صراحة وفي وجهك، هو ما يردده كل شباب مصر وما يشعرون به.. وعدد شباب مصر وطلابها يفوق نصف عدد سكان المحروسة أي ما يزيد علي 40 مليون مصري.. وما قاله «عبدالله» في وجه نظيف وقوبل بعاصفة من التصفيق هو أصدق رد علي الاستطلاع المضحك الذي أجراه الحزب الوطني وأعلنه جمال مبارك الأسبوع الماضي من أن عدد المصريين الذين يثقون في حكومة الدكتور أحمد نظيف ارتفع من 22% إلي 39%، وأن الشعب المصري يعيش الآن في حالة رضاء عام(!!). نعم الفساد استشري في مصر بصورة مرعبة.. وليس صحيحا أن حكومة نظيف تبذل جهودا غير عادية لمقاومة الفساد.. واسألوا الدكتور جودت الملط الذي تكتظ مكاتب جهاز المحاسبات الذي يترأسه بملفات الفساد.. وأسألوا رئيس جهاز الرقابة الإدارية عن ملفات الفاسدين الكبار المسكوت عنها.. وفتشوا في صفقات بيع القطاع العام.. واسألوا الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية الذي قال ذات يوم إن الفساد في المحليات للركب.. اسألوا واسألوا ستجدوا أن الفساد طال الأعناق وليس الركب فقط. والمشكلة أننا عشنا سنوات من القهر والذل، أسهمت في تخريب الذمم وإفساد الضمائر.. هذه السنوات انقلبت فيها معايير الارتقاء في المجتمع، فحل أهل الثقة محل أهل الكفاءة، وأصبح توزيع الأرزاق والمناصب مرهونا بالعمل لمصالح أجهزة الحكم، وشرطا للترقي إلي المناصب العليا في الدولة. وخلال هذه السنوات السوداء والتي نعيش نتائجها الآن، كان الجهر بالرأي خيانة، والانصراف عن تمجيد الحاكم جريمة.. وتحول التجسس والوشاية إلي قيم سامية، يتهافت عليها من في قلوبهم مرض.. والنفاق والكذب إلي بضاعة رابحة يتسابق إليها من ينشد التسلل إلي أبهة الحكم وسطوة السلطان. وكانت محنة هؤلاء الذين لم يستطيعوا مسايرة تلك القيم الجديدة من الكفاءات الشابة وأهل العلم.. ولم يجدوا بدا من الانزواء في الداخل، أو الهجرة إلي الخارج طلبا لعيش كريم افتقدوه في وطنهم. وهكذا تركت هذه السنوات القاتمة بصماتها المدمرة علي الشعب المصري، وأصابته في معنوياته وسلوكه.. وكانت النتيجة هي ما نراه ونشاهده اليوم.. فهمت يادكتور نظيف؟!.