· مارد الصحافة الحرة انطلق ومن يقف في طريقه سيدوسه وإعادته بالقوانين المقيدة للحريات مستحيل · الصحافة الصفراء أساءت للصحافة الجادة.. والحبس محاولات · لأنني بنت بور سعيد وبنت بحر فمن الصعب ترويضي هذه المرة تحاور «صوت الأمة» واحدة من ألمع الكاتبات العربيات والصحفيات البارعات صاحبة العديد من المؤلفات والمقالات التي أثارت حولها ضجة كبيرة فهي غنية عن التعريف فمن منا لايعرف صاحبة «ليلة القبض علي فاطمة» و«ترويض الرجل» و«إمرأة من يونيو» و«حروب جديدة» عملت رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون كما أنها صاحبة مقالة الأربعاء الأسبوعية الشهيرة بالأهرام والتي انتقلت بها إلي الوفد كل اثنين كما تكتب في الدستور الاسبوعي كل أربعاء إنها الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد بنت بورسعيد أو بنت البحر كما يحلو لها أن تسمي نفسها. وإلي نص الحوار: ما رؤيتك لواقع الصحافة المصرية والعربية؟ - الصحافة في عالمنا العربي تتقدم أكاديميا وتقنيا ومهنيا ولكن يقابل ذلك مساحة حرية محدودة وإن كان هناك حرية في بعض الدول فهي محدودة وليست علي المستوي المطلوب، بل الأخطر من ذلك هو محاولة بعض الحكومات تقليل هذه المساحة والتضييق علي الصحف وشد الصحافة للوراء وإعادة المارد إلي القمقم بقوانين وتشريعات تدعي التنظيم ولكنها في الحقيقة تحاول تقييد الحريات ولكن علي الجميع أن يدرك أنه بات من الصعب أن يعود المارد إلي القمقم مرة أخري لأنه نطلق كما أن عجلة المعرفة ستدوس بسرعتها كل الذين يحاولون أن يحموا أنفسهم بهذه القوانين وتلك التشريعات تحت حجج مختلفة وكأنها ورقة التوت. هل واقع الصحافة المصرية لايدعو إلي التفاؤل؟ - الواقع يقول لدينا فجوة كبيرة بين صحافة وردية وصحافة عكسها وللأسف فإن الواقع يقول أن الأسوأ هو الأكثر حيث الحرمان والفقر والجوع وهذا ما تعكسه الصحافة المحترمة وبشكل مهني دون مبالغة لأنه الواقع الحقيقي أما من يريد أن يفهمنا عكس ذلك فيكون بمثابة البوق الذي يمثل السلطة ويبحث عن مكاسب وينسي هموم شعبه ووطنه وهل الصحافة الجادة التي تعكس هذا الواقع قد دفعت الثمن من حبس وتضييق عليها؟ - بالتأكيد هذا ماحدث من خلال التضييق علي الصحافة الصادقة والجادة سواء حزبية أو مستقلة أو حتي لو كانت تابعة للسلطة إداريا وحاولت أن تعكس الواقع الحقيقي وهذا ليس في مصر فقط للأسف ولكن في دولة عربية أخري ويبدو أن التضييق علي الصحافة والضيق منها بات سمة منطقة ومجتمع عربي وهذا شئ خطير أن يتم التراجع عن مساحة الحرية المتاحة في الوقت الذي يسعي فيه باقي العالم إلي مزيد من الحرية. وهل الحكم بحبس عدد من رؤساء تحرير بعض الصحف وبعض الزملاء يأتي في هذا السياق؟ - بالتأكيد خاصة أن التهم التي توجه إلي الصحفيين تهم غريبة وليس لها أي سند قانوني أو مهني وهي من وجهة نظري محاولة لترهيب الصحافة المستقلة تحديدا وعقابها وإجهاض هذه التجربة الصحفية وإغلاق ملفات لايريد القائمون علي الأمر لدينا أن تفتح ولا أريد أن أقول إن هذا يتم مع سبق الإصرار والترصد. لكن هناك من يتهم الصحافة المستقلة والمعارضة بالتجاوز بعض الشئ؟ - صحيح هناك تجاوزات ولكن ليس من كل الصحف الخاصة ولنكن أكثر تحديدا هي من بعض الصحف الصفراء وأنا هنا أتساءل: من أعطي هذه الصحف تراخيص العمل؟ بالتأكيد الجهات الرسمية وهنا أقول إن هذه الموافقة ربما يكون وراءها هدف خبيث وهو إحداث نوع من الخلط بين الصحافة الجادة والصحافة الصفراء يسئ في النهاية للصحافة التي تدافع عن قضايا هذا الوطن وتعكس الواقع الحقيقي وتحارب الفساد. هناك مطالبات كثيرة بتطبيق ميثاق الشرف الصحفي لفك هذا الاشتباك؟ - وأنا أيضا أطالب بذلك ولكن هناك مشاكل أخري يجب حلها منها حرية تداول المعلومات ووجود حرية حقيقية لكن ماذا يفعل ميثاق الشرف الصحفي في ظل هذا التضييق وحرمان الصحفي من حقه المهني في الحصول علي المعلومات بعد إختيارك نائبا أول لرئيس حزب الجبهة الديمقراطية.. ما الذي دفعك للعمل الحزبي بالأساس ولماذا الجبهة الديمقراطية؟ - الذي دفعني للعمل الحزبي هو قناعتي بأن الكلمة تحتاج إلي قوة تدفعها للأمام وتحميها ورأيت أن العمل الحزبي من الممكن أن يوفر لي هذه الحماية وهذه القوة التي تدفع كلماتي للأمام، أما بالنسبة لاختياري لحزب الجبهة الديمقراطية تحديدا فأنا رأيت أن برنامجه يناسبني تماما ولكنه تعرض لهزة عنيفة كادت تطيح به؟ - هذا صحيح وكانت مرحلة صعبة وقاسية علي الحزب ولكن يمكن القول إن الحزب تجاوزهذه المرحلة الان وبدأ يتعافي ويتماسك وماذا عن قرار اختيارك نائبا أول لرئيس الحزب؟ - الحقيقة هذه ثقة تحملني الكثير من المسئولية ولكن ما يمكن قوله إننا جميعا في مركب واحد وعلينا أن نجتهد بشدة كل في موقعه بداية من رئيس الحزب مرورا برؤساء اللجان وانتهاء بالأعضاء العاديين وهل هذه أول تجربة لك في العمل السياسي والحزبي؟ - هناك تجربة سابقة ولكن لم أكن موفقه فيها لأسباب خارجة عن إرادتي عندما كنت عضوة بالحزب الوطني في فترة من الفترات وتم تعييني عضوة بمجلس الشوري ولكن وضوحي وصراحتي وصدعي بكلمة الحق لم تعجب الكثيرين من القائمين علي أمر الحزب وكان المطلوب ثمناً كبيراً وهو السكوت عن الفساد وهذا بالنسبة لي شئ صعب فرفضت وكان تركي الحزب والمجلس. ولكن ألم تحاولي إحداث نوع من التوازن في الأمور يضمن لك الاستمرار والبقاء؟ - أولا أنا لم يكن يهمني الاستمرار من عدمه لأنه تم اختياري لهذه المواقع ولم أسع إليها الشئ الاخر لأنني أبنة بورسعيد «وبنت بحر» فمن الصعب ترويضي وإقناعي بما لاأقتنع به وأنا من أولئك الذي لايستطيعون أن يناموا وهم يشعرون بالتقصير تجاه موقف ما سواء بالقول أو بالفعل، كما أنني مؤمنة بما أسميه «وزر الصمت» فالذي يصمت عن قولة حق أو كشف فساد بالتأكيد يتحمل هذا الوزر وكان المطلوب مني أن أكف عن تناول هذا الفساد في مقالاتي بالأهرام ونصحني البعض بالكف حفاظا علي موقعي السياسي بالحزب وبمجلس الشوري ولكن رفضت كل ذلك ماهي رؤيتك لباقي الأحزاب الأخري؟ - نحن الآن إزاء نوعين من «الأحزاب» أحزاب صغيرة معظمها نشأ مؤخرا وأحزاب كبيرة وتاريخية فبالنسبة للأحزاب الصغيرة التي ينافق بعضها النظام الحاكم فهي عبارة عن أحزاب صناعية لحبك تمثيلية المعارضة واستعراض التعددية ويمكن القول إننا في مرحلة الأحزاب الصغيرة التي يدعمها النظام لغرض في نفس يعقوب، أما الأحزاب الكبيرة والتاريخية فهي تتعرض للانقسام والتفتت بفعل فاعل وهو ما يحدث الآن في الوفد والجبهة الديمقراطية وكذلك الحزب الناصري وحزب التجمع مؤخرا. وماذا عن الحركات السياسية الاجتماعية الكبري من قبيل الإخوان وكفاية؟ - بالتأكيد كفاية والإخوان لهم دور كبير في الشارع السياسي المصري، فبالنسبة للإخوان إذا غيروا بعض برامجهم ومواقفهم من بعض القضايا وكان لديهم إيمان حقيقي بتداول السلطة والقبول بالاخر بالتأكيد سوف يكون لهم دور مؤثر ومساحة كبيرة وتأثير أكبر في المستقبل وبالنسبة لكفاية كحركة غضب فهذا دليل صحة وعافية ونبض حياة وبالتأكيد مثل هذه التحركات سوف تفضي إلي شئ كبير في المستقبل كيف ترين واقع المرأة المصرية؟ - هو جزء من الواقع الكلي المضطرب والملتبس والمتداخل فيه المبادئ مع الخرافات كما أن تدهور حال المرأة هو جزء من التدهور العام وهذه هي الحقيقة المؤلمة وبالتالي يجب النظر إلي حال المرأة في هذا السياق ومحاولة إصلاح أحوالها من خلال منظومة إصلاح شاملة لكافة جوانب المجتمع. ولكن ما الذي يؤلمك في واقع المرأة؟ - بالتأكيد هناك أشياء كثيرة في واقع المرأة لكن أبرزها رؤية بعض التيارات الدينية للمرأة ومحاولات الوصاية عليها من بعض التيارات الأخري بحجة تطويرها أنا أرفض ذلك لأن المرأة لها كيانها وشخصيتها المستقلة وإحساسها الخاص ورسالتها الواضحة ولاتحتاج لمثل هذه الممارسات