· اليساريون فشلوا في تقديم أجيال شابة جديدة تقودهم بلادنا عادت من جديد إلي أوضاع ماقبل الثورة حيث تتحكم فئة ضئيلة من الاثرياء في خيرات البلد! وكان من المفترض أن ينشط اليسار ويجمع حوله الطبقات الكادحة، من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، فهذه هي رسالته كما يدعي، لكنه لم يفعل، والسبب أن اليسار يمر بأزمة عميقة.. تري ماهي أسبابها؟ هذا السؤال كان محور الحوار مع عبدالغفار شكر أحد القيادات التاريخية لليسار المصري، وهو محل احترام من جميع اليساريين في مصر والعالم العربي. لم يجادل شكر في أن هناك أزمة بالفعل، رغم أنه قال إن اليسار حقيقة علي أرض مصر، ولهم تواجدهم الفعلي، لكنه أرجع تراجعهم إلي عدة أسباب أولها التغيرات الكبري التي حدثت في العالم، فهناك ظاهرة العولمة وثورة الاتصال والمعلومات، والقطب الأوحد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وكل تلك التطورات لم تلق اهتماما كافيا من اليساريين، وظلوا علي أساليبهم القديمة، واستخدامهم لشبكة الانترنت لنشر أفكارهم دون المستوي المطلوب ويفجر عبد الغفار شكر مفاجأة حين يعترف بأن الاشتراكية فقدت جاذبيتها بعد سقوط الاتحاد السوفييتي الذي كان يعد نموذجا للتقدم والقوي العظمي، ولم يستطع اليسار حتي الآن أن يبلور نموذجا اشتراكيا يصلح للمستقبل! وهناك اعتراف آخر للقائد التاريخي لليساريين يتمثل في أن التيار الذي يتشرف بالانتماء اليه لم يبذل حتي الآن الجهد الكافي لاكتشاف أجيال جديدة شابة تحمل الراية، فالغالبية العظمي من التيارات اليسارية تنتمي إلي جيل قديم كافح طويلا، ولكن حان الوقت لتسليم القيادة إلي الشباب. وعن أسباب نجاح اليساريين في أمريكا الجنوبية بالبرازيل وبيرو وفنزويلا وغيرها بينما فشل في عالمنا العربي استطرد قائلا: كانوا أكثر ذكاء، فقد طرحوا في أكثر من مكان هناك برنامج لايدعو إلي اقامة الاشتراكية، بل إلي حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في اطار النظام الرأسمالي القائم وجذبوا بذلك فئات واسعة من الشعب تخشي الحلول الاشتراكية، ونجحوا كذلك في عقد تحالفات مع قوي سياسية تنتمي نظريا إلي اليمين لتحقيق أهداف مشتركة، وبالتالي توسعت شعبيته في المجتمع، ونجح في الوصول إلي اناس لا ينتمون اليه، بالاضافة إلي اهتمامه الفائق بقوي الشباب والاجيال الجديدة، ونجاحه في تقديم قيادات شابة تتميز بالحيوية، وهذه العوامل الثلاثة يفتقدها اليساريون في مصر! وأضاف: ومما يزيد من سوء الاوضاع في مصر المنكوبة! أن مجتمعنا حاليا بعيد عن السياسة. يمر حاليا بأزمة اقتصادية واجتماعية عميقة أرهقت الناس إلي درجة أنه لم يعد هناك وقت للمواطنين لممارسة السياسة، فالمواطن العادي مشغول بلقمة عيشه ويبحث عن عمل اضافي لسد احتياجاته، وهكذا تجده يعمل طيلة اليوم. بل وهناك سبب آخر وأساسي لابتعاد الناس عن الاهتمام بشئون بلدهم يتمثل في أن النظام الحاكم - منذ زمن طويل - انتزع السياسة من المجتمع، وأصبح هذا الأمر حكرا علي الفئة الحاكمة فهو ممنوع بين الشباب في الجامعات، وكذلك العمال في المصانع، وأجهزة الأمن تقوم بالواجب في تعقب أي نشاط سياسي خارج النطاق الرسمي، بل وتمنع أي تحرك جماهيري حتي للأحزاب الرسمية، وأجهزة الاعلام الرسمية تقوم بالواجب هي الأخري في منع السياسة حيث تعتمد علي سياسة «التجهيل» والسطحية والبرامج الهايفة، ولا تقدم ما يعمق وعي الناس أو ما يربطهم بوطنهم. والجدير بالذكر أن أوائل السنة الحالية 2009م شهدت إغلاق جريدة «البديل» بسبب الأزمة المالية العالمية، وكانت تعبر عن اليسار الوطني، وتهتم بالاحتجاجات الشعبية، ووجود صحيفة يومية ناجحة لليسار مكسب كبير، ولذلك فتوقفها عن الصدور خسارة فادحة. وفي ختام حديثه وعن نظرته للمستقبل قال: إنه متفائل لأن اليساريين وضعوا أيديهم علي الداء وعرفوا أسباب ضعفهم، وحاليا يقومون بوضع العلاج اللازم عن طريق سلسلة من ورش العمل وبعد عيد الفطر مباشرة في شهر أكتوبر القادم سيجتمع أهل اليسار في مؤتمر عام يجمع أطيافهم لبحث كيفية نهضة هذا التيار الوطني من جديد.