علي مدار تاريخ صناعة السيارات الطويل، ظهرت الكثير من الموديلات الرائعة التي لا ينساها التاريخ ومنها علي سبيل المثال لا الحصر موديلات دوسينبرج SJ وكاديلاك V16 ورولز رويس فانتوم III وسبانو سويزا V-12 ومينرفا AL ومرسيدس-بنز 540K وأيزوتا-فراشيني 8A ولكن كانت أعظم تلك السيارات الخالدة علي الإطلاق هي السيارة بوجاتي رويال التي تم تصنيعها في فرنسا علي يد فنان ومهندس أيطالي غريب الأطوار يدعي أيتوري بوجاتي. ولد بوجاتي في عام 1881 ودرس العمارة والفنون في ميلانو ولكن عندما أدرك أن شقيقه الأصغر ريمبراندت كان يتمتع بموهبة فنية أفضل منه، توجه لدراسة الهندسة. فلم يكن من طبيعة بوجاتي أن يقنع بالمركز الثاني في أي شئ. عمل بوجاتي في بداية حياته بعدد من شركات السيارات ولكنه قرر في النهائية أن يعمل مستشارا هندسيا لحساب نفسه. وقدم أعمالا كثيرة لشركة دويتز الألمانية. وبحلول عام 1909 ، قام بتصنيع سيارة خفيفة من تصميمه. وبفضل سمعته الطيبة وقوة السيارة التي قام بتصميمها، تمكن بوجاتي من الحصول علي دعم مادي لتأسيس شركة لصناعة السيارات تحمل إسمه. وتمكن بالفعل من إختيار موقع الشركة الجديد في إحدي المشاغل القديمة ببلدة مولشيم في فرنسا وكانت حينئذ جزءا من ألمانيا. ورغم أن الملامح الهندسية لسيارات بوجاتي كانت متحفظة إلي حد بعيد، فإن تلك الملامح كانت فعالة للغاية ولهذا سرعان ما تمتع مصنع بوجاتي بشهرة كبيرة بين عشاق السيارات. وفي عام 1913 شارك بوجاتي في سباق الجائزة الكبري الفرنسية بسيارة صغيرة مزودة بمحرك ذي 4 سلندرات وفاز بالمركز الثاني وسط ذهول الجميع نظرا لوجود سيارة منافسة بمحركات أكبر سعة واكثر قوة. ولكن ساعد أداء سيارة بوجاتي علي الطريق في تحقيق تلك النتيجة المبهرة. وبعدها زادت شهرة سيارات بوجاتي. خلال فترة الحرب العالمية الأولي، أنتقل بوجاتي إلي فرنسا لأن البلدة التي أقام فيها مصنعه كانت أحد ميادين القتال في تلك الحرب. وخلال تلك الفترة، قام بتصميم محركات الطائرات لحساب الحكومة الفرنسية. وربما أبرز تصميماته في تلك الفترة كان محركا ذي 16 سلندر تكون من صفين من السلندرات المثبتة عموديا علي خط مستقيم. ومع إنتهاء الحرب، عاد بوجاتي لتصنيع سيارات الركوب والسباق في موقع المصنع القديم. وأستمرت سياراته في تحقيق نتائج جيدة بالسباقات. وبحلول عام 1924 قام بتصميم موديل تايب 35 الصغير الذي صار فيما بعد أكثر سيارات السباق نجاحا في تاريخ رياضات السرعة. وتميز هذا الموديل بمحرك منحوت علي شكل يشبه الجوهرة وكان ذي ثماني سلندرات مثبتين علي خط مستقيم. المميز في هذا الموديل أنه خلال عامي 1925 و1926 تمكن من تحقيق أكثر من ألف فوز في السباقات وكان ذلك إنجازا كبيرا لشركة صغيرة مثل بوجاتي. كانت فترة العشرينيات بمثابة العصر الذهبي لبوجاتي، فخلال تلك الفترة أمكن له تصميم وتصنيع أقوي سيارات شركته علي الإطلاق. أما الأهم بين تلك السيارت فكان موديل تايب 41 رويال الذي خطط بوجاتي لإنتاج 25 نسخة منه ولكن لم ينتج منه فعليا سوي ست نسخ فقط. ويشاع أن هناك نسخة سابعة قام بوجاتي بإنتاجها في وقت لاحق. تم الإنتهاء من النموذج التجريبي لهذا الموديل في عام 1927 وكان مجهزا بقاعدة عجلات بلغ طولها 4572 ملليمترا وتم خفض هذا الطول في وقت لاحق بحوالي 254 ملليمترا. كان النموذج التجريبي مزودا بهيكل من صنع شركة باكار. ولكن كانت النسخ النهائية مزودة بهياكل مصنوعة بالطلب وفقا لرغبة العميل. بلغت سعة النموذج التجريبي حوالي 14700 سي سي ولكن قلت تلك السعة في الموديل النهائي إلي 12700 سي سي. وبلغت قوة المحرك الأخير حوالي 300 حصان وكانت قوة لا يستهان بها في ذلك الوقت وكان الحد الأقصي لدوران المحرك يبلغ حوالي 2500 دورة في الدقيقة. ربما اللافت للإنتباه في هذا الموديل هو المقدمة التي وثل طولها إلي 2134 ملليمترا. إنتقلت القوة من هذا المحرك الجبار إلي العجلات الخلفية من خلال ناقل يدوي لثلاث سرعات وكان الغيار الثاني يستخدم للقيادة المباشرة بينما خصص الغيار الثالث للسرعات العالية فقط. بلغ وزن موديل رويال حوالي 3266 كيلوجراما بينما بلغ طول قاعدة العجلات 4318 ملليمترا والطول الإجمالي للموديل سبعة أمتار. وتراوحت السرعة القصوي للموديل ما بين 145 و161 كيلومترا في الساعة. ولكن نشرت بعض المجلات والصحف أرقاما أعلي للسرعة القصوي. تم الإنتهاء من تصنيع نسخ موديل رويال بين عامي 1931 و1932 ولسوء الحظ شهدت تلك الفترة إنهيارا إقتصاديا عالميا ولهذا تراجعت الشركة عن خططها لإنتاج 25 نسخة من الموديل. ورغم أن الشركة أعلنت أنها صنعت هذا الموديل للعائلات المالكة في أوروبا، لم تقم أي من تلك العائلات بشراء أي من نسخ الموديل الست. يقال أن بعض المحركات الزائدة التي أنتجتها الشركة تم تركيبها بجرارات السكك الحديدية وسمحت تلك المحركات للجرارات بالوصول لسرعة 190 كيلومترا في الساعة. بل يقال أن إحداها كسر الرقم القياسي للسرعة بين مدينتي ستراسبورج وباريس. كان فشل موديل رويال في تحقيق مكاسب مادية لأيتوري بوجاتي بمثابة صدمة كبيرة خاصة وأنه كان فنانا في المقام الأول ومهندسا في المقام الثاني وضع كافة مواهبه الفذه لإنتاج ما أعتبره أفضل سيارة في العالم. ولو كتب لبوجاتي الذي توفي في عام 1947 أن يعيش إلي يومنا هذا لأدرك أنه نجح بالفعل في تصنيع أجمل وأفضل سيارات العالم. فموديل رويال الذي فشل في العشرينيات صار اليوم أندر وأغلي السيارات الكلاسيمية علي الإطلاق.