لم يكن من السهل على المسلمين، أن يفارقوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد وفاته، ولم يهوّن عليهم تلك المصيبة الرهيبة، سوى وجود أصحابه وعترته من أهل البيت بين الناس، يعلمونهم شئون دينهم، ويذكرونهم بسلوك وأخلاق النبى عليه الصلاة والسلام. وبقى للعترة النبوية، على مدار الزمان مكانة عالية، ووضع شامخ فى نفوس مسلمى العالم، حتى إن الشعوب التى سافر إليها آل البيت، تمسكت بجودهم، ووضعتهم فى عيونها، ورفضت بل وتظاهرت، واحتشدت حتى تمنع رحيل جثامينهم إلى المدينة للدفن بالبقيع بعد الوفاة، وليس أدل على ذلك مما جرى مع السيدة نفيسة، حفيدة الرسول، صلى الله عليه وسلم، عقب وفاتها بعد فترة بقاء طويلة فى مصر. لكن مع تقدم الزمان، وظهور بعض التيارات السياسية والفكرية التى تستثمر مكانة آل البيت لأغراض دنيوية، يصبح من المناسب البحث فى إجابة سؤال مهم، وهو: من هم آل البيت المستحقين للحب، والمودة التى وردت فى قول الله تعالى فى سورة الشورى: «قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَىٰ» «آية 23»؟ وكذلك هل هناك اختلاف بين آل البيت لدى السنة والشيعة؟
يتفق المسلمون قاطبة على المكانة العظيمة لآل بيت الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهم الآتون من نسله الشريف، عبر على بن أبى طالب، وفاطمة الزهراء، وهو الرأى الراجح استنادا إلى حديث شريف جمع خلاله النبى، صلى الله عليه وسلم، فاطمة وعلى، وابنيهما الحسن والحسين، تحت عباءته، وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتى فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا»، وهو الحديث المعروف باسم «حديث الكساء». ويشير مصطلح «آل البيت» لدى المسلمين عامة إلى كل من ينتمى نسبا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو تفسير واسع اعتمده بعض أهل العلم، حتى قالوا إن آل البيت هم كل من اجتمع مع الرسول الكريم فى رحم واحد، وقيل هم بنو هاشم إلا النساء، وقيل أيضا، إنهم من اتصل بالنبى محمد، دينا أو نسبا، استنادا إلى أن آل البيت حرم عليهم قبول الصدقة، بموجب الحديث النبوى: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدِ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ».
ويرى فريق آخر أن آل البيت هم أهل النبى الكريم وعشيرته، وذوو قرابته، الواردين فى حديث الكساء، ونسلهم، بينما قال آخرون إنهم زوجات الرسول وحدهن.
ورغم اختلاف أهل السنة حول المستحقين للقب آل البيت، تضييقا، وتوسيعا، فإنهم اجتمعوا على محبة، ورعاية كل من له صلة بالنبى صلى الله عليه وسلم، ولو كان من أصحابه، خاصة أن بعض أصحابه يرتبطون معه بصلة مصاهرة، مثل: أبوبكر الصديق، والد أم المؤمنين عائشة وعمر بن الخطاب والد زوج الرسول السيدة حفصة، ويرى أصحاب المذاهب الشيعية أن آل بيت النبى، هم من وردوا فى آية التطهير بقول الله تعالى فى سورة الأحزاب: «وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» «33»
وأوضحوا أن آل البيت هم كل من يحملون صفات النبى الكريم، ومن أكملوا مسيرته الشريفة وحملوا رسالة الحق من بعده.