فجأة.. هبت الأمة العربية من نومها الطويل، الذي يشبه نوم المعيز علي القنا، وهزت لحمها العجالي الميت منذ سنوات طويلة، وأخذت ترقص رقص الجواري والقيان، وهي تغني.. طار فين الهوا شاشي.. وأنت ما تدراشي.. يا جدع.. طر في شاورلي عليه.. حكم الجزم ماشي.. حكم الجزم ماشي ،ثم أخذتها العزة بالنفس والعنتريات القديمة، وهي التي افتقدت الاحساس بالعزة، وراحت تصرخ بأعلي صوتها.. ياجزمة الغضب.. يا موحدة العرب، ثم تلحفت بالبلادة والتناحة، وراحت تغط في نوم عميق، انتظاراً لجزمة طائرة أخري، تحقق أحلامها في النضال، وتعيد لها أمجاد الماضي السحيق، وتمنحها.. سيف صلاح الدين، الذي يباع في المزاد بفرختين وحتة جبنة. فجأة.. تعالت صرخات الفرح الجنوني، واشتعلت الحماسة في الخارطة الميتة، ووصل سعر الجزمة الطائرة عشرة ملايين دولار، وصارت رمزاً للعرب، ويا خيبة أمة، تصبح الجزمة رمزا لنضالها، ويا وكسة أمة عاجزة عن الفعل والمواجهة، عاجزة حتي عن حفظ ماء وجهها المراق علي الأرصفة، ولحمها الذي يباع في واجهات المحل بسعر الجزم القديمة، ويا مصيبة أمة تهلل للجزمة وتعتبرها نصرها الأول والأخير، ونهاية مسيرتها النضالية المظفرة، بعد أن حررت العراق وفلسطين، وضربت أمريكا بكل جبروتها، علي قفاها، وجعلت أعزة أهلها أذلة، أمة لم يعد وراءها غير أن تقف علي النواصي، وتغني.. يا تجيبلي جزمة جلد يا بلاش يا وله.. روح رجع الزنوبة يا بلاش يا وله.. الجزمة الجلد طارت، وفي خلقة بوش نامت، وكل القفاوات ارتاحت يا وله. لقد اعتبرت الأمة العربية - الغارقة في خلافاتها السياسية والنحوية، والراكعة أمام السلطان الأمريكي، أن جزمة الزيدي هي الخلاص ورد الاعتبار، والوسام الذي تضعه علي صدرها المعرقب، وتتيه به زهواً بين جزم العالم، فقد أنقذها الله، وأخرجها من ذلها الطويل، وساق إليها الزيدي، ليقوم بالفعل نيابة عنها، ويحدف بوش المصاب بالهلاوس بالجزمة التركي المعتبرة، ومن يومها يا ضنايا والراجل جاتله عقدة الجزم، وطالب زعماء العرب، أن يعقدوا مؤتمراتهم الصحفية بعد ذلك من الجوامع، وأي صحفي لابس جزمة، يتم سحله مقدما من باب الاحتياط، حاكم الواحد دلوقت، مش عارف الجزمة هاتجيله منين، وعلي الجانب الآخر.. طالب البعض، باعتبار يوم الجزمة عيداً قومياً للأمة المهزومة، خرج الأخ قذاف الدم، ليعلن أننا سنواصل نضالنا بالجزم!!! ونعم النضال والله.. بس ياريت تخلي النضال بالقباقيب، علي الأقل ناشفة وتفتح دماغ الزبون، أو حتي بشباشب زنوبة.. بتلسوع الجتة أجدع من الجزم. وأنا بداية، لست ضد ضرب بوش بالجزمة، فهو يستحق ألعن من ذلك، وياريت كمان حد يحدف الولية السودة الكودة رأس العبد كونداليزا بقبقاب معتبر، لكن أنا ضد اعتبار الجزمة رمزاً للمقاومة والنضال، مقاومة إيه يا بعدا؟! وانتوا لحد دلوقت واقفين صف أمام المقدس بوش، إما انتظاراً للعفو والسماح وصكوك الغفران، وإما انتظاراً لكام شوال فلوس تفكوا زنقتكم، أو تجوزوا بيهم العيال، ضد اعتبار أن جزمة الزيدي التركي، نهاية للذل العربي الطويل. محمد الرفاعي