منذ بداياتها المذهلة في مونديال 1994 في الولاياتالمتحدة، كان الهدف الدائم لنيجيريا، الدولة الاكثر سكانا في افريقيا، هو الالتحاق باكثر الامم تطورا على صعيد كرة القدم، وسيكون هدفها في كأس القارات من 15 الى 30 حزيران/يونيو في البرازيل ترك بصمة تميزها بين هذه الامم. ومنذ ذلك التاريخ، حرصت نيجيريا على ان يظهر منتخب "النسور الكاسرة" على مستوى الطموح فتأهل الى نهائيات المونديال 3 مرات في 4 محاولات وحافظ على كونه احدى القوى رئيسية في القارة السمراء، الا انه في الاونة الاخيرة لم يقدم المردود الذي يأمله مشجعوه بعد الفوز الرائع بذهبية اولمبياد اتلانتا 1996. لكن الحلم بالمجد الغابر بدأ يعود تدريجيا الى انصار المنتخب بعد تعيين الدولي السابق ستيفن كيشي مدربا للمنتخب اواخر عام 2011 واحرازه كأس الامم الافريقية مطلع العام الحالي في جنوب افريقيا والذي وضع حدا لفترة طويلة استغرقت حوالي 20 عاما من القحط على الصعيد القاري. واقدم كيشي بشجاعة منقطعة النظير على المخاطرة من خلال استبعاد بعض اللاعبين الاساسيين في حملته الافريقية والاعتماد على منتخب شاب يضم في صفوفه عددا لا بأس به من اللاعبين في الدوري المحلي ما سمح لبعض الاسماء الاقل شهرة مثل ايمانويل ايمينيكي هداف كأس الامم الافريقية وصنداي مبا مسجل هدف النهائي في البطولة ذاتها، باثبات قدرتهم على التألق على الساحة القارية. وعلى غرار العديد من المشاركين في كأس القارات، لم يكن مشوار نيجيريا بعد التتويج في جنوب افريقيا على مستوى الطموح والدليل تعادلها في التصفيات المؤهلة الى نهائيات مونديال 2014 في البرازيل ايضا مع كينيا 1-1 بشق النفس وبفضل هدف متأخر لنامدي اودوامادي (88) ابقاها في صدارة المجموعة السادسة بفارق الاهداف امام ملاوي. وقبل المشاركة في عرس القارات، تعادلت نيجيريا وديا مع المكسيك 2-2، وفازت على كينيا 1-صفر ثم تعادلت مع ناميبيا 1-1 في التصفيات المونديالية، وكانت قريبة من ان تكون ثالث منتخب يتأهل الى النهائيات بعد البرازيل المضيفة واليابان لو فازت في المباراة الاخيرة. وعلى ضوء هذه النتائج، قد تشكل كأس القارات فرصة جديدة لمنتخب "النسور الكاسرة" للاستعداد للموعد الحاسم والمرتقب مع ملاوي على ارضها في ايلول/سبتمبر. وتمنح المشاركة نيجيريا ايضا فرصة مواجهة افضل المنتخبات في العالم قبل العودة الى البرازيل مجددا بعد عام في حال تأهل الى نهائيات مونديال 2014 وهو ما تتمناه. وتجمع المباراة الافتتاحية للمجموعة الثانية نيجيريا مع تاهيتي الحلقة الاضعف نظريا بين المشاركين، وستكون بالتالي بالنسبة الى رجال ستيفن كيشي تجربة اولى لتوجيه ضربة قوية قبل الاختبارين الحقيقيين امام الاوروغواي بطلة اميركا الجنوبية واسبانيا بطلة العالم واوروبا. نجوم من المنتخب كان المنتخب النيجيري على الدوام منذ 3 عقود ولا يزال يزخر بالنجوم بدءا من كيشي وانتهاء بالجيل الحالي الذي يضم خصزصا صانع العاب تشلسي الانكليزي جون اوبي ميكل ومهاجمه فيكتور موزس فضلا عن الحارس فنسنت انيياما. اوبي ميكل: يعقد عشاق منتخب نيجيريا امالا كبيرة على صانع الالعاب المتمرس جون اوبي ميكل (26 عاما) لتقديم الافضل مع رفاقه في هذا المونديال المصغر بعد ان اكتسب الخبرة والنضج الكروي في القارة العجوز من خلال هجرته اليها صغيرا السن وتحديدا عندما كان في السابعة عشرة. ولفت ميكل الانظار خلال مشاركته مع منتخب بلاده في بطولة العالم للناشئين في فنلندا عام 2003 وكان وقتها يلعب مع فريق بلاتو يونايتد المحلي، انضم بعدها الى اياكس كايب تاون الجنوب افريقي لموسم واحد، وكان تألقه في بطولة العالم للشباب في هولندا عام 2005 عندما قاده الى المباراة النهائية التي خسرها امام الارجنتين 1-2 واختير ثاني افضل لاعب في البطولة، جواز سفره الى لين اوسلو النروجي. لعب ميكل 6 مباريات فقط مع لين سجل خلالها هدفا واحدا، فقرر مانشستر يونايتد الانكليزي التعاقد معه وتوصلا بالفعل الى اتفاق بيد ان تشلسي دخل على الخط وخطف خدماته صيف 2005، ما ادى الى نزاع بين قطبي الكرة الانكليزية لكن اللاعب النيجيري كشف لاحقا انه لا يريد اللعب مع "الشياطين الحمر" وهو اجبر على التوقيع مع الاخير، علما بانه كان حينها في الثامنة عشرة من عمره فقط. توج ميكل مع تشلسي بعدة القاب محلية لكن الانجاز الابرز في احراز دوري ابطال اوروبا عام 2012، فضلا عن الالقاب الفردية كافضل لاعب واعد مع الفريق اللندني (2007 و2008) وافضل لاعب واعد في القارة السمراء (2005 و2006). وبلغ اوبي ميكل الذي يتمتع ببنية هائلة، حاليا قمة النضوج، ولعب في كأس الامم الافريقية الاخيرة دورا مزدوجا باهرا فكان خير سند لخط الدفاع الشاب وخير مهين للمهاجمين. موزس: حافظ فيكتور موزس (22 عاما) رغم سفره طفلا الى انكلترا والتحاقه باكثر من منتخب انكليزي للفئات العمرية الدنيا، على النموذج النيجيري الخالص، وهو يشكل حسب التقليد الصافي للاجنحة النيجيرية من التسعينات، قوة ضاربة وسريعة تهدد باستمرار منطقة الخصوم فضلا عن ركلاته القوية وتمريراته العرضية الحاسمة. ويعتبر موزس حاليا وبعد الثقة الكبيرة بالنفس التي اكتسبها مع تشلسي منذ انتقاله اليه في الموسم الماضي، احد اللاعبين الموهوبين والواعيدين على صعيد القارة السمراء. انيياما: في تشكيلة اعتادت على ركب المخاطر، يعرض الحارس فنسنت انيياما لوحده منتخب نيجيريا للخطر من خلال حركاته البهلوانية احيانا اذا كان مزاجه غير طبيعي. وكثيرا ما يقوم انيياما باستعراضات مذهلة ناجحة على غرار ما حصل في مونديال 2010 في جنوب افريقيا حيث نال جائزة افضل لاعب مرتين في 3 مباريات قبل ان يودع العرس العالمي. ويكون انيياما، الحارس الاساسي لمنتخب نيجيريا منذ اكثر من 10 سنوات، في معظم الاحيان مصدر ثقة كبيرة في نفوس زملائه المدافعين الاقل خبرة ما يدفعهم على تقديم افضل ما لديهم والاستماتة في حرمان الخصوم من التسجيل. المدرب حل قائد منتخب نيجريا السابق الفائز بامم افريقيا 1994 ستيفن كيشي (51 عاما) بدلا من سامسون سياسيا في منصب مدرب المنتخب بتكليف من اتحاد اللعبة وكسب ثقته بعد ان فاز بالرهان الاول من خلال الفوز بكأس الامم الافريقية 2013، وبالتالي المشاركة في كأس القارات. وتبقى المهمة الثانية والتي لا تقل اهمية وصعوبة لكيشي الذي اشرف على منتخبي توغو ومالي سابقا، في تأهيل نيجيريا الى مونديال 2014، وهو لا يزال في الطريق الصحيح رغم صعوبة المهمة. وقبل تعيينه مدربا لمنتخب بلاده، اشرف كيشي على المنتخب التوغولي 3 مرات وقاده في احداها الى نهائيات مونديال 2006 في المانيا، وبات من خلال فوزه بكأس الامم الافريقية الاخيرة اول مدرب نيجيري يحظى بهذا الشرف، وثاني افريقي ينجح في تحقيق هذا الانجاز كلاعب وكمدرب بعد الراحل المصري محمود الجوهري. وتشكل كأس القارات امتحانا حقيقيا ثانيا لكيشي قد يرسم معالم المتبقي من مشوار التصفيات المؤدية الى المونديال