لم يكن الرئيس البوروندى، بيير نكورونزيزا، يعلم أن خروجه إلى تنزانيا المجاورة، لحضور قمة دول شرق إفريقيا، سيعزله عن بلاده، وربما يجرده من أدوات إدارة المشهد بعد إعلان جنرال بالجيش عزله، خصوصا فى ظل إغلاق القوات الموالية للانقلاب، لحدود البلاد، ومجالها الجوى. نكورونزيزا (52 عاما)، ربما يستحق فى نظر البعض هذا السيناريو، لأنه المدرب والرياضى الذى فشل فى قراءة ملعب السياسية فى بلاده، وترشح لولاية رئاسية ثالثة، رغم الرفض الشعبى الكبير الذى اقترن بهذه الخطوة، ترجم إلى احتجاجات واسعة استمرت نحو أسبوعين. عرف نكورونزيزا لدى معاصريه بولعه بكرة القدم، التى مارسها بالمدرسة ثم بالجامعة قبل أن يشغل منصب مدرب «يونيون سبورتينج»، وهو فريق من الدرجة الأولى فى بوروندى، لينشئ لاحقا «أكاديمية لكرة القدم». والتحق نكورونزيزا الحاصل على شهادة جامعية فى التربية البدنية، وعين مدربا للجمباز فى جامعة بوجمبورا، بجبهة القتال عام 1995 كأحد أفراد حركة «قوى الدفاع عن الديمقراطية»، التى تم تأسيسها غداة اغتيال أول رئيس منحدر من قبائل الهوتو (تمثل الأغلبية فى البلد)، ملكيور نداداى. وتسببت أنشطة نكورونزيزا غير القانونية ضد النظام حينها فى صدور حكم بالإعدام بحقه، عام 1998، قبل أن يتم توقيع اتفاق أروشا للسلم والمصالحة عام 2000 الذى وضع حدا للحرب الأهلية، وأعقبه العفو عن أهم قادة حركة قوى الدفاع عن الديمقراطية التى أصبح بيير رئيسها عام 2001. وفاز نكورونزيزا بانتخابات 2005 التشريعية وأقام حزبه تحالفا مع حزب المجلس الوطنى للدفاع عن الديمقراطية، ثم انتخبه البرلمان رئيسا للبلاد. وفى 2010، انتخب نكورونزيزا لولاية ثانية، ب92 بالمائة من الأصوات. ويحسب لنكورونزيزا نفسه، أنه اتخذ قرارا شجاعا بتوفير التعليم المجانى للأطفال فى المدارس الابتدائية فضلا عن مجانية الرعاية الصحية لمن هم دون الخامسة، وهو ما يؤكده المراقبون بالقول إن توجهات نكورونزيزا كانت اجتماعية بالأساس. ومع إعلانه نيته الترشح لولاية ثالثة عام 2015 عادت الاحتجاجات لتطفو على الساحة فى البلاد، حيث اعتبرت المعارضة والمجتمع المدنى، ترشح نكورونزيزا «غير دستورى»، واستمرت حتى بدأ مجموعة من الجيش، انقلابا على الرئيس فى أثناء وجوده خارج البلاد، لم يعلن نجاحه أو فشله بشكل كامل حتى مثول الجريدة للطبع، ما يعنى أن مستقبل بيير «فى مهب الريح».