«استثمار الآباء فى تعليم ابنائهم غير مجدٍ»، جملة لخص بها راجى اسعد، استاذ الاقتصاد بجامعة مينسوتا، علاقة التعليم بالوظيفة فى مصر، حيث لم يجد أسعد، بعد دراسة سوق العمل المصرية، أى علاقة للتفوق فى الثانوية العامة، أو التخرج فى جامعة مرموقة، خاصة أو حكومية، أو اتقان اللغات، وبين الوظيفة والراتب الذى يحصل عليه الفرد. بينما كان العامل الرئيسى لحصولك على وظيفة بمرتب مجزٍ وترقيك فى المستقبل هو «كونك من طبقة اجتماعية مرتفعة»، وفقا للدراسة التى أعدها أسعد، المدير الإقليمى السابق لمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا فى المجلس السكانى العالمى، بمشاركة كارولين كرافت، وقاما بعرضها فى منتدى البحوث الاقتصادية الأسبوع الماضى. ويحدد أسعد: انتماؤك لطبقة اجتماعية مرتفعة بمستوى التعليم الجامعى لأبويك، وامتلاكك حاسبا آليا قبل دخولك الجامعة. هذان الشرطان، وفقا للدراسة، يضمنان لك وظيفة جيدة براتب ضعف ما يحصل عليه أقرانك، وبعد خمس سنوات سيكون راتبك أكثر من ثلاثة أضعاف، «هذا لأن الوظيفة الجيدة تضمن زيادة الراتب باستمرار على عكس الوظائف السيئة التى حصل عليها الآخرون، هذا يعنى أن النظام مغلق على أبناء الأسر الجيدة»، وفقا لاسعد. وتقول الدراسة التى أعدها اسعد اعتمادا على بيانات العمالة الرسمية فى 2012، أن خريج الجامعة من أسرة جيدة، فى المتوسط، حصل على قرابة ال2000 جنيه، كأول راتب، مقارنة ب1000 جنيه، لأصحاب المستوى الاجتماعى الأقل، وإن كانوا تخرجوا فى نفس الكليات أو المعاهد، بنفس التقديرات. وبعد خمس سنوات من التوظف، يحصل ابن الطبقة الاجتماعية الأعلى فى المتوسط، على 6300 جنيه، مقارنة ب1800 جنيه لابناء الطبقات الأقل، «وهذا يعنى أن تأثير الاسرة يزيد مع الوقت وليس العكس». يقول اسعد إن التشوه الاساسى فى العلاقة بين سوق العمل والتعليم تأتى من سوق العمل، وليس التعليم، كما يعتقد البعض، «الرسائل القادمة من سوق العمل تقول ان القطاع العام هو الافضل للتوظف، وهو مهتم بالوسائط واثبات بشهادة التخرج، أيا كانت، أما القطاع الخاص فيهتم بالولاء لذا يتجه لتعيين المعارف والاقارب، وأبناء الطبقة العليا، الذين يعتبرهم أكثر ميلا للاخلاص والمستوى الثقافى المرتفع» وفقا لاسعد الذى يرى أن هذه السلوكيات تشوه سوق العمل. أما عن التعليم، فيقول اسعد إن التعليم الخاص مستعد لتقبل رسائل سوق العمل، «التعليم الخاص يعتمد على اقبال الطلاب عليه، ولهذا فهو أكثر تقبلا لتغيرات السوق، أما الحكومى فموازناته ثابتة بغض النظر عن مخرجاته، ولهذا حتى لو كان المحرك الاساسى لسوق العمل هو درجة وكفاءة التعليم، فإن التعليم الحكومى، لن يفى بمتطلبات سوق العمل». ويرى اسعد الحل فى أن تقوم الدولة بتوجيه الاشارات السليمة للتعليم، بأن القطاع الخاص هو الأفضل، وأن تتم اتاحة التمويل للجامعات الحكومية على اساس كفاءتها فى تخريج عمالة صالحة لسوق العمل، وليس بمقدار ثابت، «وإلا لن يتغير الوضع».