أثارت إشارة «رابعة» التي رُفعت في حضور وزير التعليم بفناء مدرسة المتفوقات للعلوم والتكنولوجيا، جدلاً أخرج الموقف من سياقه، مع محاولة التصنيف السياسي لأسرة الفتاة التي لوحت بها. «بوابة الشروق» حاورت الطالبة حبيبة محمد وأختها الكبرى، للتعرف على حقيقة الموقف. حبيبة محمد يوسف، (16 عامًا)، طالبة في المرحلة الأولى من الثانوية العامة بمدرسة المتفوقات للعلوم والتكنولوجيا بالمعادي. هي ابنة لأستاذ بكلية التربية الفنية، جامعة حلوان، والابنة الوسطى في أسرة مكونة من أربع بنات وابن واحد. راهنت أسرتها يوم 24 يناير 2011 أن القادم ثورة شعبية كبيرة، وشككت أسرتها في هذا التوقع، ثم فازت في الرهان. سلمى، الشقيقة الكبرى لحبيبة والطالبة في كلية الطب، تصف البيت بأنه "أسرة ديمقراطية وثورية، شاركت في الأحداث والموجات الثورية المتعاقبة، ويكفل الوالد حرية الرأي لكل فرد من أفراد الأسرة". أولى مشاركات حبيبة الميدانية كانت مع أسرتها في جمعة الغضب، 28 يناير 2011، ثم تكرر نزولهم في سبت الرحيل وجمعة التنحي. فور انتهائها من اختبارات منتصف الفصل الدراسي في نوفمبر 2011، توجهت حبيبة إلى شارع محمد محمود ثم عادت إلى منزلها بآثار "ميكوجيل" والخل على وجهها. يومها تعرضت لعتاب الوالد لأنها لم تخبره كي يذهبا سويًا. كما شاركت في تظاهرات يوم الطالب العالمي التي نظمتها حركة "طلاب مصر للتغيير". عندما بدأت الموجة الثورية الأخيرة في 30 يونيو، شرعت حبيبة في الدعوة للتوقيع على استمارة "تمرد"، وقد نجحت في الحصول على توقيع أحد أقاربها على الاستمارة. قبل إدخال بيانات الاستمارة على موقع الحركة، أعادت قراءة الاستمارة بتمهل وغيرت رأيها، وقد التزمت البيت في 30 يونيو، رغم اعتراضها على سياسة الرئيس المعزول. تقول حبيبة إنها قبلت المشاركة في "حسن ضيافة وزير التعليم" لدى زيارته لمدرستها، رغم امتعاضها من افتعال إقامة الطابور – على غير العادة، في بداية اليوم الدراسي في مدرستها الداخلية. اعترضت أيضًا على توزيع أعلام مصر لتعليقها في رقاب الطالبات، حيث اعتبرته مظهرًا شكليًا لا يعبر عن الوطنية الحقيقية، لكنها تماسكت ولم تنفعل إلا حين رأت كاميرا التليفزيون المصري. سمعت الطالبات بالمدرسة، أن الوزير قد قرر رفع نسبة المقبولات من مدرستهم الجديدة في الجامعات، وظنت حبيبة أن زيارة الوزير كانت لاستكشاف معامل المدرسة والتجربة التعليمية الجديدة التي تحاول تقديمها، ولمناقشة الطالبات في القرار الأخير. رفعت إشارة «رابعة» في وجه كاميرا التليفزيون الرسمي اعتراضًا على ما رأته استغلالًا لهن في تجميل صورة حالة المدارس في مصر، وعبرت عن غضبها من عدم تغطية أخبار اعتقالات الطلاب والمدرسين المعترضين على تشغيل أغنية "تسلم الأيادي"، وعدم نشر التليفزيون الرسمي أخبار إطلاق قنابل الغاز والرصاص لتفريق تظاهرات المدارس. أثار غضبها أيضًا أن إدارة المدرسة قررت ترك الطالبات في فناء المدرسة وتأخير بدء الحصص والمعامل لحين وصول الوزير، اعتبرته حبيبة إهانة لهن ودعاية كاذبة بأن الوزير قد حضر الطابور معهن. جددت رفع إشارة "رابعة" في حضور الوزير في الطابور الثاني الذي أعادوه بعد ساعة من الانتظار في الشمس، ولم تنزل يدها إلا أثناء النشيد الوطني. تقول حبيبة، إنها "عارضت الرئيس المعزول حين وجدت حوادث الإهمال تتكرر في عهده ويذهب ضحيتها عشرات التلاميذ والجنود البسطاء". ليس لها صوت انتخابي، لكنها كانت تميل بين اثنين من المرشحين المحسوبين على الثورة؛ وهما عبد المنعم أبو الفتوح، وحمدين صباحي. وقد احتفلت بفوز محمد مرسي نكاية في الفلول، على حد تعبيرها. لكن ذلك لم يكن تأييدًا "على بياض"، فعارضته بما تكتبه على شبكة الإنترنت. عن علاقتها بالإخوان، تنفي كل من حبيبة وسلمى انتماء أي فرد من الأسرة للإخوان، وتؤكد حبيبة أنها ليست تهمة كي تتبرأ منها، وأن ربط كل من يتخذ موقفًا مناصرًا للحق بتيار الإخوان هو أمر لا يستحقه الإخوان، الذين ترى في قادتهم كذبًا ونفاقًا كبيرًا. أما عن استدعاء الوزير لها في مكتب مدير المدرسة ل"تعريفها غلطها" بعد وشاية إحدى الصحفيات بها، فتعلق عليه بأنه تضخيم لموقف بسيط كان يمكن أن يعبر بهدوء. تضيف حبيبة أنها نفت للوزير أن انفعالها أمامه بالبكاء كان بسبب الخوف منه، بل تأثرًا لما وقع على زملائها في المدارس الأخرى من اعتداءات. وعن إنذاره لها بعدم تكرار "الحديث في السياسة" داخل أسوار المدرسة، تقول إنها رفعت أربع أصابع ولم تنطق بكلمة. هل تكرر حبيبة رفع إشارة "رابعة" إذا تكررت زيارة الوزير أو وجود كاميرا التليفزيون؟، ترد حبيبة بأنها لا تريد أن تستبق الأحداث، وأن لكل حادثة حديثًا.