عصر الأحد الماضى قررت مشاهدة مباراة كرة القدم بين الزمالك والأهلى فى دورى المجموعات لبطولة الأندية الأفريقية، كى أهرب لتسعين دقيقة من «وجع دماغ» السياسة. منيت نفسى بمباراة جيدة، وعندما سجل الزمالك هدفه الأول فى بداية المباراة، شعرت أن «الحال المايل» يمكن أن ينعدل أخيرا باعتبارى زملكاويا قديما. الفرحة بفوز زملكاوى طال انتظاره انطفأت ليس فقط حينما تعادل الأهلى سريعا، لكن لأن ثلثى الحاضرين فى صالة تحرير الصفحة الأولى بجريدة الشروق كانوا أهلاوية. مع توالى أهداف الأهلى تعاظم حزنى ووصلت إلى قناعة أن الثورة ستنجح فى مصر فقط حينما يكسر الزمالك هذا النحس المستمر منذ سنوات ويفوز على الأهلى. منذ سنوات يدخل الزمالك مبارياته مع الأهلى منهزما، وصار ذلك قاعدة عصية على الكسر، كل شىء تغير فى مصر إلا هذه القاعدة تقريبا. حدثت فى سنوات نهاية حكم مبارك رغم أن الأخير وابنه جمال كانا يشجعان الزمالك، وحدثت فى عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة والجميع يعرف أن المشير حسين طنطاوى كان مشجعا زملكاويا أصيلا ومتحمسا، وحدثت فى عهد محمد مرسى الزملكاوى أيضا. وها هى تحدث الآن فى ظل المرحلة الانتقالية الثانية ولا أعرف إذا كان الدكتور حازم الببلاوى والفريق أول عبدالفتاح السيسى زملكاوية أيضا أم لا؟!. لا أكتب الآن عن الكرة، بل عن جانب نفسى محدد وهو أن جزءا من أنصار ثورة 25 يناير صاروا أقرب إلى نفسية جمهور الزمالك الذين يعتقدون أن نجاح الثورة يعنى فوز فريقهم على الأهلى. جمهور الزمالك فى صبره صار أقرب إلى حالة المصريين التى تحملت أخطاء وكوارث حكوماتها وأنظمتها المستبدة منذ عشرات السنين، وهى تصبر على أمل نصر قريب. ما الذى يجعل فريقا ينهزم قبل أن ينزل الملعب، وما الذى يجعل حزبا ينهزم قبل أن يخوض الانتخابات؟!.. وما الذى يجعل أشخاصا وقيادات وشخصيات عامة لا تثق فى نفسها؟!. مأساة الزمالك فى مواجهة الأهلى ربما كانت هى أيضا جزء من مأساة مصر. المتمثلة فى غياب الرؤية والتخطيط الإدارة العلمية الصحيحة، والرقابة والمتابعة. يفوز الأهلى فى مرات كثيرة، ليس لانه الأفضل، بل لأنه «أفضل السيئين» ولديه حد أدنى من الإدارة الجيدة، مقارنة بالزمالك الذى دفع أثمانا باهظة نتيجة الإدارات العشوائية والمزاجية. عندما سجل الأهلى هدفه الرابع تمنيت من الله ألا تصل النتيجة إلى ستة حتى لا يعود التاريخ نفسه وندخل نحن جماهير الزمالك فى مأساة جديدة يظن البعض أننا نسيناها. كشفت المباراة مجددا عن أن خفة دم المصريين بلا حدود، خصوصا فى الربط بين الأهداف الأربعة وإشارة رابعة العدوية وكان من أطرف التعليقات التى قرأتها «ربنا يكون فى عون الزملكاوى الإخوانى». قلبى مع الاصدقاء الزملكاوية العظام ابراهيم عيسى وعمرو خفاجى وعمرو سليم وياسر رزق، ومن حسن الحظ أن جميعهم ليسوا إخوانا. رغم كل شىء، ورغم الهزيمة فإن الكرة لاتزال تمثل متنفسا لغالبية المواطنين ليرفهوا عن أنفسهم قليلا. لايزال الأهلى والزمالك قادرين على امتناع الناس والسؤال متى يعود الأمن لتعود الحياة طبيعية وتعود مباريات الدورى ووقتها فربما تحدث المعجزة ويفوز الزمالك على الأهلى.