يتلقى عشرات من المصابين السوريين العلاج في جناح هادئ في مستشفى زيف شمال إسرائيل، متجاهلين ولو مؤقتًا حالة العداء بين دمشق وتل أبيب، وتثني فاطمة وهي سورية انتهى بها المطاف في المستشفى مع ابنتها بعدما أصيبتا بشكل بالغ في رجليهما في انفجار قذيفة في مدينتهما درعا بجنوب سوريا، على الطاقم الطبي. وتقول: "إنهم يهتمون بنا ويظهرون لنا الكثير من الاحترام". ولكن السيدة التي تعلم بأن سوريا وإسرائيل ما زالتا رسميًّا في حالة حرب، كانت مترددة في الكشف عن اسمها وطلبت استخدام اسم مستعار لها ولابنتها. وقالت : "أرجوكم.. لا تظهروا وجهي". وفاطمة (41 عامًا) وهي أم لتسعة أولاد، فقدت الاتصال بأسرتها بعد الانفجار الذي وقع قبل أكثر من شهر، وهي واحدة من 73 سوريًّا عولجوا في إسرائيل منذ بداية العام. وتشرح: "لقد أصبت بصمم من الانفجار"، موضحة "كنت في حالة لا أعلم كيف وصلت إلى هنا. أتذكر أناسًا يحملونني ويساعدونني وبعدها وجدت نفسي في مستشفى إسرائيلي". وكانت فاطمة تقوم بأعمالها المنزلية المعتادة عندما أصابت قذيفة هاون منزلها ما أدى إلى إصابتها مع ابنتها زهرة التي تبلغ ثمانية أعوام. وأوضح الأطباء أنها تعاني من "صدمة شديدة جراء الانفجار بالإضافة إلى فقدان أنسجة وعظام من كاحلها"، بينما تعاني ابنتها من كسور في ساقيها. وفي السرير المقابل، تجلس فتاة سورية من درعا أيضًا فقدت ساقيها في الحادث. ويتصاعد التوتر في إسرائيل حيث يسارع الإسرائيليون إلى استبدال أقنعة الغاز القديمة أو الضائعة خوفًا من ضربة غربية مرتقبة على سوريا القريبة، ما قد يدفع النظام السوري أو حليفه حزب الله اللبناني إلى الرد على الدولة العبرية. وإسرائيل التي لا تزال رسميًّا في حالة حرب مع سوريا، تحتل 1200 كيلومتر مربع من هضبة الجولان منذ يونيو 1967، وقامت بضمها العام 1981 في قرار لم تعترف به الأسرة الدولية. ويؤكد الطبيب كالين شابيرا، نائب مدير المستشفى أنه لا يتم إرجاع أي مصاب سوري يأتي للعلاج في المستشفى. ويؤكد "لا يهم من أين يأتون، نحن نأخذهم ونعاملهم برحمة. من المهم توفير المساعدة الطبية بغض النظر عن أي شيء، هذا مبدأ المهنة الطبية". ويشير الطبيب إلى أن "غالبية المصابين القادمين من سوريا مدنيون أبرياء لم يشاركوا في القتال، وبينهم العديد من النساء والأطفال". ويتابع "يحضر الجيش السوريين إلى هنا، لا نعلم من أين يأتون أو من هم. ولكننا نعلم بأنهم ليسوا من قوات الرئيس السوري بشار الأسد". ويقول الجيش الإسرائيلي: إنه نقل عشرات المصابين السوريين عبر معبر القنيطرة في الجولان المحتل إلى مستشفى زيف. ويوضح شابيرا "عندما يصبح بإمكان المصاب مغادرة المستشفى في أمان، يتم تسليمه إلى الجيش الذي يأخذه إلى سوريا ولكنني لا أعلم أين". وفي وحدة الطوارئ، يعالج شاب سوري من إصابات يبدو أنها لحقت به جراء القتال. ويبرز جرح من معدته المفتوحة نتيجة "رصاصة في البطن" بحسب الدكتور يتسحاق كوفمان في وحدة الطوارئ. ويحاول الرجل الحديث ولكنه لا يستطيع ذلك ويشير الطبيب إلى أنه تعرض "لثقب في القصبة الهوائية" لمنع تفشي عدوى الشعب الهوائية كما بتر إصبعه نتيجة رصاصة أخرى. ويقول الطبيب "ربما كان الإصبع الذي يستخدمه لإطلاق الزناد" في إشارة إلى أن الرجل قد يكون مقاتلًا ضمن مجموعات المعارضة. وحول اتهام النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية الأسبوع الماضي، تقول فاطمة: إنه بغض النظر عن أنواع الأسلحة المستخدمة فإن تأثير النزاع ما زال هو نفسه. وتضيف "الجميع خائف من أي نوع من الضربات والقصف التي تحدث منذ وقت طويل. نريد فقط للأمر أن ينتهي ونريد العودة إلى بلادنا".