رغم شروع وزارة الآثار فى اتخاذ عدة إجراءات لمنع تهريب الآثار المسروقة من متحف ملوى، إلا أن الوزارة ذاتها لم تهتم ببقايا التمثايل الضخمة التى لاتزال ملاقاة على الأرض داخل المتحف الذى يقع فى قلب مركز ملوى على بعد نحو 250 كم عن العاصمة. المتحف الذى كان يضم آثارا فرعونية استخرجت من منطقة تل العمارنة نهبت العملات الذهبية والبرنوزية والتماثيل الصغيرة من طابقيه بشكل كامل على مدى يومين، حيث استمرت السرقة من مساء الأربعاء وحتى مساء الجمعة بحسب روايات متطابقة لشهود عيان من أهالى المنطقة المحيطة بالمتحف. لا تتجاوز أسوار المتحف ارتفاع المترين منها نحو 50 سم من الحجارة والباقى من أسياخ الحديد التى سقط غالبيتها ولم يتبق منها إلا القليل بعد أن قام اللصوص والبلطجية بنهب ما تبقى من منشآت فى مبنى المتحف الذى دشن قبل عشرات السنين. يقع المتحف الذى سرق منه نحو ألف قطعة أثرية، أبرزها تمثال لابنة الملك أخناتون الذى حكم مصر فى عصر الأسرة الثامنة عشرة بالإضافة إلى قطع من عملات ذهبية وبرونزية يرجع تاريخها إلى العصر الأغريقى والرومانى، فى المربع الأمنى كما يطلق عليه الأهالى فبجواره مبنى المجلس المحلى وقسم الشرطة وبندر ملوى بالإضافة إلى الأمن الوطنى، فيما تطلق الشرطة الطلقات النارية من أعلى برج قريب من المتحف لإرهاب التظاهرات التى يخرج بها الإخوان فى الشارع مستهدفة الوصول إلى قسم الشرطة. تأمين المتحف لا يتمثل إلا فى نقطتى مراقبة للشرطة بداخله، بينما ظلت أبوابه مفتوحة على مصرعيها للقاصى والدانى، بينما لاتزال داخل المتحف بعض القطع الأثرية الضخمة. أمام المتحف جلس بعض أصحاب المحال فى العقار المواجه له مساء أمس الأول قبل وقت قليل من حظر التجوال، حيث قاموا بتفقد محالهم المغلقة، فيما أغلقت العيادات الطبية فى العقار المواجه للمتحف أبوابها بسبب أصوات طلقات النار التى تطلقها الشرطة من حين لآخر. يروى عم جمعة الرجل الستينى وحارس العقار ما حدث يوم الأربعاء من تظاهرات واشتباكات بين الإخوان الذين حاولوا اقتحام قسم الشرطة ولم يستطيعوا بعدما اعتلت قوات الأمن البرج المجاور له فأسقطت عددا منهم قتلى قبل أن يلجأوا للمتحف ويقوموا بتدميره فى المساء. يضيف عم جمعة «سرقة المتحف بدأت من بعد عصر الأربعاء وحتى يوم الجمعة مساء، لكن أحدا من المسئولين لم يأت خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أن اللصوص نهبوا كل ما يضمه المتحف من آثار لدرجة أنهم اشتبكوا مع بعضهم على بعض المحتويات». يواصل حديثه، قائلا: «مسئولو الآثار وصلوا يوم الأحد العصر وأخدوا شوية حاجات معاهم ومشوا بسرعة، وكانوا خايفين حد يتعرض ليهم، وسابوا باقى الحاجات فى المتحف علشان هى عاوز لورى يشيلها». على باب المتحف تجد سجلا كبيرا للزائرين لاتزال صفحاته بيضاء بينما بعض بقع الدم لاتزال موجودة، فى أكثر من مكان ورائحة الحريق تخيم على الحديقة الملحقة بالمتحف بعدما التهمت النيران بعض حشائشها. بجوار الباب الرئيسى توجد مكاتب إدارة المتحف التى تم إضرام النار فيها بشكل كامل بينما بقيت بعض الأوراق الملقاه على الأرض وتضم بعض الكشوف الخاصة برحلات المدارس للمتحف. فى الطابق الأول بقيت بعض قطع الآثار ثقيلة الحجم وقد ظهر عليها التشوه بشكل كامل، بينما بقيت آثار الأوانى الفخارية المكسرة فى الأرض بالإضافة إلى زجاج فاترينات العرض الذى بقى وحده فى أرضية المتحف مع بعض الأوراق التى كانت تشرح تاريخ الأثر. مكتب المتحف لاتزال الكتب بها ملقاة على الأرض، بينما بقيت كتب يرجع تاريخ بعضها لأكثر من 100 عام وسط مجموعة أوراق محروقة، بعدما دمرت صالتى العرض فى الطابق الأرضى. فى الطابق العلوى دمرت المحتويات بالكامل، بينما بقيت بعض ألواح الزجاج التى تركها اللصوص لانشغالهم بسرقة العملات الذهبية والمعدنية التى كان يضمها الطابق، وبقيت آثار النيران على الحائط بالقرب من كاميرات المراقبة التى يبدو أن اللصوص حرصوا على تدميرها خوفا من أن تلتقط صورا تكشف عن هويتهم.