فى العام 2006، عارض الكثيرون تطبيق ما يسمى بالأنظمة أو البرامج المميزة أو الجديدة بالجامعات، خوفا من أن تصنع طبقية فى الجامعات الحكومية، أو أن تحولها شيئا فشيئا إلى جامعات خاصة. ومرت السنوات، واتسع تطبيق هذه البرامج تحت مسميات كثيرة، تناسب الكليات التى طلبت أو بمعنى أدق وافقت على تطبيقها، فى حين مازالت كليات أخرى ترفض تطبيقها لأسباب كثيرة. لم يعرف أحد على وجه الدقة، ما إذا كان استمرار تطبيق هذه البرامج، عائدا إلى نجاحها فى تحقيق أهدافها بالنسبة للجامعة، أم لتحقيقها أهدافا حقيقية بالنسبة للخريجين فى سوق العمل، أم لأنها حققت لهم أشياء أخرى خفية، تساوى من وجهة نظر المسئولين فرق المصروفات بين الجامعات الخاصة، وبين الدراسة فى هذه البرامج. وفى ظل غياب لتقييم محايد وحقيقى لهذه البرامج من الجهات المسئولة، حاولت «الشروق» أن تجيب عن هذه الأسئلة وغيرها، من خلال يوميات الطلاب والأساتذة فى الكليات المختلفة. «كنت أعتقد أن هذا النظام يخول لنا حرية اختيار المواد التى ندرسها، وفق نظام دراسة حديث، سواء فى طريقة الشرح داخل المحاضرات أو فى المعامل، وأن المرشد الأكاديمى سيدلنى على اختيار المواد فى كل مرحلة، وسيساعدنى فى التصرف إذا أخفقت فى اجتياز بعض المواد، لكن الواقع كان غير ذلك».. بحسرة قالها أحمد رمضان الطالب فى المستوى الرابع بنظام الساعات المعتمدة بصيدلة عين شمس والعضو السابق باتحاد طلابها. «وجدنا أن الاستاذ المرشد لا يعرف شيئا عن نظام الساعات المعتمدة أصلا، والمواد أغلبها مفروض علينا فى كل تيرم، فى الوقت الذى يتيح هذا النظام للطلاب فى الخارج، تلقى المحاضرات المتخصصة فى كلية أخرى، مثل العلوم مثلا بالنسبة لنا، لكن فى مصر النظام غير مطبق فى كل الكليات». ومن بين مشكلات طلاب هذا النظام بحسب رمضان هو «تعارض لائحته، مع بعض بنود قانون تنظيم الجامعات، مما يوقع بعضهم فى مشكلات». وتقضى اللائحة بأن الطالب الراسب فى مادة لا يحصل على أكثر من «c» فى الإعادة، أى مقبول، فى حين أن قانون الجامعات يقضى بألا يحصل على أكثر من «d» أى أقل من المقبول، ثم تأتى لائحة الساعات المعتمدة لتقضى بعدم تخرج الطالب، بأقل من تقدير «c»، «وبالتالى يكون علينا إعادة الامتحان فى بعض المواد لرفع درجات المجموع الكلى». ويتابع: «وبدلا من أن ينهى طلاب هذا النظام دراستهم فى 5 سنوات، يضطرون للبقاء أكثر، لأنهم راسبون فى مادة، لا يريد أستاذها تدريسها إلا فى التيرم الذى يناسبه، ومن يتغيب عن دخول امتحان إحدى المواد لعذر مقبول، عليه أن يعيد دراستها ثانية وامتحاناتها العملية، وليس فقط دخول الامتحان النهائى على غرار طلاب النظام العادى». ويكمل رمضان: «اللائحة خصصت مصروفات محددة لطلاب الأقسام المميزة، لكن قانون الجامعات يقضى بأن يدفع أى طالب يلتحق بالجامعة مصروفات الدراسة العادية، والنتيجة أننا ندفع مصروفات النظامين دون مبرر مقنع، كما أن الكلية التى تطبق هذا النظام منذ 5 سنوات، لم تعين سوى خريجة واحدة فقط، من وقتها كمعيدة، والباقون من خريجى النظام العادى». فكر رمضان فى الانتقال إلى القسم العادى بعدما رأى أنهم لا يتميزون فى المعامل، ولا تخصص لهم مواد كيميائية خاصة، ولا يساعدهم فنيو معامل متخصصون، لكنه تراجع لأنه لا يحب التواجد وسط أعداد كبيرة، وربما يميزه شكل الشهادة فى سوق العمل. احتجاج طلاب الإنجليزى فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة توجه طلاب السنة الأولى ببرنامج اللغة الإنجليزية، للاحتجاج لدى وكيلة الكلية لشئون الطلاب، لأنهم لا يحصلون على ميزات أكبر من زملائهم نظير ال 8 آلاف جنيه، التى دفعوها. ولم يقتنعوا بمبررات الوكيلة، التى قالت لهم أن المقابل الذى يدفعونه، لا يصل إلى نصف ما يدفع فى كليات أخرى لدراسة نفس التخصص، فأجابوا بأن تفوقهم هو الذى جاء بهم إلى الكلية العريقة، وليس شيئا آخر. الحكاية روتها مها، خريجة نفس الكلية منذ 25 عاما، ووالدة إحدى الطالبات الذين تحاوروا مع الوكيلة، و«شكوا لها من أنهم يتلقون دروسهم خارج مبنى الكلية، فى قاعة بمبنى الامتحانات، ومن سوء نطق الأساتذة للغة الإنجليزية، التى تعلموها فى مدارس لغات كبيرة قبل أن يأتوا للكلية، بالإضافة إلى أن المناهج هى نفسها دون تميز عن القسم العربى، ولا تدعم الكلية طلاب البرنامج بكورسات فى اللغة الانجليزية، مما يضطرهم إلى أخذها خارجها». شكا الطلاب أيضا وفقا لرواية مها من أن الكلية «لا تتيح لهم فرصة التواصل مع عاملين فى وكالات أجنبية، ومن أن الكلية لا تهتم بوضع برامج لتدريبهم، أسوة بالبرامج التى توفرها لطلاب القسم العربى». على الرغم من كل هذه الشكاوى، لم تشجع مها ابنتها على الانتقال إلى القسم العربى، «ليس من أجل شكل الشهادة، لأن اسم الكلية وحده يكفى، لكن لأن عدد الطلاب الذى يصل إلى 1300 طالب، لن يمكنها من التواصل مع الاستاذ كما هى مع عدد أقل من 200 طالب، بالإضافة إلى أنها درست طوال عمرها باللغة الإنجليزية، فلتكملها بالإنجليزية». مشاعر طالب عادى هذا هو حال الطلاب المميزون فكيف هى مشاعر العاديون؟ محمد الشندويلى، الطالب بصيدلة عين شمس بالنظام العادى، لا يرى أن طلاب الساعات المعتمدة مميزون، لأن أعدادهم قليلة داخل المحاضرة، «بل مظلومون، لأنهم يدفعون آلاف الجنيهات دون عائد حقيقى من وجهة نظره». ويقول الشندويلى: «المعامل هى نفسها والمناهج هى نفسها فى النظامين، سوى زيادة فى مادة واحدة يدرسها أصحاب الساعات المعتمدة، هى مادة تصميم الأدوية، التى لن تميزهم فى سوق العمل، لأن فرص العمل شبه مغلقة فى هذا المجال». مضيفا: «لا نشعر بأنهم يتعالون علينا، لأنهم يعرفون أننا دخلنا الكلية بنفس المجموع، وبعضنا خريجو الثانوية البريطانية أو الدبلومة الأمريكية، فكان يمكننا الالتحاق بنظامهم، لكننا فضلنا العادى، حتى لا نضطر لحضور كل المحاضرات مثلهم، خصوصا أن الجميع يعتمد أيضا على الدروس الخصوصية، ونأخذ الدروس معا، حتى إن كان البعض لا يحتاجها، بسبب ضغط الأهل أو الخوف من الامتحان». المسئولون يعترفون هذه هى آراء الطلاب.. لكن كيف يراها المسئولون بالكليات؟ «طبقنا نظام الساعات المعتمدة فى الكلية، لدعم طلبة نظام الفصلين، لأن الحكومة لا تدعم الكلية إلا بالقليل، ولو بقينا على حالنا، لأصبحنا مثل مدارس الحكومة، التى كانت الأفضل تعليما ثم أصبحت الأسوأ، لأن المصدر الثانى لدعم الكلية هو الوحدات ذات الطابع الخاص، لكنها تخضع لعرض وطلب السوق وحاجاته للاستشارات الهندسية، ولو اعتمدنا عليها كنا قفلنا». قالها عميد هندسة القاهرة شريف مراد، الذى يؤكد أن أساس الدراسة بالكلية هو لطلاب النظام الأصلى «نظام الفصلين الدراسيين»،، فلا تزيد نسبة طلاب الساعات المعتمدة، الذى طبق منذ 2006، على 20% فقط من الطلاب، أى نحو 1500 طالب فى الخمس سنوات. مصروفات طالب النظام الاصلى لا تتعدى 500 جنيه سنويا، بينما تدور مصروفات طالب الساعات المعتمدة حول العشرين ألف جنيه، وفقا لعدد الساعات التى يختارها الطالب. ويكمل: تطبيق هذا النظام ساعد فى تطوير الكلية، ودعم معاملها بملايين الجنيهات لخدمة كل الطلبة على السواء، ولهذا لم يخلق طبقية داخل الكلية بين طلاب النظامين، فيدرس طلابهما على أيدى نفس الأساتذة وفى نفس المعامل وقاعات الدرس، لا يختلف فقط سوى فى الأعداد داخل قاعة الدرس. وليس فى هذا النظام إجبار للطلبة على الالتحاق به، وبعض الطلاب قد يتركون نظام الساعات المعتمدة ويعودون إلى النظام الأصلى دون مشكلات، إذا رأوا أنه الأنسب لهم. ومن الهندسة إلى كلية التجارة التى تطبق 3 برامج مميزة كما يشرح عميدها د. سعيد الضو. الأول: برنامج المتوفوقين من أوائل نظام الفصلين، والدراسة فيه باللغة العربية لنفس مناهج الكلية، لمجموعة لا تتعدى 150 طالبا، بنفس الرسوم العادية. الثانى: برنامج اللغة الإنجليزية، وطلابه نحو 1600 طالب، موزعين بين مدرجات الجامعة ومدرجات مبانيها فى مدينة الشيخ زايد، بواقع 80 طالبا فى كل قسم، برسوم 5 آلاف جنيه، بالإضافة لثمن الكتب، ويدرس فيه أساتذة الكلية الذين يستطيعون التدريس باللغة الإنجليزية. الثالث: برنامج جامعة جورجيا ولا يتعدى طلابه 180 طالبا، بواقع 35 طالبا فى القاعة، ويدرسون على أيدى أساتذة من مصر وجامعة جورجيا الأمريكية، بمصروفات تبلغ نحو 20 ألف جنيه. وهو الرقم الذى يعتبر عميد الكلية أنه لا يقارن بمصروفات الجامعة الأمريكية لنفس التخصص، والتى تبلغ 120 ألف جنيه، وهو البرنامج الذى يغطى خسائر البرنامجين الآخرين، بحسب العميد، لأن العامين الثالث والرابع فى برنامج اللغة الانجليزية يخسران، لأن المصروفات فيها أعلى من الإيرادات. ويرى العميد أن هذه البرامج ساهمت فى تنوع خريجى الكلية، كما أنها تساعد الكلية على تحقيق العدالة التعليمية داخل الكلية، عن طريق الإنفاق منها على تزويد المدرجات بأجهزة التكييف، وأجهزة العرض «الداتا شو»، وساهمت فى تقسيم طلاب النظام العادى داخل المدرجات إلى 6 مجموعات بدلا من 2، أى 600 طالب فقط، بدلا من ألفين. ويعترف العميد بأن التنوع فى الخريجين ليس معناه بالضرورة الحصول على فرص عمل أفضل لأصحاب البرامج المميزة «بصراحة كل خريجى برنامج جورجيا حصلوا على فرص عمل، لكن لا تعرف هل حصلوا عليها بسبب الشهادة التى يحملونها، أم لأن مستواهم المادى أفضل». د. سعيد يرى أن تحقيق العدالة التعليمية فى الكلية يحتاج إلى تخصيص عامين لتعلم اللغة الانجليزية، قبل أو بعد سنوات الدراسة الأربع بالنسبة للطلاب خريجى المدارس الحكومية، بالإضافة إلى التوسع فى بناء مدرجات أكثر فى منطقة بين السرايات التى حصلت الجامعة على أرضها، لتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية. تطبيق شكلى بلا جدوى إذا كان هذا هو الوضع فلماذا يشكو الطلاب؟ «المشكلة فى مصر أننا لا نطبق النظم المأخوذة من الخارج تطبيقا حقيقيا، فتطبيق نظام الساعات المعتمدة شكلى فى أغلب الكليات». قالتها أستاذة الصحافة بإعلام القاهرة إيناس أبو يوسف، وهى تقارن بين تطبيق النظامين فى الخارج وفى الجامعات الحكومية فى مصر. فى الخارج هناك مواد يجب أن يدرسها كل طلاب الجامعة بصرف النظر عن تخصصاتهم، منها اللغة الإنجليزية لعامين، والأحياء وعلم النفس والاجتماع والفلسفة والرياضيات، حتى إن كان الطالب يدرس فى كلية الطب، وهذا ليس موجودا فى مصر. كما أن طالب كلية السياسة الذى سيختار دراسة مادة القانون، يدرسها فى كلية الحقوق كما يدرسها أصحاب التخصص أنفسهم، ولكن هذا ليس مطبقا فى مصر، لأن نظام الساعات المعتمدة غير مطبق فى كل كليات الجامعة. أما عدد الساعات لكل مادة، فلو كان عدد ساعات إحدى المواد 3 ساعات تقسم على مرتين فى الأسبوع، أى يقابل الأستاذ الطلاب 24 مرة فى التيرم، أما هنا فلا يزيد ما يدرسه الطالب فى الأسبوع على ساعة ونصف ولا يقابله الأستاذ سوى 8 مرات تقريبا، فتكون النتيجة أن حجم المادة العلمية التى يحصل عليها طالب الساعات المعتمدة أقل من طالب نظام الفصلين. ولهذا لم يؤت هذا النظام ثماره فى مصر، من وجهة نظر إيناس. أما تجربة أقسام اللغات فى الكليات المصرية، فتوجه جيد نحو العالمية، لكن عند التطبيق يحدث ما يهدم الفكرة، بحسب إيناس. ففى الكثير من الكليات يكون الكتاب باللغة الإنجليزية، لكن الأستاذ يتحدث بالعربية داخل المحاضرة، لأنه ليس هناك العدد الكافى من الأساتذة المتمكنين من التحدث بالانجليزية، والإدارة تنظر للأمر على أنه «استرزاق»، ولا تشترط تخصص الأستاذ فى المادة أيضا. ولا يؤخذ تقييم الطلاب للأستاذ مأخذ الجد، لغياب رؤية أنى أعد طالب يستطيع التواصل مع العالم الخارجى، أو لأنى أعده للخروج إلى منحة «نعتبر القسم الإنجليزى دخل فى الكلية وليس خدمة تعليمية، لأن الطالب لا يأخذ مناهج من الخارج ولا يدرسه أساتذة من الخارج لتقليل التكلفة». وتكون النتيجة أن القسم العربى فى بعض الكليات يكون أفضل من القسم الإنجليزى أو الفرنسى، بسبب عدم التداخل فى تخصصات الأساتذة «فى الإنجليزى الأستاذ بيقول أقدر أدرس بالإنجليزى بصرف النظر عن تخصصه، وكمان بيعمل منهج سهل عليه تدريسه». تطالب إيناس بفتح المجال أمام طلاب الأقسام العربية المتفوقين للالتحاق بالقسم الإنجليزى مجانا، لمزيد من العدالة التعليمية، خصوصا بين طلاب حاصلين على نفس المجموع من الاصل، لكى يمكن للطالب تحسين مستوى لغته، حتى لا يضيع الكثير من الوقت، إذا حصل على منحة للدراسة فى الخارج، وأيضا فى الحصول على فرص أفضل فى سوق العمل. البرامج المميزة والدستور أما المتحدث باسم اللجنة التنسيقية لإضراب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، د. محمد كمال، فيتساءل: إذا كان التدريس باللغة الإنجليزية برنامجا مميزا فى الجامعات، فلماذا اتجه المشرع الدستورى إلى تعريب العلوم، وإذا كان الدستور يمنع التمييز على أساس المال، فلماذا التمييز بين الطلاب القادرين على الدفع وغيرهم من الحاصلين على نفس المجموع، ويدررسون داخل نفس الاماكن، وليس فى مكان آخر. ويدرس طلاب هذه البرامج نفس مناهج الطلاب غير المميزين، ولو كانت مناهج هذه البرامج مميزة حقا، فلماذا لم تدخل الجامعات المصرية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم فى التصنيفات الدولية للجامعات. ويعتبر كمال أن هذه البرامج خطوة إلى تقسيم الجامعات إلى حكومية وأهلية «خاصة»، بالبدء بالتمييز على أساس المال الآن، ثم على أساس المجموع قريبا، لأن السياسة لم تتغير داخل الجامعة بعد الثورة، بالمقارنة بما كانت عليه قبلها، بل إنها فى كثير من الأحيان تغيرت للأسوأ، بعد أن انهارت قيمة العمل واحترام الأساتذة والعاملين، ولم تزد ميزانية الدولة من نصيب التعليم الجامعى. كليات ترفض التطبيق فى المقابل مازال الكثير من كليات الجامعة ترفض تطبيق الأنظمة المميزة أو الجديدة، ومنها كلية طب عين شمس، التى طلبت الجامعة من أقسامها أن يدلوا برأيهم فى إمكانية تطبيق مثل هذه الأنظمة بها، وجاءت الإجابة من كل الأقسام بالرفض. السبب كما يقول عمرو جودة أستاذ الأنف والأذن بالكلية: «رفضنا تمييز طالب على حساب طالب آخر، لأن الكلية تريد زيادة مواردها، دون مراعاة لتكافؤ الفرص التعليمية، ولو فعلنا هذا مع من يدرسون الطب بأى معيار سيتعاملون مع مرضاهم فيما بعد، وكيف يمكن أن نحصل منهم على مقابل عن خدمة غير حقيقية، لأن المناهج هى نفسها والأساتذة لن يتغيروا، يعنى الطالب بيدفع ثمن كباب وكفتة، ثم لا يجد سوى الفول والطعمية». واقترح أساتذة القسم على الجامعة أن تطبق نظاما يقضى بقبول طلاب فى حدود العدد الذى كان سيقبل فى النظام المميز، 80 مثلا، بمجموع أقل بنصف درجة عن المجموع الذى قبل بالكلية، نظير نفس مصروفات أكبر، شريطة أن يعاملوا نفس المعاملة أثناء الدراسة دون تمييز، وتوجه الموارد لصالح زيادة عدد قاعات الدرس، نحو تحقيق الجودة فى التعليم، لكنهم لم يجدوا ردا، بحسب عمرو. فى انتظار التقييم «لا نستطيع أن نتحدث عن عدالة تعليمية الآن، أو مساواة فى الفقر، لأن الحكومة لم تعد مسئولة عن توظيف الناس مثل زمان، ووجود مثل هذه الأنظمة يفتح المجال أمام بعض أبناء الطبقة المتوسطة لسوق العمل، ممن لا يقدرون على دفع مصروفات الجامعة الأمريكية». قالتها د. نادية جمال الدين الأستاذة بالمعهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، بعد أن أخذت نفسا عميقا وعلقت: «لم يكن هذا رأيى فى الماضى، لكن الإقبال على هذه الأنظمة دليل على أن لها فائدة، لأنه لا يوجد من يهتم بتقييم التجربة». فى الهيئة القومية لجودة التعليم والاعتماد، قال د. حسين بشير، مقرر لجنة معايير المناهج، أن الهيئة تقيم البرامج التى تتقدم الكلية أو الجامعة بطلب لاعتمادها فقط، ولم يتقدم أحد لاعتماد هذه البرامج، رغم أن بعضها غير واضح، وتطيبقها أحدث شرخا فى التعليم الجامعى، وتفرقة فى فرص العمل بين الخريجين، وطبقت فقط لقصور فى الموازنات المقدمة للجامعات، ولا نعرف لماذا تطبق فى بعض الكليات دون الأخرى، لأنه لا توجد سياسة تعليمية موحدة للتعليم العالى، تلتزم بها الدولة والمؤسسات التعليمية. أما وزير التعليم العالى الأسبق د. محمد النشار، فيحب أن يسمى تلك البرامج المميزة بالبرامج الجديدة، التى يرى أن تطبيقها بالجامعات جاء لسد القصور فى تأهيل الطلاب لسوق العمل المحلية والعالمية، بسبب ضعف الإمكانيات وتزايد الأعداد، رغم أن ما يحصل من رسوم لا يمثل نصف تكلفة تعليم الطالب فيها، لكن يشكل دفعة لتطوير المؤسسة التعليمية، لكل الطلاب وليس لطلاب هذه البرامج فقط، عن طريق الارتقاء بتجهيزات الكليات ومعاملها. التطبيق بحسب الوزير يبدأ بطلب من الكلية للجامعة، بعد أن تجرى بحثا باحدث البرامج التى تقدم لطلابها فى العالم، ومنها برامج توءمة مع جامعات ألمانية وإيطالية وفرنسية، كما طبقها بنفسه خلال رئاسته لجامعة حلوان، ويعود جزء من رسوم الطلاب إلى هذه الجامعات الشريكة. يعترف الوزير بأن تطبيق هذه البرامج لم يكن أفضل الطرق لتوفير اعتمادات للكليات، لكنه كان المتاح وقتها، فى الوقت الذى يفترض أن يتكلف الطالب فى الكليات العملية 15 ألف جنيه، وفى النظرية 10 آلاف جنيه، لرواتب الأساتذة والإنشاءات والصيانة، ولا تستطيع الدولة دعمه، ليس لعدم رغبة، وإنما لعدم قدرة. أما تقييم تجربة تطبيق هذه البرامج، فيرى الوزير أن قلة عدد الطلاب فى البرنامج هو قيمة كبرى، بالإضافة إلى أن الملاحظات العامة تؤكد أن أكثر الخريجين وجدوا فرص عمل، وإن لم ينف وجود خلل فى تطبيق بعض البرامج، بسبب عدم الالتزام وافتقاد المتابعة والمحاسبة. ولفت الوزير إلى أن المجلس الأعلى للجامعات كان قد كلف لجنة بمتابعة هذه البرامج لتحصل على الجودة والاعتماد، لكن الأحداث التى مرت بها البلاد عرقلت عملها.