على نحو غير مسبوق منذ أكثر من 6 أعوام ، يعيش العراقيون يوم الثلاثاء أجواء من الفرح والسرور والاستعراضات العسكرية تصاحبها الفرق الموسيقية وحفلات غنائية لعدد كبير من المطربين ابتهاجا بانسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية كمرحلة أولى للانسحاب الكامل من البلاد بنهاية عام 2011 ، وفق توقيتات الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن منتصف ديسمبر 2008. ووصف رئيس البرلمان العراقي إياد السامرائي يوم بداية عملية الانسحاب بأنه "يوم تاريخي يسجل لصالح العراقيين ومن شارك في العملية السياسية وكان على ثقة من إنجاز عملية التحرير الكامل لأرض العراق من الوجود الأجنبي". وقال : "نثمن كل جهد مخلص كان من أجل تحرير العراق ، حتى أولئك الذين اختلفنا معهم في الاجتهاد وطبيعة الوسائل التي تتخذ لأننا كنا واثقين أن الخط السياسي الذي سرنا فيه هو الخط الصحيح". وحذر السامرائي من أن النجاح الذي تحقق اليوم "لا يجعلنا نغفل عن التحديات الكبيرة التي تواجه العراقيين ، لأن بناء الدولة دائما كان تحديا أكبر من التحرير لأن كثر من الدول نجحن في التحرير وسقطن في البناء". وارتفعت الزينات في شوارع المدن العراقية فيما قامت قوات الشرطة العراقية بتزيين سياراتها وهي تجوب الشوارع ، كما أقامت أمانة بغداد حفلا غنائيا غير مسبوق في حدائق منتزه الزوراء شارك فيه العديد من المطربين بينهم قاسم السلطان وصلاح حسن ، بحضور حشد جماهيري كبير ، إضافة إلى كرنفالات فرح في الشوارع وإلقاء القصائد والأهازيج. ونظمت استعراضات للجيش والشرطة العراقية في المدن العراقية بحضور أعداد كبيرة من الجماهير حيث عزفت الموسيقى العسكرية ، فيما خصصت المحطات التلفزيونية والإذاعية العراقية مساحات واسعة من برامجها لتناول عملية الانسحاب الأمريكي من العراق وبث الأغاني الوطنية في مشهد غير مسبوق في العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003. وكانت الحكومة العراقية شرعت منذ مطلع العام الحالي في تسلم أكثر من 151 من القواعد العسكرية وثكنات الجيش العراقي في المنطقة الخضراء والقصور الرئاسية والأبنية الحكومية في أرجاء البلاد ، ووضعت وزارتا الدفاع والداخلية مئات الآلاف من قواتها في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى في حالة التأهب القصوى حيث يمكن مشاهدة القوات العراقية منتشرة في الشوارع والأزقة وفي محيط الأبنية الحكومية فضلا عن الدوريات في الشوارع ونقاط التفتيش المنتشرة منذ عدة سنوات. وقال الشرطي علي حسين (26 عاما) : "نحن الآن في حالة إنذار بعد استكمال انسحاب القوات الأمريكية من المدن ، قواتنا جاهزة لإثبات قدرتها على الأرض ، لكن بمساعدة الأهالي لأن أساس نجاحات القوات العراقية هي الانضباط واحترام عناصر الجيش والشرطة لأنهم الجهة الوحيدة التي تتولى حماية الناس وممتلكاتهم وأمن البلاد". وبحسب مصادر أمنية عراقية ، تم نشر نحو 160 ألفا من رجال الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية في شوارع بغداد ، وضعت جميعا في حالة الإنذار فضلا عن عشرات الآلاف في المدن العراقية الأخرى التي تحصنت في ثكنات الجيش الأمريكي التي بدأ الانسحاب منها تدريجيا منذ مطلع العام الجاري في مراسم احتفالية. وذكر مسئولون بوزارتي الدفاع والداخلية العراقية أن القوات الأمريكية ستبقي عددا محدودا من قواتها داخل المدن لمعاونة القوات والأجهزة الأمنية في مجالات المراقبة والرصد والسيطرة والإسناد الناري والجوي والمدفعي وأجهزة الاتصالات والأقمار الاصطناعية. وأعلنت الحكومة العراقية يوم الثلاثاء يوم عطلة رسمية لجميع المؤسسات والوزارات الحكومية ودعت العراقيين إلى إقامة الاحتفالات الجماهيرية دون فرض حظر التجوال ، والتحرك بحرية وإطلاق تسمية يوم "السيادة الوطنية" و"الشموخ و"والعرس الوطني" على هذا اليوم الذي يعد مناسبة وطنية في العراق.