«الوطنية للانتخابات» تكشف سبب عدم فتح 34 مقرًا انتخابيًا بالخارج    إدراج 29 جامعة مصرية في نسخة تصنيف QS للاستدامة    السياحة والآثار تشارك في المعرض السياحي الدولي ITTF وارسو ببولندا    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    السياحة: تزايد أعداد السائحين البولنديين للمقصد المصرى بنمو 37% خلال 9 شهور    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    سعر الحديد والأسمنت في مصر اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    حصاد الإسكان في أسبوع، اجتماعات مكثفة وجولات ميدانية وقرارات لإزالة التعديات ودعم التنمية العمرانية (فيديوجراف)    قاضية أمريكية تأمر بوقف نشر الحرس الوطني بواشنطن وتتحدى ترامب    زيلينسكى يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة رشوة ال100 مليون دولار    ارتفاع حصيلة وفيات الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام إلى 43 شخصا    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    مران الزمالك الختامي مفتوح للإعلام غدا في هذا الموعد    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو في الكونفدرالية يصل القاهرة    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    23 لاعبًا في قائمة الأردن النهائية لبطولة كأس العرب    موعد التدريب الختامي للزمالك وزيسكو قبل موقعة الكونفدرالية    مفاجأة في أزمة نقابة الموسيقيين، حفظ التحقيقات رغم إقرار أعضاء المجلس بوقائع فساد    "النيابة" تستمع لأقوال المتهمين في واقعة قتل شاب بالدقهلية وإخفاء جثمانه 6 سنوات    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    أسماء مصابي مشاجرة الأسلحة النارية في أبو تشت بقنا.. إصابات بالغة بينها طلق ناري بالعين    ضبط 367 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح نارى فى حملة موسعة    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    الأمين العام للأعلى للآثار يلقي محاضرة عن الآثار المصرية بمتحف قصر هونج كونج    فى ندوة اغتراب.. المخرج مهدى هميلى: أهدى هذا الفيلم إلى روح أمى    إكسترا نيوز من موسكو: العائلات وكبار السن من أبرز مشاهد انتخابات النواب    جامعة القاهرة: أصداء إعلامية عالمية واسعة للزيارة التاريخية للرئيس الكوري الجنوبي    تعرف على سر سورة الكهف.. وفضل قراءة السورة يوم الجمعة❤️    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" أذكار الجمعة التي تغيّر يومك للأفضل    وزير الصحة يتابع معدلات الإنجاز ل46 مشروعا صحيا في 11 محافظة    جامعة قناة السويس تنفذ حملة توعوية موسعة بقرية الوصفية    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    تطورات جديدة في ملف تجديد عقود ثنائي الزمالك    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    ضجة بعد تحذير جنرال فرنسي من خسارة الأبناء ضد هجوم روسي محتمل    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بلا إخوان
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 02 - 2013

بعض الخيال قد يكون مفيدا لإحسان التعامل مع الواقع، ومن ذلك تخيل مصر بلا إخوان، ثم تخيل المشهد السياسى، الذى سيخلو وقتئذ لا من الإخوان فحسب، وإنما من جل منتقديهم كذلك.

•••

ليس ثمة سبيل للدفاع عن الأداء السياسى للإخوان: فنزيف الدماء المستمر، والتراجع الاقتصادى، وتآكل شرعية النظام السياسى، وغيرها من المشكلات القائمة تكشف بعض أوجه العجز والتقصير المستحق للتقريع، وليس ثمة شك أن نقدهم باعتبارهم أصحاب السلطة تشريعا وتنفيذا هو حق وواجب، بيد أن هذا النقد تتضاءل فائدته إن لم ينطلق من مشروع سياسى مغاير، وتكاد تنعدم إن صار هو نفسه المشروع السياسى للمنتقدين.

ويبدو رغم ذلك أن جل قوى المعارضة اختارت قصر مشروعاتها السياسية على نقد (وربما معاداة) الإخوان، أو أنها على أفضل تقدير انشغلت بنقد الإخوان عن بناء مشروعاتها، وهى فى ذلك درجات: منها من حصر نفسه فى الإطار الشخصى، فلم ينشغل بغير نقد شخوص قيادات الجماعة ومحاولة إثبات خطئهم وتأكيد سوء نواياهم ومخالفة أقوالهم أفعالهم (وهى دعوى لا تقدم ولا تؤخر كثيرا، بقطع النظر عن مدى صحتها)، من دون أن يتناول مناقشة السياسات، ومنها من يقصر نقده للإخوان على تصرفات إجرائية وإدارية، فلا يعكس نقده رؤية سياسية مختلفة بقدر ما يعكس إيمانه باستطاعته إدارة ذات مشروعهم بشكل أكثر فاعلية.

وبعض من يحاول تقديم مشروع مغاير تأتى مغايرته فيما لا يتصل بالقضايا السياسية المهمة، فتقدم بعض الاحزاب نفسها كبديل أكثر «وسطية» و«اعتدالا» فى تصوراتها الدينية من الإخوان، فيما تعرض غيرها نفسها باعتبارها أكثر «محافظة» و«التزاما» منهم، من دون أن تقدم تلك الأطراف تصورا لما تستلزمه تلك المغايرة فى الهوية الدينية من تباين فى السياسات، سواء الاقتصادية والاجتماعية أو حتى المتعلقة بقضايا الحريات، والتى تتصدر تلقائيا بغير سبب واضح كل نقاش متعلق بالقوى «الإسلامية» (وهو مصطلح شديد الغموض، غير محدد المدلول).

وجل الأحزاب «المدنية» كذلك قصرت مشروعاتها على نقد الإخوان، وعلى هذا الأساس بنت مواقفها السياسية، حتى بدا بعضها وكأنه ينتظر خروج المواقف من الإخوان ليعارضها وإن كانت تتفق وما يدعو هو إليه، كبعض أحزاب اليمين الاقتصادى على سبيل المثال التى تعارض التوجهات الاقتصادية النيو ليبرالية للإخوان (المتطابقة مع ما فى برامجهم!) لقصورها عن تحقيق العدالة الاجتماعية (وكأنهم يطرحون ما يحققها!)، وبسبب هذا الانشغال بالإخوان لا تجد تلك الأحزاب حرجا فى بناء تحالفات سياسية وانتخابية عريضة، تجمع المتناقضات فى الموقف من الثورة، والاقتصاد، وعلاقة المجتمع بالدولة، والسياسة الخارجية، فقط لأن أطرافها يتفقون فى موقفهم من الإخوان، بل وترفض بعض الأحزاب العمل مع أحزاب أقرب لها فى القضايا سابقة الذكر لأن موقفهم من الإخوان «محل شك» أو «فيه تردد»!

وتخيل مصر بغير الإخوان يساعد فى كشف الفقر السياسى لتلك الأطراف السياسية، فمشروعاتها إن جاز تسميتها بذلك فى مجملها ستنتهى لحظة غياب الاخوان عن المشهد لأنها إنما تنشغل بهم، وتتمحور حولهم، وتتغذى على وجودهم، فإن ذهبوا ذهبت معهم، ومن ثم فهى غير صالحة لأن تحل محلهم.

•••

وإدراك هذه الحقيقة بالغ الأهمية فى ظل اشتداد الصراع داخل بعض الكيانات الرئيسة (بسبب تفجر الأوضاع على الارض بشكل متكرر من جهة، واقتراب الانتخابات البرلمانية من جهة أخرى) بين أطراف تصر على قصر مشروعاتها السياسية على ما يلزم من غياب الإخوان انعدام معناه، وأخرى تحاول صياغة مشروعات سياسية جادة تجيب بها عن الاسئلة الرئيسة المطروحة فى الشارع (ومن أكثرها أهمية قضيتا الاقتصاد من حيث الإنتاج والتوزيع، والأمن من حيث الفاعلية واحترام حقوق الانسان)، وهو صراع يعنى حسمه لصالح طرفه الأول اتساع البون بين «الساسة» والجماهير، لاستمرار انشغال الساسة بخلافاتهم البينية وعدم تحريك بوصلة الجدل إلى حيث اهتمام الجماهير ومصالحهم.

وثمة فرق ينبغى الالتفات إليه بين وظائف الكيانات الحقوقية والحركات الاجتماعية والمقاومة التى يسعها الاكتفاء بالموقف النقدى المعارض للنظام (وإن ظل انطلاقه من قاعدة واضحة من الأهداف المبتغى تحقيقها أو القيم المراد الحفاظ عليها واجبا) وبين الكيانات السياسية التى ينبغى عليها تقديم مشروعات بديلة لما يطرحه الحكام، وإلا كانوا بعجزهم يساهمون لا فى بقاء خصومهم فى السلطة فحسب، وإنما فى استمرار سوء أدائهم لغياب البدائل الكاشفة لذلك والمحفزة على التطوير.

وثمة فرق آخر ينبغى الالتفات إليه بين اللحظة الحالة ولحظة «التحرير»، التى التف فيها الجميع، بتباينات سياسية كبيرة، وفى غياب رؤية واضحة للمستقبل، مطالبين برحيل مبارك، إذ أداة القمع أزيلت (أو كادت)، والتفاف الجماهير حول الحركة الاحتجاجية يقل لانقطاعها عن آمالها وآلامها، والإخوان يستمدون شرعية بقائهم فى السلطة من فوز انتخابى، والرئيس له نسبة تأييد كبيرة فى الشارع، وما يحتاج المصريون رؤيته هو مشروعات للتغيير لا تكتفى بنقض القائم بل تقدم له بديلا، ومثل هذه المشروعات يستحيل تفرعها عن موقف يكتفى بنقد الاخوان.

•••

هذه ليست دعوة لتجنب نقد الإخوان أو تخفيف حدته، فنقد الجالسين على العروش واجب، وكشف الانتهاكات الحقوقية والمخالفات المالية والإدارية لا بد منه، ولكنها دعوة لبناء مشروعات سياسية جادة، تحمل إجابات عن الاسئلة المختلفة فى المجتمع، وينطلق منها النقد، بحيث لا تكون «إخوانية» الإخوان سبب نقدهم، ولكن الخلاف فى السياسات، وفى الإجابات المطروحة عن الاسئلة الأهم التى تسألها الناس: الأمن والاقتصاد، وأسئلة القصاص وإعادة تنظيم مؤسسات الدولة والعلاقة بينها وبين المواطن والعلاقات الخارجية وبنى الاقتصاد وقاطرات التنمية.

إن الإشارة لأوجه القصور فى مشروع الإخوان وإن أدت لإيمان الناس جميعا بفشله لن تفيد شيئا طالما لم يقدم خصومهم مشروعا سياسيا بديلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.