عاد الهدوء مجددا إلي مدينة بورسعيد، وتحديدا منطقة بور فؤاد، التي شهدت اشتباكات بين طلاب المدينة الجامعية، وعدد من شباب ألتراس جرين إيجلز، بعد إخلاء المدينة الجامعية من جميع الطلاب المقيمين فيها وإرجاء الامتحانات إلي أجل غير مسمى، بينما تراجعت روابط ألتراس النادي المصري عن دعوتها لجمعة الغضب والشغب التي كانت مقررة اليوم الجمعة.
النقاشات والسجلات حول المسئولية، لم تنته بين مرتادي المقاهي، وفي سيارات التاكسي التي تمتلئ بها المدينة.. البعض يحمّل المسئولية للشباب المتهور، والبعض الآخر يلقيها على ألتراس النادي الأهلي الذين بدءوا الأحداث، وثالث يفضل إلغاء الدوري، وعدم لعب مبارياته تخوفا من أعمال العنف، مطالبا، بحل روابط الألتراس.
روابط ألتراس المصري الثلاثة، عقدت اجتماعات في أماكنها مساء أمس، استمرت لعدة ساعات قبل أن تقرر تأجيل التظاهرات حتى إشعار آخر، نظرا لما شاهدته من وجود حالة من الخوف لدى المواطن البورسعيدي، مما حدث من اشتباكات أمام المدينة الجامعية.
بينما كانت إحدى روابط الألتراس، تجتمع في الكشك المخصص لها بميدان المسلة على بعد أمتار قليلة من مديرية أمن بورسعيد، كان بعض الجنود المشاركين في فض الأحداث قد عادوا لخدمتهم مرة أخري، حيث جلسوا في سيارات الأمن المركزي، منتظرين أي تعليمات جديدة، ووقفت السيارة المدرعة التي تدخلت لإلقاء القنابل المسيلة للدموع في انتظار صدور أمر جديد بالتحرك.
شباب الألتراس اتخذوا قرار الإرجاء حتى وصول رد المسئولين على مطلبهم، إما بنقل المحاكمة لبورسعيد أو الحكم غيابيا على المتهمين، في جلسة النطق بالحكم المقرر لها يوم 26 يناير، حيث تلقوا وعودا بأن يكون الحكم غيابيا من عدة مسئولين، حسبما أكدوا ل"الشروق"، رغم عدم قانونية ذلك لمحاكمة المتهمين منذ بداية الجلسات حضوريا.
المدينة الجامعية، خلت من الطلاب بشكل كامل، بينما جلس ثلاثة من عمال الأمن يتسامرون خلال نوبتهم في الحراسة يتذكرون ما حدث الليلة الماضية، فيما كانت أضواء بعض الغرف لا تزال مضاءة، حيث تركها الطلاب المقيمون فيها، وغادروا دون إطفائها، وفي الحديقة المواجهة للمدينة عاد حارسها رمضان عبد العزيز وأسرته ليسكنوا في الحجرة المخصصة لهم.
يقول رمضان، الشاب الثلاثيني، الذي أصيب في رأسه بقطعة من الرخام خلال محاولته إبعاد أسرته، إن الحجرة، التي يقيم بها في حديقة نادي الحي، تم تدميرها بسبب ما حدث من اشتباكات وإصابة رأسه تم معالجتها ب8 غرز، بالإضافة إلي إخبار الأطباء له بضرورة متابعة حالته الصحية مع طبيب عظام لإصابته بكدمات متفرقة في الجسم.
ويشير إلي، أن غرفته سرقت منها أموال أيضا خلال حالة الزحام التي شهدتها المدينة، ولم يعرف من قام بذلك، لافتا إلي أنه أكثر المتضررين مما حدث لكن لا أحد يشعر به، وأنه قام بتحرير محضر بقسم شرطة بور فؤاد من أجل الحفاظ على حقه.
المنطقة المحيطة بالمدينة تم إزالة عدد كبير من بقايا الاشتباكات منها، بينما لا تزال علامات ألتراس وايت نايتس وألتراس ديفلز الأهلي موجودة على حائط مبني المدينة، بينما أطفئت غالبية أعمدة الإنارة في الشوارع المحيطة بها، وبقيت آثار بعض حبات الزجاج المتناثرة التي استعملها طلاب المدينة في الشارع.
بينما أصبحت المدينة من الداخل غير قابلة للسير فيها، بسبب كثرة الحجارة والطوب المنتشرين فيها، حيث تحتاج لعدة أيام من أجل إصلاح ما لحق بها من أضرار، واتفق اتحاد طلاب الجامعة مع رئيس الجامعة على تشكيل لجنة لحصر التلفيات وإصلاحها، خاصة أن غالبية الغرف كسر زجاجها، مما يجعل هناك صعوبة في الإقامة بها لانخفاض درجات الحرارة.
أمام قسم بور فؤاد أول، والذي لا يبعد عن المدينة الجامعية سوي عشرات الأمتار، كانت المباحث الجنائية تقوم بتحرياتها حول الواقعة، والتي لم تكتمل حتى ظهر اليوم، لتحديد سبب الاشتباكات، فيما بدأت النيابة التحقيق في الأحداث واستمعت لأقوال عدد من الشهود الذين ينتمي غالبيتهم لمدينة بورسعيد.
عدد من شباب الألتراس، كشفوا ل"الشروق" عن حقيقة ما دار على مدار 14 ساعة، مؤكدين على أن تفاقم الأمور يرجع لاحتجاز اثنين منهم، وأن الشابين المحتجزين لم يكونوا بمفردهم عند دخولهم للمدينة من أجل مسح علامات ألتراس ديفلز وألتراس وايت نايتس وبعض العبارات المسيئة لألتراس الأهلي.
الشباب الذين رفضوا ذكر أسمائهم، قالوا، إنهم من روابط ألتراس النادي المصري الثلاثة في بورسعيد واتفقوا على التوجه في مسيرة سلمية لم يزد عدد المشاركين فيها على 13 شخصا، في الثامنة صباحا، قبل موعد الكليات الخاصة بطلاب المدينة الجامعية، لإيصال رسالة لهم بأن بورسعيد بها رجالة لا تقبل الإهانة التي يتعرضوا لها خلال تواجدهم في دمياط الأيام الماضية، حيث تعرضت الرحلات التي توجهت لرأس البر وطالبات معهد الحاسب الآلي للإهانة والسباب رغم أنهم ليس لهم علاقة بالكرة.
"إنك تشتم بنت بورسعيدية كأنك طعنت البورسعيدي في شرفه"، كلمات يقولها محمد العباسي أحد شهود العيان مؤكدا، على أن تصرفات شباب الألتراس لا يمكن التوقع بها، لكن في الوقت نفسه لا يجب علي الأمن أن يسمح بإهانة يتعرض لها أبناء بورسعيد دون أن يكون له موقف، لاسيما أن الفيديوهات تم رفعها على موقع "يوتيوب" من أجل استفزاز البورسعيدية على حد وصفه.
المناوشات مع طلاب الجامعة لم تنته ببداية مغادرتهم ولكنها استمرت طوال أمس لمن تبقي ولم يغادر، حيث كان يتعرف عليهم ألتراس المصري من حملهم لحقائب السفر الكبيرة وانتظار المعدية لكي يصلوا لموقف سيارات بورسعيد، وهو ما كاد أن يشعل أزمات أخري ولكن بعيدا عن المدينة، نجح العباسي في احتواء إحداها، بعدما شاهد اثنين من الطلاب يسيرون باتجاه المعدية بينما يسير خلفهم مجموعة من الشباب يرددون أحاديث تنتقدهم بشدة.
المناوشات وصلت أيضا إلي دمياط، حيث كان يؤدي عدد من الطلاب البورسعيدية امتحاناتهم بكلية الآداب وبسبب حالة الاحتقان تم استئجار سيارتين اجرة لعودة 28 من الطلبة، حيث وصلوا إلي بورسعيد في حراسة أمنية، بعدما تلقوا تهديدات بالتعرض لهم.
المطالبة بتأجيل الامتحانات للكليات الموجودة في دمياط، أصبحت هي السمة الرئيسية لما يطالب به أبناء بورسعيد، خوفا على حياة أبنائهم وفي ظل حالة الاحتقان الموجودة بين ألتراس النادي المصري البورسعيدية وألتراس أهلاوي المتواجدين في دمياط.
اتحاد طلاب جامعة بورسعيد، أعلن الاتفاق على تأجيل امتحانات جميع الكليات لمدة أسبوع، باستثناء كلية الهندسة التي سيتحدد مصيرها غدا السبت، من خلال لقاء سيتم بين عميد الكلية وممثلين عن الطلاب، مع إمكانية تأجيل امتحانات الترم لشهر فبراير المقبل إذ ما ساءت الأوضاع.
شباب ألتراس المصري المنقسمين إلي 3 مجموعات كبري، في روايتهم ل"الشروق"، على أن زملاءهم عندما صعدوا بدءوا بالفعل في إزالة العبارات بعد مفاوضات مع مسئولي المدينة، لكن مع مشاهدة الطلاب المقيمين لهم بدأوا في التجمع وبدأت الأحداث تتصاعد بشكل كبير حيث احتُجز زميلاهما الاثنان.
احتجاز اثنين من ألتراس المصري، دفع المتظاهرين الموجودين في الخارج إلي الاتصال بزملائهم الذين بدءوا في التجمع والاحتشاد مع مرور الوقت، بينما استغل الطلاب الموجودين في الداخل وجود بقايا رخام وزجاج الشبابيك في قذف المتجمعين في الخارج، فيما قاموا بتحويل الديسكات المخصصة للمذاكرة لمصادمات ووضع عدد كبير منها في الدور الأخير.
اتحاد طلاب جامعة بورسعيد، أطلق مبادرة للصلح بين جماهير ناديي الاهلى والمصري حقناً للدماء مع المطالبة بإعادة هيكلة المدينة الجامعية إداريًّا وفنيًّا، بما يحقق الأمن للطلاب وتغيير المدير الحالي وكل متهاون فى اتخاذ إجراءات لحماية الطلاب، وإطلاق حملة لحماية المنشآت ببورسعيد وخاصة المنشآت التعليمية.
"لما يبقوا يرجعوا يقعدوا باحترامهم وإحنا نضايفهم ونحترم وجودهم لكن مش يبقوا في بلدنا وبيهزؤونا، ولو اتكرر الموضوع تاني هنروح بردوه تاني، لأننا مش بنعمل حاجة غلط، وكل تحركتنا سلمية والعنف اللي حصل كان بسبب حدف الطوب، إحنا لما بنروح نوقف حاجة بنوقفها بأدب واحترام، من غير مشاكل لينا مطالب وهي مشروعة وعاوزين نحققها".. كلمات يعبر بها عدد من أعضاء ألتراس المصري عن تصرفهم حيال عودة الطلاب.
أعضاء ألتراس النادي المصري اعتبروا ما يحدث مؤامرة من ألتراس أهلاوي لإيصال رسالة للمسئولين بأن نقل المحاكمة لبورسعيد سيجعلها غير آمنة، وهو ما نجحوا فيه من خلال إحداث الاشتباكات أمام المدينة، حتى يعطوا صورة أن ألتراس المصري يستخدم العنف.