قرعت إسرائيل طبول الحرب على قطاع غزة المحاصر، لتعلن عملية «عامود الغيمة» (العقاب السماوي بالعبرية)، بعد أقل من أربع سنوات من سابقتها «الرصاص المصبوب»، التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 1400 شهيد فلسطيني، إضافة لآلاف الجرحى ومليارات الدولارات من الخسائر المادية. ويبدو أن العدوان هذه المرة «لن تحده حدود»، حيث أشار المتحدث باسم رئاسة الحكومة الإسرائيلية، أفيدور جندلمان، أنه «لا حصانة لأحد من حماس». وبالفعل قتل الاحتلال «رئيس أركان حماس» أحمد الجعبري، مع تواتر أنباء عن تفجيرات أمام منازل عدد من قادة حماس.
وبحسب صحيفة «جارديان» البريطانية، فإن القضاء على حركة حماس عبر تصفية أعداد كبيرة من قيادتها، لن يحل مشكلة إسرائيل؛ «فهناك العديد من الجماعات الإسلامية المتشددة خارج سيطرة حماس»، وهو ما يجعل العواقب غير مؤكدة.
وتابعت أنه: «في حالة اختفاء أو انهيار حماس، ستصعد هذه الجماعات المتطرفة لتملأ فراغ السلطة، وبالتالي ستواجه إسرائيل الأسوأ».
من جانبها، ذكَّرت «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية إسرائيل بتاريخها مع المقاومة الفلسطينية، منذ الثمانينيات، عندما اعتبرت تل أبيب أن صعود الإسلاميين في حماس سيكون مفيدًا؛ كونهم منافسين لحركة فتح العنيدة، بقيادة الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، وعندما تخلى عرفات وخليفته محمود عباس وحركتهما (فتح) عن خيار الكفاح المسلح، بقيت حماس لتزعج إسرائيل.
ورأت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، غير سعيد مع عباس، لكن بالتأكيد سيكون حاله أسوأ مع حماس؛ ف«اليوم هناك حركة الجهاد (الإسلامية)، إضافة لجماعات أكثر تشددًا».
وفي ضوء هذا الوضع والسيناريوهات السيئة لكلا الطرفين، تساءلت نيويورك تايمز الأمريكية، عما إذا كان القصف الإسرائيلي على غزة مفيدًا في الدفاع عن «الأمن الإسرائيلي»، معتبرة في افتتاحيتها أنه على إسرائيل أن تتعلم الدرس من حرب الأسابيع الثلاثة في 2008 – 2009، فها هي حماس باقية في حكم غزة، والصواريخ مستمرة في ضرب إسرائيل.
وحذرت من أن هذه الحرب ربما تبعد انتباه العالم عما ظل يردد نتنياهو أنه الخطر الأكبر على إسرائيل، ألا وهو «البرنامج النووي الإيراني»، معتبرة أنه كان الأفضل لنتيناهو أن يوسط مصر للتوصل إلى «اتفاق وقف إطلاق نار دائم»، ربما كان ذلك سيكون أكثر فائدة في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.