«المدفع ضرب، يمكنكم الإفطار الآن، وهناك مكان مجهز للصلاة خارج قاعة الطعام لمن أراد أن يصلى». الكلمات السابقة نطق بها الدكتور القس إكرام لمعى رئيس مجلس الإعلام بالكنيسة الإنجيلية مخاطبا المدعوين فى حفل الإفطار السنوى الذى نظمه «مجلس الحوار والعلاقات المسكونية» فى مدرسة رمسيس مساء امس الاول الاربعاء.
المدعون كانوا خليطا متنوعا من مشارب شتى، وإن كان معظمهم محسوب على التيار المدنى عموما، من أول يحيى الجمل الذى احتفل الحاضرون صدفة بعيد ميلاده إلى القيادى الإخوانى المحترم والمتنور د.كمال الهلباوى وبينهم جمع حاشد من سياسيين وكتاب وفنانين منهم جميل مطر وعمرو حمزاوى والفنانة بسمة والشاعر عبدالرحمن يوسف ومحمد نور فرحات ود.آمنة نصير ووائل قنديل ومارجريت عازر والفنان لطفى لبيب ومعظم رموز الكنيسة الإنجيلية فى مصر وعلى رأسهم صفوت البياضى رئيس الطائفة.
أكلنا ما تيسر من الطعام فى هذا المكان القريب جدا من كتدارئية الأقباط الأرثوذكس بين غمرة والدمرداش، ثم صليت المغرب.
الأحاديث قبل وأثناء وبعد الأكل كانت متشابهة تقريبا وتتمحور حول فكرة جوهرية وهى الخوف مما هو قادم، بعد أن فاز إخوانى برئاسة الجمهورية ثم أزاح الجيش وقادته من المشهد السياسى تماما وانفرد بالساحة دون شريك.
لا ابالغ اذا قلت ان بعض من كانوا بجانبى من المدعوين كان الذعر يقفز من أحاديثهم، أحدهم يقول إن الضربة القادمة من الإخوان ستكون موجهة ضد القضاء خصوصا المحكمة الدستورية، وترد نائبة سابقة بأن محمد مرسى سيعيد مجلس الشعب المنحل خلال أيام عبر استفتاء مضمون النتيجة.وعندما قلت لها إن ذلك شبه مستحيل، لأنه غير محتاج للمجلس الآن بعد أن استولى على السلطة التشريعية من المجلس العسكرى ردت بالقول: سنرى؟!.
وانهمك الجميع فى أسئلة واستفسارات عن من الذى خان طنطاوى وسلم الجيش للرئاسة؟!!.
المخاوف لدى الليبراليين غير مبررة من وجهة نظرى، لكن التمس العذر دائما للإخوة الأقباط، الذين كانوا يخشون التيار الإسلامى وهو يعمل تحت الأرض أيام مبارك، فما بالكم وهو موجود فى السلطة؟!.
ورغم ذلك قال لى صديق قبطى إن المؤمن الحقيقى بالديمقراطية عليه أن يدعم مرسى فى قراراته الأخيرة بشأن الجيش لأنها تقوى الدولة المدنية بصورة كبيرة حتى لو لم يكن يقصد ذلك.
فى كل الأحوال مخاوف وهواجس وشكوك الأقباط مبررة وينبغى أن يحاول الرئيس مرسى وفريقه الرئاسى الاستمرار فى طمأنة كل المصريين خصوصا الأقباط بأنه لن ينقلب على الدولة المدنية، لكن ليس بالكلمات والشعارات بل عبر أفعال على الأرض.
بعد تناول الطعام بدأت ندوة بعنوان «مستقبل مصر بين التيار الدينى والدولة المدنية» نظمه سنودس النيل الإنجيلى التابع لمجلس الحوار،وبالمناسبة «سنودس» تعنى باليونانية والقبطية «المجمع الأعلى»، لكن د.ثروت قادس رئيس المجلس قال إن ترجمتها الأدق هى «معا على الطريق»، ملتقطا ببراعة أن هذا ما تحتاجه مصر فى المرحلة المقبلة مسلمين ومسيحيين يعيشون معا ويفكرون معا ويتقدمون معا.
أحد الحاضرين تندر على أن عنوان الندوة تم وضعه قبل قرارات مرسى وبالتالى وجب تغييره إلى مستقبل مصر بين الإخوان والسلفيين!.
قبل بداية الندوة كان جميلا أن يدعو إكرام لمعى للوقوف دقيقة حدادا على أرواح الشهداء، ثم وقف الجميع أيضا أثناء عزف السلام الجمهورى، بما فيهم من يطلق اللحية ويقصر الشارب.
المعانى التى قيلت فى هذه الليلة فى المبنى التابع للكنيسة الإنجيلية كانت راقية وممتازة، لكننا نحلم أن تنتقل من هذه القاعة المغلقة إلى فضاء الوطن الرحب.