تقول الباحثة الأكاديمية صفية أنطون سعادة، في كتاب لها صدر خلال الشهر الحالي، إن أمريكا تحولت مع رئاسة جورج بوش الابن إلى دولة تقمع الحريات، وأن الرئيس الحالي باراك أوباما نكث بوعود كان قد قطعها، ولم يخرج عن النمط الذي ساد في عهد بوش الابن. الدكتورة صفية سعادة كريمة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي الراحل أنطون سعادة كانت تتحدث في كتابها "أمريكا في الشرق الأوسط"، الذي جاء في 155 صفحة، وصدر عن (دار كتب للنشر) في بيروت.
وقالت المؤلفة "تحولت أمريكا مع رئاسة جورج بوش الابن إلى دولة أوتوقراطية تقمع الحريات وتزدري الديمقراطية، وتمثل هذا المنحى بالقرارات التالية: 1-قانون العدو المقاتل.. 2- القانون الوطني ..3- تزييف الإعلام".
أضافت، "لم يكتف أوباما بإتباع نفس الوسائل التي أدرجها جورج بوش الابن في قانون العدو المقاتل، بل سمح لنفسه بأن يأمر قواته السرية باغتيال مواطن أمريكي دون محاكمة، إذا شك بإنه يعمل مع من يسميهم بالإرهابيين، وهذا تماما ما تم تنفيذه في اليمن، حيث قامت طائرة أمريكية بالقضاء على الأمريكي أنور العولقي.
"ثم إن أوباما نكث بوعده في إقفال سجن جوانتنامو غير الشرعي، وتقديم سجنائه للمحاكمة، وهو باق على هذا الوضع الشاذ، مما يدل على أن ممارسات سجن أبو غريب وباجرام وجوانتنامو لم تتوقف، بالرغم من انقضاء أكثر من عشر سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر".
وعادت لتتحدث عن قانون "العدو المقاتل"، فقالت: إن الرئيس بوش وقعه في 17 أكتوبر 2001، وحدد فيه ماهية هذا القانون على أنه يستهدف:
أولا، أي شخص يقوم بأعمال عدائية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، و"الأعمال العدائية" ليست عسكرية بالضرورة بل تشمل نشاطات مختلفة. ثانيا، يطبق هذا القانون على المواطنين الأمريكيين أيضا، ويلاحقون على أنهم أعداء أمريكا. ثالثا، لرئيس الجمهورية الأمريكي الحق بإلصاق تهمة "عدو مقاتل" على أي كان. رابعا، يتغاضى القانون عن تعذيب السجناء، ويمنع تسميتهم "بأسرى حرب" كي لا تطبق عليهم القوانين الدولية الملزمة باحترامهم. خامسا، للسلطة الأمريكية الحق باحتجاز هؤلاء الأشخاص دون تقديمهم للمحاكمة ودون الإفراج عنهم، وما يزال جلهم قابعا في سجن جوانتنامو".
وانتقلت إلى الحديث عن "القانون الوطني"، فقالت: "لم تنقض عشرة أيام على توقيع اتفاق قانون "العدو المقاتل" حتى باشر جورج بوش الابن بإصدار "القانون الوطني" في 26 أكتوبر 2001، وهو بمثابة قمع للحريات الخاصة والعامة، وتعد على الدستور الأمريكي.
"فهذا القانون يسمح بمراقبة خطوط الهاتف والبريد والاتصالات بجميع إشكالها والملفات الطبية والمالية، وتفتيش منازل ومكاتب المشبوهين دون علمهم ودون العودة إلى المؤسسة القضائية لاستصدار إذن بذلك، ويشتمل القانون أيضا على تهجير الحائزين على "إقامة دائمة" في حال تم الشك بأنهم يمارسون أعمالا إرهابية سواء خارج أو داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية.
"إن هذه التغييرات الجذرية نسفت القواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان التي طالما تغنت بها الدولة الأمريكية، وتظاهرت بأنها تريد أن تنشرها في دول العالم، بينما الحقيقة هي أنها أخذت تتحول إلى إمبراطورية مستبدة، تريد أن تحكم بالسيف متى استطاعت إلى ذلك سبيلا".
وفي الحديث عن "تسخير الإعلام" قالت صفية: "إن المبادئ الديمقراطية ترتكز على إعلام حر إذ أن المواطن لا يستطيع أن يكوّن رأيا صحيحا إلا إذا كان مبنيا على الحقيقة، ومن هنا تنبع أهمية دور الصحافي في البحث الجاد والشجاع عن الوقائع وإيصالها للقارئ دون تحريف.
"هذه الصورة تبدلت جذريا مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث ضغطت الإدارة الأمريكية بهدف استعمال كل وسائل الاتصالات من صحف ومجلات وقنوات تلفزيون وتحويله إلى آلية ضخمة للدعاية الأمريكية المجافية للحقيقة، ويتم التلاعب بالمعلومات بطريقة تظهر صوابية مواقف الإدارة الأمريكية، وتبريرها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
"لم يستطع جورج بوش الابن إقناع مجلس الأمن، وإقناع شعبه باحتلال العراق إلا عبر سلسلة من الأكاذيب تمحورت حول امتلاك أسلحة دمار شامل، وانخراط عراقيين في اقتحام الطائرات لمركز التجارة العالمي.
"تطالب الإدارات الأمريكية المتعاقبة دول العالم بالشفافية التامة، بينما تنكل بمن يقول الحقيقة لا من يرتكب الجريمة وإلا لماذا يمثل الجندي الشاب برادلي مانينج أمام محكمة عسكرية قد تحكم عليه بالإعدام لأنه أفشى معلومات حول ما تقوم به أمريكا في أفغانستان والعراق وغيرها من الدول، لقد تلقفت ويكيليكس المعلومات التي سربها برادلي مانينج وصاحبها جوليان أسانج ينتظر أيضا المحاكمة".