محافظ دمياط يشارك في ندوة "الوعي المجتمعي ومكافحة الفساد" (صور)    غرفة الجيزة ترحب بمصفوفة الإصلاحات وتؤكد دعمها لتوجهات مضاعفة الصادرات    مرسى مطروح تحذر من الإعلانات المضللة لبيع العقارات المخالفة دون ترخيص    السيسي يشدد على أهمية دعم القضية الفلسطينية ويرحب بنتائج مؤتمر "حل الدولتين"    جراديشار يقود هجوم الأهلي أمام حرس الحدود بالدوري المصري    التصريح بدفن جثة شخص توفى في حادث تصادم سيارتين بالتجمع    علي الحجار نجم احتفالية 6 أكتوبر على مسرح البالون    الباراسيتامول دواء آمن وموثوق للحوامل، أستاذ نساء يرد بالأدلة العلمية على تصريحات ترامب    معهد تيودور بلهارس للأبحاث ينظم ورشة عمل جراحات المناظير المتقدمة    بالدى يعود لتدريبات برشلونة قبل مواجهة باريس سان جيرمان الأوروبية    دول غربية تعرض المساعدة في علاج مرضى من غزة في الضفة الغربية    فوزي يبحث مع وزير الرياضة مبادرات تستهدف توعية وتأهيل النشء والشباب    من المطالبة برحيله لتجديد عقده.. بوليتانو مستمر مع نابولي حتى 2028    شوبير: لجنة الحكام فاجئت الأهلي بردها على شكواه    بالأسماء، 44 أستاذا بجامعة أسيوط ضمن قائمة ستانفورد الأمريكية لأفضل 2% من علماء العالم    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف غموض العثور على جثة بترعة القاصد بطنطا    أجواء خريفية معتدلة صباح غد وشبورة واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 32    رفع 400 حالة إشغال متنوع بمنطقة السوق السياحى بأسوان    بالمستند.. «التعليم» تصدر تعليمات بشأن دراسة مادة اللغة الأجنبية الثانية    بالصور.. محافظ البحيرة تتفقد مدرسة المستقبل بالنوبارية بعد افتتاحها    أنغام تعود إلى المسرح بحفل ضخم في «ألبرت هول» بلندن    التفاصيل الكاملة لألبوم مصطفى قمر الجديد «قمر 25» وموعد طرحه    وزيرة التنمية المحلية توجه بدعم السياحة البيئية بالمنطقة    «التضامن»: تنظيم قوافل طبية للكشف المبكر عن الإعاقات السمعية للأطفال    نصائح مهمة لتقوية المناعة والوقاية من الأمراض فى فصل الخريف    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب بيراميدز: "قلة احترام وتقدير"    هيطلعوا من الأوائل.. 5 أبراج متفوقين في الدراسة    المرأة العربية تطلق ورشة حول الدليل التدريبي لمنهجية إعداد التقارير للقضاء على التمييز    قرارات جديدة من الإسكان بشأن التنازل عن الشقق والأراضي.. اعرف الأوراق المطلوبة    النحاس يحاضر لاعبي الأهلي قبل مواجهة حرس الحدود    حدفوه بطوبة من الخارج.. إصابة تلميذ في الرأس داخل مدرسة ابتدائية بقنا    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    اليوم في التاسعة مساءً تبدأ احتفالات اليوم الوطني السعودي 95    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    عادات قد تفسد ليلتك.. لماذا تستيقظ بين ال2 و3 فجرًا؟.. (العلم يفسر)    وزيرة التضامن تتابع سير العمل في مستشفى عبلة الكحلاوي ل«ألزهايمر وكبار السن» استعدادًا لافتتاحه قريبًا    الحكومة الإيرانية: اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % تحت الأنقاض ولا يمكن الوصول إليه    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    كجوك يستعرض جهود تحفيز الاستثمار بالتسهيلات الضريبية والسياسات المالية الداعمة للإنتاج والتصدير    حظر البيع بتوكيلات.. تساؤلات تنتظر الإجابة    "جاب الطالبات من الشارع".. محافظ بورسعيد يُحيل مديرة مدرسة إلى النيابة العامة    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الثلاثاء23 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس رواندا بقصر الاتحادية    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة أقوى من قرار لمجلس الأمن
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 04 - 2012

بدأ عصر جديد فى ألمانيا، فى أوروبا، بل فى العالم.

القصيدة التى كتبها الروائى المبدع جونتر جراس انتشرت فى أوروبا والعالم كما لم ينتشر عمل أدبى أو سياسى منذ زمن طويل. ترجمت إلى نحو 15 لغة وقوبلت بأقذع السباب من جانب إسرائيل وأنصارها. تدق الناقوس لأنها تعلن نهاية العصر الذى عاشته أوروبا وعاشه العالم حتى الآن منذ الحرب العالمية الثانية. لقد أزالت جدار الذنب العنصرى الذى عاناه العالم منذ انهيار النازية.

قصيدة جراس بدأت عصرا جديدا. الأمر الذى لا يستطيعه قرار لمجلس الأمن لأنه لا أحد ولا حتى إسرائيل نفسها يملك فيتو على إعلان النوايا الذى أصدره جراس نابعا من ضميره ومن وجدانه كواحد من أهم روائيى العالم. فلو جاءت كلمات جراس فى صورة قرار لمجلس الأمن بإجماع دولى لواجه الفيتو الأمريكى.

●●●

وإسرائيل تعرف هذا جيدا. لهذا جاء رد فعلها مشحونا بالفزع من القصيدة. فلا هى تستطيع أن تلجأ للفيتو الأمريكى ولا هى تستطيع أن تبقى وراء الجدار العازل الذى بقيت وراءه طوال السنوات منذ تأسيسها فى عام 1948، والذى حماها من أى نقد مباشر وغير مباشر. هذا مع أنها تأسست تحت ذريعة ما أصاب اليهود من النازية، ومع أنها نالت باتفاقية التعويضات من ألمانيا ما لم ينله فلسطينى واحد أو عربى واحد جراء سنوات الحرب والطرد والاضطهاد.

إسرائيل تعرف أن الثقافة الألمانية والأوروبية بصرف النظر عن مواقف الحكومات لم تعد تحتمل مشاعر الذنب بعد انقضاء كل ما انقضى من سنين على اندحار النازية، وأن هذا هو الدافع الأساسى وراء قصيدة جونتر جراس. إسرائيل تعرف أن الثقافة الألمانية بعد هذه القصيدة لن تعود فى وضع الاختناق الذى دام كل هذه السنوات. وإسرائيل تعرف أنها حصلت من العالم كله وليس فحسب من ألمانيا على أضعاف أضعاف التعويضات المالية التى جنتها من ألمانيا. وإسرائيل تعرف أن مبررات ما حصلت عليه سقطت منذ أن انضمت إلى النادى النووى وأصبحت قوتها العسكرية النووية سيفا مصلتا على رقاب العرب وبعد ذلك الإيرانيون. والأهم من هذا بعد أن حصلت من ألمانيا على وجه التحديد على ثلاث غواصات تسير بالطاقة النووية وتستطيع أن تطلق أسلحة نووية على بلاد العرب وإيران وقتما تريد وأينما تريد.

إسرائيل تعرف أنها تجاوزت كل الحدود التى يمكن السكوت عنها فى استغلالها لعقدة الذنب الألمانية، بينما تعيش الولايات المتحدة بلا شعور بالذنب من أى نوع نتيجة استخدامها السلاح النووى مرتين ضد الشعب اليابانى عندما كانت الحرب العالمية الثانية تقترب من نهايتها، وكان انتصار الحلفاء قد اصبح مؤكدا ولا يستوجب التصعيد إلى حد استخدام السلاح النووى للمرة الأولى وللمرة الثانية فى التاريخ على مدينتى هيروشيما ونجازاكى اليابانيتين، حينما لم تكن ضرورة والحرب تلفظ أنفاسها الأخيرة.

نستطيع أن نجزم بأن قصيدة جراس ستكون بداية لانطلاق روح جديدة فى أوروبا والعالم للنظر إلى الخطر الإسرائيلى المتربص بالبلدان المحيطة بإسرائيل والمتربص بالتالى بأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط والمتربص بإيران. ولا يمكن هنا استبعاد امتداد الخطر النووى الإسرائيلى إلى روسيا الأوروبية والآسيوية وإلى باكستان التى كسرت الاحتكار النووى وربما الصين تنفيذا لرغبة أمريكية أو عبر الحماية الأمريكية المضمونة لإسرائيل إلى حين تأتى لحظة يقظة كالتى أطلق فيها جراس قصيدته.

ولو أن اسرائيل أخفت رد فعلها المشحون برغبة الانتقام على قصيدة جراس لما اختلف الأمر كثيرا. لأن القصيدة بدأت موجة يقظة ظلت مختنقة منذ تأسيس إسرائيل. القصيدة أعطت إشارة البداية لحركة تحرر ثقافية من نوع جديد.. تحرر من عقدة الذنب التى طال عليها الزمن فأصبحت عبئا على ضمير كل إنسان معاصر، ومعظم الآدميين المعاصرين لا ينتمون لجيل ألمانيا النازية وما لحق باليهود إبان سيطرتها. بل إن معظم الأدباء والفنانين والمفكرين تجاوزوا كل الحقب التى كانت تمثلها عقدة الذنب الألمانية.

●●●

لقد دفع العالم كله ثمن هذه الخطيئة الإجرامية النازية على الرغم من أنها لم تتجاوز حدود ألمانيا كفكر عنصرى. واليوم وقد أعلنت قصيدة جراس نهاية ذلك الزمان، وأعلنت فى الوقت نفسه بداية رؤية الخطر الذى تمثله إسرائيل المدججة بالسلاح النووى وشعورا أكثر تأثرا بالنازية بالتفوق العنصرى والفكرى والثقافى والتكنولوجى، فإن الخطوات التالية ضد التفوق العنصرى الصهيونى لن تتأخر فى الظهور.

لن تذهب قصيدة جراس فى مهب الريح. إنها صيحة أجيال من المفكرين والملهمين الذين ضاقوا بالتميز الإسرائيلى الذى ترعاه الولايات المتحدة وترعاه أوروبا، مع أن الشعور القديم بعقدة الذنب لم يعد يستطيع أن يعيش ويتجدد بعد أن تخطت إسرائيل كل الحدود التى كانت تصورها فى صورة الضحية. ولم يعد دور الضحية يلائمها وهى تمارس نوعا خاصا من النازية ضد العرب.

وليس من قبيل المصادفة أن جاءت القصيدة ضد الخطر الإسرائيلى فى وقت ظهرت فيه بوادر ثورة على الأرض الأمريكية تهتف بأعلى الصوت ضد وقوف اللوبى الصهيونى الأمريكى إلى جانب إسرائيل وفى الوقت نفسه إلى جانب نسبة الواحد بالمائة من الأمريكيين الأثرياء الذين يملكون وحدهم ما يجبر باقى الأمريكيين على العيش دون المستوى اللائق.

لقد سمع صدى قصيدة جراس فى أمريكا ولابد أنها ستجد أصداءها فيما تعلنه مظاهرات الأمريكيين ضد هيمنة اللوبى الصهيونى التى تنتج هيمنة إسرائيلية بحتة على السياسات الأمريكية خارجية وداخلية وكنا نظن أنها خارجية فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.