أكد المخرج التونسي محمود الجمني أن اختيار "الحنظل "، عنوانا لفيلمه التسجيلي عن تعذيب السجناء السياسيين في فترة حكم بورقيبة والرئيس المخلوع بن علي، كان متعمدا لدلالة هذه الكلمة على مرارة العذاب وتوافقها مع مضمون شريطه الوثائقي. وشدد السينمائي التونسي الذي أنهى مؤخرا مونتاج شريطه على رفضه الترويج لفيلمه "الحنظل"، كأول فيلم تسجيلي يخصص لفضح ممارسات نظامي بورقيبة وبن علي ضد مساجين الرأي في تونس، مبررا موقفه قائلا: "مضمون الفيلم والشهادات الواردة فيه هي المقياس الوحيد لتقييمه."
على صعيد آخر، أوضح صاحب "الحنظل" أن فيلمه يطرح بالأساس انعكاسات التعذيب في سجون تونس من سنة 1956 إلى أواخر حكم بن علي -قبل 14 جانفي 2011- على الحياة النفسية لسجناء الرأي وتأثير أساليب التعذيب على أجسادهم وعلاقاتهم بعائلاتهم ومجتمعهم.
وأرجع السينمائي التونسي مسألة استعانته بمجموعة من سجناء الرأي غير المعروفين على الساحة السياسية إلى إيمانه بأن النضال ليس حكرا على سياسيين معينين وأن الوطن للجميع، كما أشار إلى أن ما يجمع الحاضرين في فيلمه الوثائقي هو حبهم العميق لتونس ورغبتهم في تحقيق دولة ديمقراطية حرة في خياراتها ورفضهم لكل أنواع الفتن التي يمكن أن تفرق بين أبناء الوطن الواحد رغم انتماءاتهم الأيديولوجية والسياسية المختلفة.
وقال في هذا السياق: "الفيلم يعكس شهادات أكثر من 14 مناضل من بينهم الكاتب اليساري جلبار نقاش والحقوقي الحبيب مرسيط وسجناء أحداث الحوض المنجمي، وعدد من مناضلي الحركة اليوسيفية (وهم أنصار صالح بن يوسف المنافس الأقوى لبورقيبة في فترة الستينات) ومناضلي التيار الإسلامي وخصوصا المنتمين لحركة النهضة الفائزة بالأغلبية في انتخابات 23 أكتوبر الأول الماضية.
من جهة أخرى، نفى المخرج التونسي انحيازه لتيار فكري أو سياسي معين، مضيفا أنه انطلق في هذا العمل من مبدأ المواطنة وعدم الانحياز لأي طرف، كما اعتبر النسق التاريخي معياره في ترتيب حضور الشهادات في فيلم "الحنظل"، كما لفت الانتباه إلى أن نهاية الفيلم ستعنون بعبارة "يتبع" أملا منه في اهتمام السينمائيين التونسيين بهذا الموضوع وطرحه في أعمالهم حتى تكشف الحقائق.