بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزى ترشحه رسميا الليلة الماضية لخوض انتخابات الرئاسة للفوز بفترة خمس سنوات ثانية، يدخل السباق الانتخابي إلى الاليزيه "مرحلة الحسم"؛ حيث يسعى المرشحون الآخرون بكامل طاقتهم إلى إعادة التمركز. ويرى المحللون أن الطريق إلى الإليزيه يتوقف عند إستراتيجية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بتأخير موعد ترشحه وإرسال وزرائه ومسئولي الحزب الحاكم للقيام بحملة انتخابية بالوكالة عنه، ولكن ساركوزى نفسه يقوم بجولات تبدو أنها في إطار حملة انتخابية؛ فيزور المصانع والجامعات والمزارعين ولكن من دون الإعلان رسميا خوضه الانتخابات التى تنطلق فى الثانى والعشرين من ابريل القادم.
وساركوزى قد أعلن امام نواب حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية الحاكم" مؤخرا أنه يعد لحملة قوية للانتخابات من دون أن يعلن ترشحه رسميا، قائلا "ثقوا بي لدي أفكار سيكون لها أثر الصدمة ومقترحات قوية جدا حول التعليم والبطالة والوظائف".
وبالفعل ظهر الرئيس الفرنسى بشعار جديد، وهو "فرنسا قوية"الذى لا يخلو من الوعود. ومع ذلك كله لا تزال تتوقع استطلاعات الرأي فوز المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند في الانتخابات.
ويتوقع المحللون الفرنسيون أن فرص نيكولا ساركوزي لفترة رئاسية ثانية سوف تتزايد شريطة إقصاء منافسته مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف في السباق الانتخابي التى تتهم حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم بزعامة ساكوزي بتدبير مؤامرة غير ديمقراطية ضدها بهدف حرمانها من الحصول علي ال500 توقيع الرسمية المطلوبة للسماح لها بخوض الجولة الأولي من انتخابات الرئاسة الفرنسية؛ وذلك من خلال تهديد ساركوزي لحاكمي القري والمدن المنتمين لحزبه بالمعاقبة المالية في حال تأييدهم لها، ما دفعها إلي الاعتماد علي توقيعات الحكام المحايدين والمستقلين قبل اقل من 67 يوما من الانتخابات الرئاسية في فرنسا.
وقالوا إن "احتمال غياب مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن عن الاقتراع لعدم حصولها على التوقيعات الضرورية، تبدو ممكنة؛ خصوصا وأن معسكر نيكولا ساركوزي يعمل على استمالة ناخبيها، وترجح الاستطلاعات أن تحصل مارين لوبن التي ورثت زعامة الجبهة الوطنية عن والدها جون ماري لوبن، على ما بين 16 إلى 20% من الأصوات مقابل 26% للرئيس المنتهية ولايته.
ويرى المحللون أن اعتماد اليمين إستراتيجية مزدوجة تميل إلى "مغازلة ناخبيه والتصدي لترشيح مارين لوبن" قد تكون محدودة النتائج.
ومع كل ذلك تلاحق النكسات والمشاكل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ فترة طويلة، بدأت بهزيمة اليمين في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة وفوز شخصية يسارية بمنصب رئيس المجلس لأول مرة منذ 1958 لتمثل ضربة لساركوزي الذي تدهورت شعبيته شيئا فشيئا فى الشارع الفرنسي.
هذا بخلاف تورط عدد من المقربين منه في فضائح فساد وتمويل سياسي غير مشروع بعد أن وجه الاتهام إلى اثنين من المقربين منه بالتورط في ملف "كراتشي" في إشارة إلى مسألة عمولات غامضة في صفقة سلاح مع باكستان.
كما أن هناك ثلاثة أشخاص من المقربين من الرئيس الفرنسي يلاحقون قضائيا، وقد يكونون متورطين في عملية تنصت على اتصالات هاتفية لصحفيين يعملون في صحيفة لوموند كانوا يحققون في مسالة محرجة مرتبطة بصاحبة المليارات الفرنسية ليليان بيتنكور.
الحملات الانتخابية على أشدها..
ويأتي إعلان ساركوزى رسميا دخوله السباق الانتخابى بمثابة إعلان للدخول فى مرحلة الجد والحسم، ولكن يبقى الشعب الفرنسى مشتتا بعد أن مل من الوعود التى يطلقها اليمين واليسار على حد السواء؛ فالمواطن فرنسي له همومه وقضاياه مثل الضرائب، والبطالة، والهجرة؛ بخلاف المناهج التربوية، ووضع الأساتذة، وسن التقاعد، والأمن.
الشعب الفرنسى يبقى هذه المرة بين خيارين أحلاهما مر فالتصويت لصالح ساركوزى قد يزيد من تدهور أحوال الفرنسيين الاقتصادية والمالية ويلقى على كاهلهم المزيد من الإجراءات التقشفية، واختيار المرشح اليسارى ربما يكون فقط من أجل التغيير.
أيام قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في أبريل ومايو، ومع اقتراب الموعد، يشتد التنافس بين المرشحين ال14، والاستطلاعات تقصر المنافسة النهائية على هولاند وساركوزى.
ويبقى السؤال من هو المرشح الذي سيحظى بثقة الشعب الفرنسي في السابع من مايو المقبل (جولة الإعادة) ويدخل قصر الإليزيه لمدة خمس سنوات؟
شاهد التقرير التالي حول إعلان ساركوزي عن دخوله سباق الرئاسة من قناة فرانس 24