«الفراعنة آتون إلى فرانكفورت» لم يعد هذا هو الشعار الوحيد الذى يجذب الجمهور الألمانى، لمعرض «توت عنخ آمون، مقبرته وكنوزه» الذى بدأ منذ 19 نوفمبر الماضى والذى يجذب سنويا ما يزيد على 2.5 مليون زائر أوروبى. بل اقتنص منظمو المعرض الواقع الثورى الذى تعيشه أرض الفراعنة، ليقيموا على هامش توت عنخ آمون «مهرجان الثقافة المصرية» خلال الأسابيع القليلة القادمة والذى يستمر حتى شهر ابريل القادم. تتبنى المشروع الطموح بترا روث عمدة فرانكفورت التى تحرص على دعوة وجوه مصرية فى مجالات السينما والفن التشكيلى والأدب والعلوم وتضع الحدث على أجندة الأنشطة الثقافية الأهم فى المدينة الألمانية، ويخصص منتدى هورتسو زيسن مساحة لعرض الفن المصرى المعاصر، حيث يقام حاليا معرض «إلى مصر مع حبي» وحتى 22 يناير والذى قدمته قاعة سفر خان بالقاهرة فى شهر مارس الماضى، ويضم أعمال فوتوغرافيا للفنانين الشباب علاء طاهر وباسم سمير وحسام حسن والتى تعكس جميعها اعتصام الثمانية عشر يوما الأولى فى التحرير. ثلاثة اساليب من المصورين الشباب، تلتقط عدساتهم لحظات ذروة الغضب ومنتهى الأمل فى أيام الغليان للثورة المصرية، كما لو كان كل منهم يكمل الآخر لتقديم لوحة متنوعة عن ثورة 25 يناير، علاء طاهر يقدم الصور البانورامية لجموع البشر فى التحرير ويلتقط لحظات توحدهم تحت العلم الذى حملوه أفقيا فوق رءوسهم يظللهم تحت إضاءة ساعة المغرب الحانية. وباسم سمير الذى اقتفى مبكرا آثار رسومات الجرافيتى، على الجدران وشعارات «ارحل»، و«النصر 25 يناير» و«فيس بوك» وغيرها، لكنه التقط أيضا فن الجرافيتى الفطرى المعروف من قبل الثورة ولكن بصورة بعيدة عن الاحتجاج، مثل بعض النماذج الفوتوغرافية للرسم الشعبى على واجهات البيوت فى المناطق الشعبية مثل الأكف التى تمنع الحسد والزهور والطيور وغيرها. أما حسام حسن، فلا يكتفى بالصورة الفوتوغرافية الصرفة، لكنه يتعامل معها عبر تقنيات الفوتو شوب، ويبرز الهالات اللونية على صور البش التى تتحول إلى مجرد بقع ضوئية فقدت ملامحها وتفاصيلها لتكون (كل فى واحد)، وعرض فيديو للفنان خالد حافظ حول «الرؤساء والبطل السوبر أو الخارق»، وهو نفس المشروع الذى أثار جدلا أثناء عرضه فى القاهرة بسبب الصورة الملتبسة التى أظهر بها الزعيم عبد الناصر والتى قرأها بعض النقاد بصفتها تهكمية.
وفى 25 يناير، فى ذكرى الانطلاقة الأولى للثورة المصرية، يقدم المهرجان معرض من «فيس بوك إلى ناسبوك» والذى يعرض أعمال تسعة فنانين يقدمون كيف تعامل الناس مع انقطاع التواصل عبر الشبكة العنكبوتية فى 28 يناير الماضى والاستعاضة عنه ب«تكتيك» الاتفاقات الشفوية.
ويحظى الفن المعاصر بمساحة متميزة من خلال التصوير والفوتوغرافيا والفيديو لمجموعة من شباب الفنانين مثل أحمد قاسم ومروة عادل ونرمين همام، لإلقاء الضوء عبر معرض «الفن المصرى اليوم» فى مارس القادم على واقع الحركة التشكيلية وخصوصياتها، كما لو كانت تذكرة أننا صنعنا التاريخ لكننا لا نزال نسهم فى رسم واقع فني ثقافي مغاير، يثبت أقدامه فى الواقع ليبدع عالما موازيا.
كما يتضمن المهرجان قراءات لبعض الكتاب المتمزين مثل خاد الخميسى الذى يقرأ مقاطع من كتابه الأشهر «تاكسي» ومنصورة عز الدين التى تقرأ من روايتها «وراء الفردوس» وغادة عبد العال من مدونتها «عايزه اتجوز» التى نشرت كتابا ظل لفترة طويلة ضمن الأفضل مبيعا قبل أن يتم تحويله إلى مسلسل تليفزيونى كوميدى. كما يناقش الكاتب الكبير جمال الغيطانى عبر روايته «متون الأهرام» العلاقة بين الصوفية فى التاريخ الإسلامى فى القرون الوسطى وبين التاريخ المصرى القديم، وتقدم مكتبة الكتب خان كتابا صاعدين تبنتهم الكتبة الواعدة مثل ياسر عبد اللطيف والطاهر شرقاوى أو نشرت لهم مثل محمد ربيع الذى حاز مؤخرا جائزة ساويرس للرواية فرع شباب الكتاب