اختفى الحزب الوطني الديمقراطي من الخريطة السياسية المصرية بعد حله في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي أسقطت حكم الرئيس حسني مبارك لكن الجدل لايزال دائرا حول الدور الذي يمكن أن يلعبه أعضاؤه في النظام الجديد.يواجه أعضاء الحزب السابقون حملة شرسة من شباب الثورة ووسائل الاعلام التي أطلقت عليهم لقب "الفلول" منذ الانتفاضة وبعد صدور حكم قضائي بحل الحزب الوطني في ابريل الماضي لافساده الحياة السياسية. لكن رغم الدعاية المضادة من النشطاء والقوى السياسية يتوقع محللون أن يحقق الأعضاء السابقون بالحزب الوطني بعض النجاحات خاصة في المناطق الريفية والمناطق التي تسود فيها العصبيات.وقال حسن أبو طالب من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لرويترز "أتصور انه في حدود 20 بالمئة من البرلمان الجديد سيكونون أعضاء سابقين من الحزب الوطني."
وأكد المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ سقوط مبارك في 11 فبراير الماضي أن الانتخابات ستجري في موعدها يوم الاثنين المقبل على الرغم من الاحتجاجات التي يشهدها ميدان التحرير بالقاهرة وعدة مدن أخرى لمطالبته بنقل السلطة إلى مدنيين والتي أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة المئات.وبعد حل الحزب أعاد رجال الحزب المنحل تقديم أنفسهم في صورة جديدة للناخبين فتقدم بعضهم للانتخابات مستقلا بينما انضم آخرون إلى أحزاب قائمة أو شكلوا أحزابا جديدة.
في إحدى دوائر محافظة الشرقية تمثل صورة للمرشح المستقل علي جودة كشك وخلفه لقطة لاحتجاجات الالاف بميدان التحرير تعبيرا بليغا عن وضع ساسة الحزب الوطني في الانتخابات الحالية. وكان كشك مرشحا على مقعد العمال عن الحزب الوطني في الانتخابات السابقة التي فاز فيها الحزب بأغلبية ساحقة وسط اتهامات واسعة بالتزوير.
ووصفت إحدى لافتات الدعاية المرشح سمير التلباني بأنه "صوت الثورة النابض". وكان التلباني مرشح الحزب الوطني عن دائرة كفر سعد بمحافظة دمياط في الانتخابات الماضية.وبعدما كان شعار محمد الحنفي أبو العينين مرشح الحزب الوطني في العام الماضي هو "من أجلك أنت" وهو نفس شعار الحزب المنحل أصبح شعاره في الانتخابات الحالية "من اجل مصر وثورة مصر".
وفي الدائرة الثانية بمحافظة القليوبية كتب العضو السابق بالحزب الوطني إبراهيم نصار في ملصقات الدعاية أن أول أهداف برنامجه هو "تحقيق أهداف ثورة 25 يناير".وأثارت مسألة ترشيح "فلول" الحزب الوطني جدلا واسعا في المجتمع المصري الذي انقسم بين من يريد اقصاء كل أعضاء الحزب السابقين عن الحياة السياسية وبين من يرى أن من بينهم شرفاء لم يشاركوا فيما حدث من فساد ومن ثم فإن من حقهم البحث عن دور سياسي.
وبعد أخذ ورد وصل إلى حد صدور أحكام قضائية متناقضة بشأن مشاركة "الفلول" في الانتخابات أصدر المجلس العسكري الحاكم قانونا يقضي بإقصاء من أفسدوا الحياة السياسية عن الانتخابات والعمل العام لكن نشطاء وقوى سياسية يرون أن القانون جاء متأخرا جدا.ويرى أبو طالب ان القانون لن يؤثر على المرشحين في المرحلة الحالية بسبب طول الاجراءات القانونية لكن ربما يؤثر عليهم بعد دخولهم البرلمان باسقاط العضوية عنهم.
لكن المحامي عمر هريدي الذي كان عضوا بالحزب الوطني واستقال منه قبل الثورة بأسابيع يقول إنه يجب التفرقة بين أعضاء الوطني الذين لم يرتكبوا أي أخطاء وبين من كانوا "فاعلين رئيسين ومدبرين ومخططين ومستفيدين."ويضيف "لا أحد يستطيع القول إن كل من كانوا في الحزب الوطني أو النظام الحاكم السابق أو الموالين له لصوص."
ولم يفت الجدل حول القانون في عضد النشطاء الذين استمروا في ملاحقة "الفلول". فانتشرت على موقع فيسبوك العديد من الصفحات والمجموعات التي تتعقب مرشحي الوطني وتنشر الصور والملصقات التي تربطهم بالحزب المنحل وبنظام مبارك.ومن اشهر هذه الصفحات (إمسك فلول) التي بلغ عدد أعضائها أكثر من 80 ألفا ونشرت قوائم بعدد كبير من المرشحين "الفلول" في مختلف مناطق الجمهورية.
كما قامت عدة حركات احتجاجية وشبابية من بينها 6 ابريل والجبهة الحرة للتغيير السلمي بحملات دعائية ضد مرشحي الحزب المنحل وبنشر قوائم بأسمائهم وأسماء الأحزاب التي أسسوها أو انضموا إليها.وتنتشر لقطات فيديو على الانترنت لشبان يمزقون لافتات دعاية لأعضاء الوطني السابقين في الإسكندرية والسويس وغيرهما من المناطق.
ويبدو أن مثل هذه الحملات دفعت بعض الرموز في الحزب الوطني للتراجع عن خوض الانتخابات الحالية مثل سيد الفيومي عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة طوخ وقها بالقليوبية والذي شغل مقعد الفئات بالدائرة لعقود هو ووالده الراحل عطية الفيومي. ولم يترشح سيد الفيومي رغم تأسيسه لحزب جديد أطلق عليه (حزب 11 فبراير).
وتقول رقية (21 عاما) المتحدثة باسم صفحة (إمسك فلول) والتي طلبت الاكتفاء بنشر اسمها الأول "أغلبنا شباب تحت سن 25 سنة وأغلبنا لا ينتمي لجماعات أو أحزاب... فكرة الصفحة جاءت من أننا قررنا نعمل حاجة عشان الناس ما تنتخبهمش."
وذكرت رقية أن هناك محاولات محدودة وغير منظمة لنقل الحملة من الانترنت إلى الشارع إذ قام بعض أعضاء الصفحة بتوزيع منشورات تحث الناس على عدم انتخاب أعضاء الحزب الوطني السابقين وتمزيق الدعاية الخاصة بهم أو كتابة كلمة "فلول" عليها.
ويعقب أبو طالب من مركز الاهرام على حملات الدعاية المضادة لهؤلاء المرشحين قائلا "في البيئات الحضرية ربما يكون لها تأثير لكن في المناطق الريفية لن يكون ذلك مجديا على الإطلاق".وأيا كان الحال فإن صناديق الاقتراع يوم الاثنين المقبل سيكون لها القول الفصل في أمر "الفلول".