أفتى الشيخ السعودي عبد الرحمن البراك بحرمة مشاركة المرأة في الانتخابات، لأنه يشتمل على "التشبه بالكفار"، معتبراً أن الانتخابات من أسوأ ما دخل على المسلمين من "طرائق الكافرين". وقال البراك في فتوى أطلقها على موقعه على الإنترنت، ب"حرمة مشاركة المرأة في مبايعة الإمام، أو تنصيبها مستشارة له"، وأفتى كذلك ب"حرمة اعتماد نظام الانتخاب لاختيار المرشح للرئاسة أو عضوية مجلس من المجالس القيادية".
وأضاف أن "المرأة لا شأن لها في البيعة، وليس من حقها المشاركة في مبايعة الإمام"، وتابع "ما عُرف حق للمرأة في البيعة بمعنى الاختيار والانتخاب، ولا تنصيبها مستشارة في قضايا الأمة إلاّ في عهود الاستعمار، وظلام الاحتلال".
وتكشف أفكار الشيخ البراك عن عمق الهوة التي يعيش فيها بعض رجال الدين الذين يسعون إلى إعادة المرأة إلى قرون الحريم عبر التحجيب والتكميم.
ورأى البراك أن "نظام الانتخاب، وهو نظام فاسد لم يُبنَ عند الذين أخذوا به من المسلمين في هذا العصر على نظر شرعي ولا عقلي، وهو دخيل عليهم من أعداء الإسلام بسبب احتلالهم أرضهم والإعجاب بطرائقهم".
وأفتى بحرمة الانتخابات لأنها "تشتمل على التشبه بالكفار، ولهذا فهم يرضونه منا، ويدعوننا إليه، ويفرحون بموافقتنا لهم فيه"، بالإضافة إلى "ارتكاز نظام الانتخاب على الدعاية وشراء الأصوات والدعاوى الكاذبة".
وقال البراك إن "الانتخابات من أسوأ ما دخل على المسلمين من طرائق الكافرين في شأن المرأة"، مشيراً إلى أن هذا "كان موضع اهتمام الأمم والهيئات الكافرة، لما يعلمونه من عظم تأثير ذلك في تغريب مجتمع المسلمين وتغييره بسلب خصائصه، كما عُلمت هذه الحقيقة من واقع البلاد التي وقعت تحت وطأة الاستعمار".
وكان البراك دعا بالموت على كل امرأة تقود سيارة، وقال تعليقاً على دعوة سيدات سعوديات إلى قيادة السيارات في 17 يونيو الماضي، إن "ما عزمن عليه هو منكر، وهن بذلك يصبحن مفاتيح شر على هذه البلاد"، ووصفهن ب"النساء المستغربات الساعيات إلى تغريب هذه البلاد".
وكان البراك أفتى بهدم الكعبة وبناءها مرة أخرى ل"تفادي الاختلاط بين الجنسين".
وسبق ان وجه الشيخ صالح اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء انتقاداً نادراً للعاهل السعودي عقب قراره منح المرأة السعودية حق الانتخاب والترشح في المجالس البلدية وحق التعيين في مجلس الشورى.
البراك شيخ من قرون الظلام
ونفى اللحيدان لقناة "المجد" الفضائية علمه بقرار الملك عبدالله قبل صدوره، قائلاً "كان بودي لو أن ولي الأمر لم يقل إنه شاور هيئة كبار العلماء أو بعضهم".
وأضاف إنه كان الأولى بالملك أن يقدم قراره على أنه رأيه هو وأن يطالب من يرى التحريم حجته لا أن ينسب القرار إلى رأي أحد من كبار العلماء.
وأكد اللحيدان إنه أقدم عضو في الهيئة ورغم ذلك فإنه لم يستشر بخصوص توجهات الملك الجديدة على الإطلاق.
وقال "بالنسبة لي لم أعلم بأي شيء يتعلق بقرار الملك قبل سماعي لكلمته" التي أعلن فيها القرار.
ويعارض اللحيدان انتخابات مجلس الشورى من حيث المبدأ ويقول إنها تعني "الانتقاص من أهلية ولي الأمر للولاية".
ويقول إن الشورى هي من صلاحيات الملك ولا تكون بترشيح من الناس.
ويتابع "الأصل أن ولي الأمر لا يفرض عليه أناس يستشيرهم ولا يحل ذلك، فإذا كان وضع ولي الأمر أنه يحتاج إلى من يفرض عليه فمعنى ذلك أنه ليس أهلاً للولاية".
ويرى مراقبون إن تصريحات اللحيدان تعني تدشين مرحلة جديدة في العلاقة بين المؤسسة الدينية السعودية والسلطة عنوانها الصراع.
ويتوقع المراقبون أن يؤدي غضب القصر من انتقادات اللحيدان إلى مجموعة من القرارات الهادفة إلى الإطاحة برموز المؤسسة الدينية وإنهاء نفوذها الواسع في الدولة والمجتمع.
وكانت "ميدل ايست أونلاين" توقعت تفجر العلاقة بين الأجنحة المتشددة في النظام والخط الإصلاحي المنفتح الذي يقوده الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وأشارت "ميدل ايست أونلاين" في تقرير لها إلى ان هناك امتعاضاً في أوساط القضاة الإسلاميين المتشددين من خطط الملك عبد الله لمنح المرأة المزيد من الحقوق.
وكان الملك عبد الله أعلن عن منح المرأة السعودية حق الانتخاب والترشح في المجالس البلدية التي بدأت انتخاباتها الخميس وكذلك التعيين في مجلس الشورى.
ويرى الكثير من السعوديين ان ذلك القرار سيدعم موقف المرأة في حصولها على حق قيادة السيارة والعمل في مجالات مختلفة تعاني من اقصائها منها.
لكن حكماً بجلد فتاة عشرينية لقيادتها السيارة، أثار القلق مجدداً من أن داخل المؤسسات الدينية من يريد تعطيل الخطط الملكية.
ولم يخفف تدخل العاهل السعودي لإيقاف هذا الحكم واعادته للنقض من تساؤلات قطاعات كبيرة داخل المجتمع.
ويعرب كثيرون عن قلقهم من أن يقلب تعنت التيارات الإسلامية المتشددة القرارات الملكية الجديدة المنحازة للتحديث إلى قرارات تقصي المرأة عن المشاركة في الحكم.
وأثار قرار القاضي عبد المجيد اللحيدان بجلد الفتاة الغضب في الشارع السعودي.
وطرح سعوديون في مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك تساؤلات حول مغزى صدور أحكام قاسية تستدعي تدخل الملك لتصحيحها، كما حصل في قضية فتاة القطيف او تفريق الأزواج في شمال المملكة او قضية شيماء جستنية في جدة وغيرها من الأحكام التي أثارت استياء الرأي العام.
وينتظر السعوديون ان تسارع الحكومة السعودية بمعونة من مجلس الشورى إلى تمرير مشاريع قانونية تسمح بقيادة المرأة للسيارة.
كما يأمل السعوديون في أن يسهم حضور المرأة في مجلس الشورى والمجالس البلدية في الجهود المبذولة لرفع سقف الحريات في المملكة.