أثارت الأعمال الدرامية التى تم عرضها فى شهر رمضان موجات من الجدل حول وجود أصول لها فى الحياة السياسية، ورغم الاتفاق بين الأغلبية على وجود إسقاطات وتلميحات واضحة لبعض الأسماء بذاتها لكن يصر صناع الدراما على إنكار وجودها. فى المقدمة كان أيقونة الثورة المصرية «خالد سعيد» الذى شعر كل من شاهد مسلسل المواطن إكس أنه الرمز الذى تدور حوله الأحداث، خاصة وأن المسلسل بدأ بحادث قتل يشابه اغتيال خالد سعيد، كذلك ظهور شخصية صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطنى ومهندس عمليات تصعيد رموز النظام السابق، بما يوحى لمشاهد مسلسل «شارع عبدالعزيز» بأنه أمام رحلة تصعيد رجل الأعمال أحمد عز لمنصب أمين التنظيم، ويذكرنا واقع دراما 2011 بما حدث قبل أربعة أعوام عندما تطايرت أنباء عن تناول قصة حياة رجل الأعمال ووزير الإسكان الأسبق عثمان أحمد عثمان من خلال مسلسل «الدالى»، وبسبب هذا التصور حقق المسلسل نجاحا جماهيريا كبيرا، ولكن عاد صناعة لنفى فكرة تقديم مسلسل سيرة ذاتية عن عثمان أحمد عثمان فتراجع اهتمام الجمهور بالعمل خاصة بعد أن اتجه لتفاصيل العلاقات بين أفراد أسرة الدالى فى الجزء الثالث الذى تم عرضه فى رمضان الماضى، وحتى مسلسل الريان الذى بدأ كمشروع لتقديم سيرة ذاتية لرجل الأعمال أحمد الريان، لكن صناعه عادوا ليؤكدوا عبر التترات أنه عمل درامى بين الحقيقة والخيال، بينما تحاشى العمل الكشف عن أسماء مسئولين كبار لعبوا دورا فى كواليس الإيقاع بإمبراطورية الريان، وذكرهم أحمد الريان فى أحاديث تليفزيونية عرضت بالتوازى مع المسلسل ومنهم عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق وحبيب العدلى وزير الداخلية الأسبق. «خالد سعيد كان حاضرا عند كتابة المواطن إكس» بهذه الكلمة اعترف المؤلف محمد ناير كاتب المسلسل بوجود علاقة أصيلة بين أحمد قاسم بطل المسلسل الذى لعب دوره الفنان يوسف الشريف وبين شهيد الإسكندرية، وقال إنه بدأ كتابة المسلسل مع بداية أغسطس 2010 أى قبل الثورة بما يقرب من ستة أشهر، وفى هذا الوقت كان يفكر فى طرح قضية خالد سعيد فى عمل فنى، ومن هنا اختار تناولا يقوم على فكرة قهر السلطة والذى راح ضحيته بطل العمل أحمد قاسم. ولكن عاد ناير ليؤكد أنه لم يقدم سيرة ذاتية لخالد سعيد، وأحمد قاسم شخصية أخرى، وقد يكون بينها وبين خالد سعيد بعض التشابه خاصة فى ظروف وفاته، ولكنه فى النهاية شخصية مختلفة فى كل التفاصيل، فخالد سعيد لم يكن وراء ظاهرة دخول المتوسيكل الصينى لمصر، وليس فى حياته هؤلاء الأصدقاء والعلاقات التى قدمناها فى المسلسل. وأضاف مؤلف إكس أن الجمهور تفاعل مع المسلسل بشكل كبير لأنه شعر بصدقه، لأننى قدمت شخصيات لها أصول فى الشارع المصرى، وهناك الكثير من الشباب يشبه حسام المصرى الذى قدمه أمير كرارة، وهناك عشرات المحامين مثل طارق الذى جسده محمود عبد المغنى، وكذلك سارة الصحفية التى جسدتها شيرى عادل، ومن هنا لم يكن غريبا أن يشعر بروح خالد سعيد تطل على الشاشة رغم أنه لم يقدم سيرة ذاتية له. وعلى الجانب الآخر، يظل ظهور شخصية صفوت الشريف فى مشاهد من مسلسل «شارع عبدالعزيز» لغزا محيرا حيث أثار شهية المشاهدين للبحث عن أصل لبطل العمل عبدالعزيز، وزواج المصلحة من سيدة الأعمال «روان» التى تعمل فى مجال السياحة، وهنا يؤكد المؤلف أسامة نورالدين أن ظهور صفوت الشريف كان مجرد إشارة لهذا العصر الذى حدث فيه التزاوج بين السلطة ورءوس الأموال، وتسبب ذلك فى فساد كبير فجر الثورة فى مصر، وقال إن بطل العمل عبد العزيز الذى جسده عمر سعد هو رمز لظهور رجال الاقتصاد فى عالم السياسة، وهو بذلك يشبه كثيرا من رجال الأعمال الذين أصبحوا نواب البرلمان، مثل محمد أبوالعينين وهشام طلعت مصطفى وأحمد عز وغيرهم ممن ظهروا فى عالم السياسة واستفادوا منها مثل حسين سالم وإبراهيم سليمان وزهير جرانة وأحمد المغربى، مشيرا إلى أنه لم يكن يحاكى الواقع فى المسلسل، ولكنه قدم واقع الاقتصاد المصرى فى مرحلة معينة من خلال شارع عبد العزيز الذى يمثل ترمومتا لانعكاس القرارات الاقتصادية على حياة الناس. وأضاف بأنه رصد الموجة الثانية من حركة الاقتصاد المصرى، والتى بدأت بعد فشل فكرة توظيف الأموال مع مجموعات الريان والسعد فى العبور إلى بناء الإمبراطوريات الاقتصادية، حيث كان الجيل الثانى أكثر ذكاء، حيث وجد فى الغطاء السياسى حماية لمصالحه التجارية، يتيح لرجال الأعمال بناء إمبراطوريات اقتصادية ضخمة. وعن «الريان» ولافتة تتراته قالت المخرجة شيرين عادل: «أنا لم أقدم سيرة ذاتية لأحمد الريان، ولم يكن يهمنى تفاصيل صراعه مع الدولة، ورموز النظام السابق ، ولكن كان يشغلنى الحالة الدرامية فى حياة الرجل الذى استطاع أن يصعد للقمة عبر تكوينه إمبراطورية اقتصادية عملاقة، وفى سنوات قليلة، ثم سقط مرة أخرى إلى الصفر الذى بدأ منه وبشكل مفاجىء، تلك هى الحالة التى جعلتنى أتحمس للمسلسل، ومن هنا لم أسع لتقديم توثيق دقيق لحياة الريان، لأننى كنت بصدد عمل درامى وليس فيلما تسجيليا». ومن جانبه، ينفى المنتج محمد فوزى تراجع اهتمام الجمهور بمسلسل «الدالى»، كما ينفى التشابه بين المهندس عثمان أحمد عثمان وشخصية سعد الدالى التى جسدها الفنان نور الشريف، وقال إن الهدف من المسلسل كان تقديم حياة عائلة تعمل فى السوق المصرية، ويرى أبناؤها أن البزنس هو أساس كيان الأسرة، ومن خلال 3 أجزاء نتتبع التطورات فى حياة هذه العائلة. وأضاف بأن التشابه الوحيد بين الدالى وعثمان كان فى البدايات حيث بدأ الدالى إمبراطوريته من العمل فى المقاولات ومن هنا اعتقد البعض بأننا نقدم شخصية الوزير السابق. وأوضح فوزى أنه كان سيهتم بتقديم كل تفاصيل حياة عثمان لو كان يقدم عملا للسيرة الذاتية، كما حدث فى مسلسل «ناصر» الذى أنتجه لتسجيل حياة الزعيم جمال عبد الناصر. من جانبها، تنظر الناقدة ماجدة موريس للقضية من زاوية مختلفة، وترى أنه يحق للمبدع أن يقدم ما يريد وعلينا أن نقبل العمل كما هو أو نرفضه، وأوضحت أن المواطن إكس استلهم الواقع وقدمه فى تناول درامى جديد، وهذا أمر جيد جدا لأن الدراما تكتسب مصداقية من هذه المحاكاة، وكذلك فعل شارع عبد العزيز وكان ظهور صفوت الشريف مبررا لأنه يمثل رمزا للفترة التى تزاوجت فيها الثروة مع السلطة، أما الأمر المثير للتساؤلات فهو تقديم سيرة ذاتية للريان مع الإضافة إليها من وحى الخيال.