محافظ قنا يتفقد عددا من مقار اللجان الانتخابية في اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    المشاط تستقبل بعثتين من المفوضية الأوروبية لمتابعة آلية مساندة الاقتصاد الكلي    عراقيون يتطلعون إلى تداول سلمي للسلطة بعيدا عن الطائفية والمحاصصة رغم دواعي الإحباط    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    ضبط القائمين على إدارة 26 شركة ومكتبا سياحيا بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    في وداعه لمثواه الأخير.. مسيرة جنائزية مهيبة بإمبابة لإسماعيل الليثي    حالة الطقس في السعودية اليوم الثلاثاء    انتخابات النواب 2025.. رئيس مركز ومدينة البدرشين يساعد مسنًا للإدلاء بصوته    سحب 1199 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    إدارة التراث الحضاري بالشرقية تنظم رحلة تعليمية إلى متحف تل بسطا    تحرير 110 مخالفات للمحال غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    الزمالك يُهدد اتحاد الكرة بسبب أحمد سيد زيزو    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    بعد تعديلات الكاف.. تعرف على مواعيد مباريات المصري في الكونفدرالية    مصدر من المنتخب الثاني ل في الجول: استبعدنا رباعي بيراميدز من مواجهتي الجزائر    الشحات يكشف تطورات ملف تجديد عقده مع الأهلي    معلومات الوزراء يسلط الضوء على جهود الدولة فى ضمان جودة مياه الشرب    مشتريات أجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات جلسة الثلاثاء    محافظ قنا وفريق البنك الدولى يتفقدون أماكن الحرف اليدوية    «العمل»: نحن شركاء أساسيين بجهود تحقيق العدالة في التنمية المستدامة    اليوم.. استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في الجيزة    إقبال متزايد في اليوم الثاني لانتخابات النواب بأسوان    الشرع يقدم "دمشق" لإسرائيل تحت ستار مفاوضات أمنية واقتصادية.. وبرلمانيون يحذرون من مساس السيادة الوطنية    البداية بالموسيقار عمر خيرت.. انطلاق مهرجان حديقة تلال الفسطاط الشتوي الجمعة المقبلة    القومي لثقافة الطفل يكشف البوستر الرسمي لملتقى الأراجوز والعرائس التقليدية    الفنان تامر عبد المنعم يدلى بصوته فى انتخابات مجلس النواب 2025.. صور    بعد قرأته للقرأن في المتحف الكبير.. رواد السوشيال ل أحمد السمالوسي: لابد من إحالة أوراقه للمفتي    المتحف المصري الكبير يتخطى حاجز ال100 ألف زيارة خلال أسبوع من افتتاحه (صور)    بعد استغراب واستياء.. منتخب إسبانيا يعلن استبعاد لامين يامال    «الرعاية الصحية»: 31 مليون فحص بمعامل المرحلة الأولى لمنظومة التأمين الشامل    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    وزير الري: أي تعديات على مجرى نهر النيل تؤثر سلبًا على قدرته في إمرار التصرفات المائية    شكوك بشأن نجاح مبادرات وقف الحرب وسط تصاعد القتال في السودان    وزير الصحة: مصر تمتلك منظومة متكاملة لتسجيل ومراقبة جودة الدواء واللقاحات    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبى يعتزم إنشاء وحدة استخباراتية جديدة برئاسة فون دير لاين    وفد حكومي مصري يزور بكين لتبادل الخبرات في مجال التنمية الاقتصادية    رحل الصوت وبقى الصدى.. 21 عاما على رحيل ياسر عرفات    ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار فونج وونج بالفلبين إلى 18 قتيلا    إصابة 7 أشخاص فى حادث مرورى مروع بطريق أجا – المنصورة    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي يشاركان في ندوة جامعة حلوان حول مبادرة "صحح مفاهيمك"    وزير قطاع الأعمال يبحث مستجدات مشروع الأمونيا الخضراء بشركة النصر للأسمدة    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    انتخابات النواب 2025، توافد المواطنين للإدلاء بأصواتهم بمدرسة الشهيد جمال حسين بالمنيب    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استلام الرسالة التركية واجب الوقت
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 09 - 2011

طرد السفير الإسرائيلى من تركيا ليس صفعة موجهة إلى تل أبيب فحسب، لكنه أيضا يوجه رسالة مهمة إلى العواصم المعنية فى المنطقة تدعو إلى ضرورة ايقاف إسرائيل عند حدها. لذلك فإن استلام الرسالة يصبح واجب الوقت.
(1)
ليس هينا أن يطرد السفير، وأن تعلق الاتفاقات العسكرية والأمنية بين البلدين، وأن تتصدى تركيا للعربدة الإسرائيلية فى البحر المتوسط، وتعلن عدم اعترافها بحصار غزة. وفى الوقت ذاته تحاكم إسرائيل سياسيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجنائيا أمام المحكمة الجنائية الدولية.
كل ذلك لأنها تعاملت باستعلاء واستكبار مع الدولة التركية التى تعتز بكبريائها، وترفض أن تسكت أمام قتل تسعة أفراد من ابنائها كانوا فى مهمة سلمية ونبيلة أرادوا بها إغاثة الشعب الفلسطينى المحاصر فى غزة.
لا نعرف الخطوات الأخرى التى تنتوى الحكومة التركية اتخاذها، إزاء إصرار إسرائيل على عدم الاعتذار وتعويض أهالى الضحايا ومحاسبة المسئولين عن قتلهم، كما اننا لا نعرف شيئا عن رد الفعل الإسرائيلى الذى يبدو حتى الآن مهزوزا ومرتبكا، إزاء التحدى الذى أصبح مشهرا على الملأ بين استعلاء تل أبيب وكبرياء أنقرة، لكن الذى نعرفه أن التصعيد الحاصل يتجه فى حده الأدنى إلى ايقاع «الطلاق» بين البلدين، وان الاستعلاء الإسرائىلى ولد لدى قادة الدولة العبرية حالة من الغرور أوقعتهم فى خمسة أخطاء على الأقل، أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.
اخطأت إسرائيل فى الحساب حين تصدت بالقوة المسلحة لسفينة الإغاثة «مرمرة» وشاء حظها العاثر أن تقتل تسعة من ركابها الأتراك (لو كانوا عربا مثلا لاختلف الأمر!). وهو الخطأ الذى تجنبته فى التعامل مع قافلة الإغاثة الثانية فى شهر يونيو الماضى، حين أفشلت الرحلة من البداية دونما حاجة إلى المواجهة العسكرية.
الخطأ الثانى أنها لم تعبأ بمشاعر الشعب التركى الذى استشعر المهانة والغضب إزاء قتل تسعة من مواطنيهم، فرفضت الاعتذار وأرادت أن تكتفى بالتعبير عن الأسف، كما أبدت رغبة فى مضاعفة تعويضات الضحايا لتصل إلى مائة ألف دولار لكل حالة، كما ذكرت صحيفة معاريف (فى 11/8).
الخطأ الثالث أنها لم تحسن قراءة الوضع الداخلى فى تركيا، خصوصا بعد الفوز الكبير الذى حققه حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات التشريعية الأخيرة، الأمر الذى عزز موقف الحزب وجعل قيادته أشد حرصا على الحفاظ على ثقة الجماهير وكبريائها. كما أنها فشلت فى قراءة المتغير الذى حدث فى موازين القوى الداخلية، التى فى مقدمتها تراجع دور العسكر فى صناعة القرار السياسى. وهم «الحليف» الذى طالما عولت عليه إسرائيل كثيرا.
أما الخطأ الرابع فهو أن إسرائىل لم تنتبه إلى تأثير الضغوط الإقليمية التى تواجه حزب العدالة والتنمية، أعنى بذلك تحديدا التجريح الذى تتعرض له حكومة أنقرة من الأبواق الإعلامية فى سوريا وإيران والدوائر الملحقة بهما. وهى التى دأبت على اتهام حكومة أنقرة بموالاة الإسرائيليين وقوى الاستعمار العالمى، ومن ثم الضلوع فى «المؤامرة» التى يتعرض لها النظام السورى، وتأييد غارات طائرات حلف الناتو على العناصر الموالية للقذافى. لذلك كان اتخاذ موقف حازم إزاء إسرائيل بمثابة رد يحسم ذلك اللغط لصالح تأكيد استقامة الموقف التركى وبراءته مما يثار حوله من شبهات.
الخطأ الخامس، إن إسرائيل لم تحسن أيضا قراءة المشهد العربى، الذى طرأت عليه متغيرات مثيرة ارتفع فى ظلها صوت الشعوب عاليا ومدويا، فى أعقاب سقوط بعض الأنظمة المستبدة والمستكينة. الأمر الذى استدعى، ضمن ما استدعاه، حالة شعبية رافضة لمختلف مظاهر المهانة والعربدة الإسرائيلية. وهذه النقطة الأخيرة تحتاج إلى تحرير.
(2)
فى 17/8 الماضى نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت مقالا لأحد كتابها البارزين اليكس فيشمان قال فيه إن الإدارة الأمريكية نصحت حكومة نتنياهو أكثر من مرة بقبول فكرة الاعتذار لتركيا. وان الرئيس باراك تحدث هاتفيا بهذا الخصوص مع رئيس الوزراء الإسرائيلى. وتلخصت وجهة النظر الأمريكية فى أن واشنطن حريصة على تهدئة العلاقات مع حليفيها، وأن منطقة الشرق الأوسط لا تحتمل تصعيدا بين تلك أبيب وأنقرة. وهذه الإشارة إلى أجواء المنطقة وضرورة وضع المتغيرات التى طرأت عليها فى الاعتبار، تمثل قاسما مشتركا فى الكثير من التعليقات الإسرائيلية بوجه أخص، إذ تتحدث تلك التعليقات صراحة على أن إسرائيل أن تتخلى فى تعاملها مع العرب عن الغرور والصلف (عكيفا الدار هاآرتس 22/8)، وإنها يجب أن تكون مستعدة للتعامل مع العهد العربى الجديد بعد سقوط الحلف الذى عقدته مع بعض الملوك والطغاة فى المنطقة (عوزى برعام إسرائيل اليوم 1/9)، ويجب الاعتراف بأن رد فعل مصر بعد اليوم لن يكون الوقوف التلقائى إلى جانب إسرائيل، وأن كل عملية عسكرية تقوم بها يمكن أن تمر سواء بالصمت أو بالتأييد الحقيقى من جانب القاهرة (عوفر شيلح معاريف 29/8)، كذلك يقول بعضهم أيضا أن إسرائيل لن تسارع إلى الحرب، ولن تطلق حملة عسكرية كبيرة ردا إلى هجمة «إرهابية» خطيرة، بسبب التغيرات الحاصلة فى مصر وفى ليبيا، وإنما هى تتحلى بالحذر والمسئولية فى التعامل مع مثل هذه المواقف (شلومو تسيزنا وآخرين إسرائيل اليوم 23/8).
صحيفة «معاريف» نشرت يوم 24/8 أن إسرائيل تلقت رسالة قاطعة من القاهرة بعد العملية الفدائية الأخيرة فى إيلات تقول إنه إذا ضرب الجيش الإسرائيلى غزة بيد من حديد، فإن الحكومة المصرية ستجد صعوبة فى التصدى للرأى العام الانتقادى ضدها. وأن القيام بعملية عسكرية واسعة ضد القطاع من شأنه أن يدفع الحكومة فى القاهرة إلى تجميد العلاقات مع إسرائيل والمس باتفاق السلام.
أما التعليقات الإسرائيلية على المظاهرات التى خرجت فى القاهرة داعية إلى طرد السفير الإسرائيلى، وإعادة النظر فى معاهدة السلام، فهى بلا حصر، وكلها تعبر عن التشاؤم من مستقبل العلاقات بين البلدين.
(3)
يتوقفنا فى هذا السياق أن صحيفة «معاريف» نشرت فى 22/8 تقريرا عن موقف القاهرة بعد قتل الإسرائيليين للجنود المصريين الخمسة ذكرت فيه ما يلى:
كان السفير المصرى لدى تل أبيب ياسر رضا قد حزم أمتعته استعدادا للعودة إلى القاهرة على خلفية حادث القتل (المقصود قتل الجنود المصريين الخمسة)، لكن فى اللحظة الأخيرة تدخل رئيس المجلس العسكرى المشير محمد حسين طنطاوى، واستدعى رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف حيث انتقد موقفه وطلب منه إلغاء القرار. وكان مجلس الوزراء المصرى برئاسة الدكتور شرف قد قرر استدعاء السفير المصرى إذا لم تعتذر إسرائيل عن مقتل أفراد الشرطة. وتطرق رئيس الوزراء إلى الموضوع على الفيس بوك حيث قال «إن الدم المصرى أغلى كثيرا من أن يسفك دون رد». وكان وزير الدفاع ايهود باراك قد أعرب عن أسفه إزاء موت (وليس قتل) الشرطة. وبعد ذلك بوقت قصير أعلنت القاهرة أن البيان الذى صدر بخصوص استدعاء السفير المصرى «يعود إلى مصدر خاطئ»!.
نقلت الصحيفة أيضا عن محافل سياسية إسرائيلية قولها إن المشير طنطاوى يرغب فى منع التدهور فى علاقات البلدين، وذلك فى ضوء حديث أجراه مع باراك، وطبقا لما ذكرته تلك المصادر فإن إسرائيل شرحت أنها ستضطر إلى استدعاء سفيرها فى القاهرة، ردا على استدعاء السفير المصرى من تل أبيب، وهو ما فهم منه المصريون أن أزمة شديدة ستنشأ فى علاقات البلدين سيكون من الصعب رأب صدعها.
ذلك أنه إذا غادر السفير الإسرائيلى فإنه لن يكون بمقدور أى حكومة مصرية، لا القائمة حاليا ولا تلك التى ستأتى بعد الانتخابات. ان تسمح له بالعودة إلى القاهرة بسبب الرأى العام المعادى. وفى هذه الحالة ستتدهور العلاقات بين البلدين بشكل يائس وخطير، وهو ما لا يرغب فيه الطرفان.
(4)
تستطيع إسرائيل مع الأسف الشديد ان تحتمل خسارة تركيا، لكن الثمن إزاء مصر أبهظ كثيرا. هكذا كتب ناحوم برنياع فى صحيفة يديعوت أحرنوت (فى 19/8)، هذه اللغة غير المطمئنة إلى مستقبل علاقة إسرائيل مع البلدين واضحة فى الخطاب السياسى والإعلامى.
يتجلى ذلك فى الحذر فى الضغط على الفلسطينيين فى غزة، وفى الانقسام الحاصل فى شأن التعامل مع تركيا، بين مؤيدين للاعتذار (باراك على رأسهم) وبين رافضين له، فى مقدمتهم نتنياهو. وبين دعاة إلى التمسك بمعاهدة السلام مع مصر، وآخرين يفضلون إعادة النظر فى المعاهدة والدخول فى حوار استراتيجى جديد مع سلطة الحكم فى القاهرة.
لا يستطيع المرء أن يمنع نفسه من المقارنة بين قوة وجرأة الموقف التركى فى الدفاع عن كرامة ودم الضحايا وبين ضعف وتواضع الموقف المصرى، الذى يكاد يكون أقرب إلى اللاموقف. إذ اكتفينا بتلقى الأسف، مع الإصرار الإسرائيلى على رفض الاعتذار، وبالحديث عن متابعة التحقيقات فى مقتل الجنود المصريين الخمسة، علما بأن إسرائيل فى الوقت الراهن مرتبكة داخليا وفى الموقف الأضعف استراتيجيا.
فالضغوط الاجتماعية فجرت غضب الداخل، والخلافات السياسية شقت صفوف النخبة، والحضور الجماهيرى الكثيف فى الشارع العربى الرافض للصلف والعربدة الإسرائيلية مما عاد ممكنا تجاهله. ولكن إسرائيل ترصده وتتوجس منه وتعمل له ألف حساب.
الذى يبعث على الدهشة أيضا ذلك الخوف والوهن البادى فى خطاب بعض عناصر النخبة السياسية الذين ما انفكوا يحذرون من «التصعيد» ضد إسرائيل. وكأن أى تصرف دبلوماسى أو إجراء سياسى قريب مما فعلته تركيا تعبر به مصر عن غضبها وغيرتها على دماء ابنائها، هو إطلاق لنفير الحرب وتوريط فى المواجهة العسكرية.
لقد أدركنا من الثورة فى مصر وتونس، أن شعوبنا ليست بالضعف الذى توهمته وان المستبدين ليسوا بالقوة التى صوروها لنا. ولكن يبدو أن هذه الثقة التى توافرت لشعوبنا لم تنتقل بالدرجة الكافية إلى النخب الطافية على السطح رغم أن المقولة ذاتها تنطبق على إسرائيل، التى أدركنا منذ محاولة غزو لبنان فى عام 2006 وحملة اجتياح غزة فى 2008 إنها أيضا ليست بالقوة العسكرية التى ادعتها، كما اكتشفنا خلال السنوات الأخيرة أن قوتها السياسية بذات المستوى.
الآن تقدم لنا تركيا درسا جديدا، خلاصته أن القيادة التى تستمد شرعيتها من ثقة الشعب وتأييده تملك رصيدا من القوة يمكنها إذا أرادت من تحدى أساطين الاستعلاء والاستكبار. الأمر الذى يثير أكثر من تساؤل حول مواضع الخلل التى أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه من تردد ووهن، حتى بتنا ننظر إلى ما فعلته تركيا بعين الغيظ والحسد إذ بات غاية ما نتمناه فى الوقت الراهن أن تستلم الرسالة فقط، أملا فى أن نحذو حذوهم يوما ما قولوا إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.